في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الترويج لعدد من المشروعات الكبري لجذب الاستثمارات الأجنبية والخاصة المحلية.. في ظل ما يقال حول حدوث انتعاشة في الاقتصاد العالمي.. إلا أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الحكومة حاليا هي كيفية إعادة الصورة الذهنية لمناخ الاستثمار في مصر والتي كانت عليها قبل أزمة مدينتي وحكم بطلان عقد التخصيص الذي حصل عليه صاحب القضية المهندس حمدي الفخراني. طبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الأهالي» فإن هذا الحكم، أو هذه القضية بالتحديد قد لعبت دورا في حدوث تخوفات لدي العديد من رجال الأعمال في مصر وحتي المستثمرين الأجانب أصحاب المشروعات وكذلك الذين كانوا يعتزمون الاستثمار في مصر. هذه التخوفات دفعت الحكومة ولجانها الوزارية المختصة لعقد العديد من الاجتماعات لوضع حد لعمليات تخصيص الأراضي للمشروعات الاستثمارية، خاصة أنها تستهدف جذب استثمارات أجنبية تصل إلي 10 مليارات دولار بعد أن انخفضت تلك الاستثمارات خلال العام المالي الماضي إلي 6 مليارات دولار وقد اضطرت الحكومة، تحت وطأة هذا التراجع إلي زيادة حجم الاستثمارات العامة خلال العام المالي الماضي وحتي العام الحالي.. وطبقا لما قاله أحد المسئولين في الحكومة رغم أن الاستثمارات الأجنبية لا تمثل سوي 20% من إجمالي الاستثمارات في مصر فإن الحكومة ليست سعيدة علي الإطلاق بزيادة الاستثمارات الحكومية علي اعتبار أن حجم الاستثمارات الأجنبية غالبا ما يعكس ثقة المستثمرين ويعبر عن مناخ الاستثمار في مصر. لقد اضطرت الحكومة - بعد حكم بطلان عقد مدينتي - وفي ظل الدعاوي التي انهالت من منظمات المجتمع المدني وحتي الأفراد والمحامين ضد عمليات تخصيص الأراضي لمشروعات عديدة منها بالم هيلز وأراضي المدرسة الأمريكية والبريطانية وغيرها من المشروعات الاستثمارية وحتي أراضي الشركة المصرية - الكويتية إلي إعادة النظر في عمليات طرح المشروعات الاستثمارية الجديدة.. والتي تصاحبها الآن ضرورة تقنين عمليات التخصيص حتي يمكن تجنب دعاوي البطلان. خاصة أنها تعتزم الآن لأول مرة عقد مؤتمر دولي خلال الشهرين القادمين لطرح عدد من المشروعات الاستثمارية الكبري التي تصل تكلفتها المبدئية إلي أكثر من 70 مليار جنيه علي غرار ما يحدث في العديد من الدول الأوروبية ودول الخليج لكن حتي يمكن تقنين الأوضاع تتعمد الحكومة حاليا طرح مشروعات تابعة لوزارة النقل.. وهي ذات طبيعة خاصة ولا تحتاج لعمليات تخصيص أراض وخلافه لحين انتهاء الأزمات المتعلقة بعمليات التخصيص السابقة، ويكفي أن أحد الوزراء عقب الاجتماع الوزاري لمواجهة أزمة مدينتي وتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا توقع خلال الاجتماع أن تنهال القضايا ضد العديد من المشروعات وهو ما حدث بالفعل. خلال الأسبوع الماضي، اتفقت الوزارات المعنية في الاجتماع الوزاري المخصص لاستخدامات أراضي الدولة علي إعداد إطار عام لحماية أراضي الدولة وعمليات التخصيص وذلك من خلال إنشاء جهاز جديد ليس لأحد سلطان عليه وله الحق في اتخاذ الإجراءات كاملة دون الدخول في حلقات الروتين الحكومي، هذا الجهاز طبقا للتصورات العامة ينهي توزيع المسئوليات والتداخل بين الوزارات المعنية وسيكون بمثابة الأداة التنفيذية دون الرجوع لأحد.. لكن في نفس الوقت لن تكون عمليات التخصيص موزعة علي الوزارات.. بل سينهي ما كان يتم في العقود السابقة ولن يصبح من حق الزراعة التخصيص بعيدا عن الحكومة.. وكذلك الوزارات الأخري مثل السياحة والصناعة! والاستثمار وحتي المحافظات. في الحقيقة - كما قال أحد المسئولين في الحكومة - هناك ثلاثة قوانين قديمة لابد من إعادة النظر فيها وتوحيدها تماما مثلما تم في قانون البناء الموحد.. وهي قوانين كانت توزع السلطات بين الوزارات وتعطي الوزارات حق التخصيص وهي القانون 143 لسنة 81 والقانون 7 لسنة 1991 وأخيرا القانون 89 لسنة 98، علاوة علي وجود جهازين موجودين حاليا.. المجلس الأعلي للتخطيط والتنمية العمرانية وكان يشرف علي استخدامات أراضي الدولة وكذلك المركز الوطني لاستخدامات الأراضي وهو الذي يحدد قائمة الأراضي.. لكن تريد الحكومة الآن تأسيس جهاز جديد يكون له اليد العليا والمشرف علي الجهازين السابقين.. ويعني بحماية أراضي الدولة ويكون له حق الإدارة والمراقبة والتنفيذ.. وفي حالة إنشاء هذا الجهاز لن تكون هناك عمليات تصالح في عمليات وضع اليد.. أو في حالة تغيير النشاط.. بل سيكون له حق الإزالة الفورية ومراقبة القرارات الإدارية دون الرجوع لأي جهة في الدولة. وأكدت المصادر أن قصة مدينتي وما تبعها من قضايا قد أثرت علي سمعة الاستثمارات التي تحتاج إلي أراض.. وهذا ما دفعنا إلي ضرورة التعجيل بالإجراءات الجديدة وعملية إنشاء الجهاز لطمأنة المستثمرين.