صباح الخميس الماضي، 19 سبتمبر، تولت الإعلامية صفاء حجازي قيادة (قطاع الأخبار) بالتليفزيون المصري خلفا لإبراهيم الصياد الذي خلف الرئيس الأسبق عبد اللطيف المناوي عام 2011 والمناوي ترك القطاع بعد ثورة 25 يناير وثورة العاملين في التليفزيون علي القيادات السابقة والتي تنتمي لعصر مبارك، بينما ترك الصياد موقعه لإحالته للمعاش.. ولكن الجديد في هذا أنها المرة الأولي التي تتولي فيها «امرأة رئاسة قطاع الأخبار منذ انطلاق بث التليفزيون المصري عام 1960، وأنه في الوقت الذي تعددت فيها اسماء الإعلاميات اللواتي تقلدن منصب رئيس التليفزيون نفسه، إضافة لرئيسات القنوات، فقد ظلت رئاسة قطاع الأخبار حكرا علي الإعلاميين الرجال، حتي مع وجود أسماء تتميز بالكفاءة وتقوم بالقيادة عمليا مثل الإعلامية القديرة (نوال سري) .. مع ذلك، فإننا نعول علي الكفاءة وحدها هنا وفي تاريخ صفاء حجازي المهني علامتان واضحتان، الأولي هي تاريخها كقارئة نشرة أخبارية متمكنة تتميز بالرصانة والقراءة «الحكيمة»، والثانية هي برنامجها الشهير (بيت العرب) الذي يعد أهم برنامج قدمه التليفزيون عن العالم العربي وسياساته متخذا من مقر الجامعة العربية واجتماعاتها وما حولها من هوامش وخلافات وتحالفات مساحة للتعبير عن حالة الحوار العربي.. وكانت حوارات صفاء مع القادة والسياسيين وأمناء الجامعة وأعضاء الوفود هي العمود الفقري لهذا البرنامج الذي لم ينغمس في الدعاية السياسية ولم يتعاط الانتقاد الصريح للسياسات العربية وإنما قدم وجهات نظر ناقدة لها بأسلوب غير صدامي ولكنه واضح وقوي.. تحقيق بعد التكليف ومن الجدير بالذكر أنه في الوقت الذي صدر فيه قرار تولي صفاء حجازي مسئولية قطاع الأخبار، فإن وزيرة الإعلام، درية شرف الدين، حولت المسئولين في القطاع للتحقيق في اليوم التالي، الجمعة 20 سبتمبر بسبب تخلف التليفزيون المصري عن تغطية أحداث كرداسة ووصول القنوات الخاصة قبله، وفي الخبر الذي نشرته عدة صحف انفردت الجمهورية بأن الوزيرة اتخذت قرارا عاجلا باسناد القطاع لصفاء حجازي مناقضة بذلك الخبر الأول الذي يأتي فيه هذا التكليف ضمن تكليفات أخري عديدة داخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون تبدو فيه قرارات الوزيرة سابقة لتغطية أحداث كرداسة والدليل علي هذا- وفقا للخبر- استبعاد مدير عام المندوبين للقطاع لعدم إرساله مندوبا لتغطية الاحداث رغم علمه- أي «رأفت الفقي» ببدء عملية الاقتحام.. وهو ما يزيد الأمر غرابة، ففي واجهة العمل الذي يصدره التليفزيون العام التابع للدولة لمشاهديه تأتي تغطيات قطاع الأخبار في المرتبة الأولي من الاهتمام لسببين رئيسيين: أولا: المسئولية، وثانيا المصداقية، وحيث مازال المشاهد يدرك، ولو بنسب متفاوتة، أن ماتقدمه له نشرات الأخبار في التليفزيون المصري صادق ومعبر عن مسئولية الدولة نفسها تجاه مواطنيها، ولقد ضربت هذه المصداقية في مقتل بعد ثورة 25 يناير حين خذل التليفزيون مشاهديه بفعل التواطؤ السياسي مع نظام مبارك، ودفع التليفزيون ثمنا غاليا من انصراف أغلب جماهيره التي ذهبت إلي القنوات الخاصة، خاصة (الجزيرة مباشر مصر) التي انصرفت عنها نفس الجماهير في الشهور القليلة الماضية لسببين: الأول هو استشرافها للجهد الكبير الذي يبذله قطاع الاخبار وقناة النيل للاخبار والتليفزيوين المصري عامة في العودة لسابق عهده، والأمر الثاني هو اكتشاف نفس الجماهير لمدي التضليل الذي تمارسه الجزيرة مباشر مصر ثم الشبكة كلها ضد أغلبية الشعب المصري في انحيازها الدائم والمستمر تجاه (الإخوان) وللدرجة التي يتم فيها تغييب كل الأحداث لصالح أي فعل إخواني في أي مكان.. مهما صغر شأنه. من إدارة الأخبار المركزية .. إلي رئاسة القطاع من جانبها.. أعلنت صفاء حجازي في أول حوار لها بجريدة الجمهورية (19/9) أنها تولت منذ فبراير الماضي إدارة الأخبار المركزية بالقطاع وعلي مدي خمسة أشهر (وكنت في حالة استنفار كامل) قبل أن تأتي أحداث 30 يونيو وما بعدها حيث وقع ما كانت الأحداث تؤكد وقوعه مؤكدة أنها تعمل بالتراضي مع زملائها والعاملين بالقطاع في نوع من التعاون والإدارة المشتركة وهو ما جعلهم يعملون بمعدل يتراوح بين 12-19 ساعة يوميا منذ بدأ الاستنفار الحقيقي من شهر مايو الماضي.. وتؤكد رئيسة القطاع الجديدة علي أمور مهمة في اعتقادي في حوارها المذكور مع الزميل فكري كمون: الأول هو أن التعاون والإدارة المشتركة سوف تسترد بهما الأرضيات التي فقدها التليفزيون المصري، وتستعيد حميمية العلاقة مع هذا التليفزيون والتي كانت موجودة منذ انطلق بثه وبدأ هذا واضحا في الشهور الماضية القليلة، أما الأمر الثاني فهو التوازن بين المسئولية وحجم المنافسة بمعني أن للمشاهد الحق في معرفة الخبر بسرعة، ودون نقصان، أو مبالغة، والوصول إلي موقع الحدث أولا وخدمة ما بعد الخبر. أما كيف يحدث هذا.. فهذه مسئولية الرئيسة الجديدة للقطاع، ومسئولية تليفزيون الدولة الذي يمتلك مساحة في كل القنوات التي تبث من خلاله اضافة إلي قناة النيل للأخبار وقناة النيل الدولية المخصصة للعالم الخارجي وقطاع للأخبار المسموعة يخص الاذاعات المصرية وأخيرا.. راديو مصر الذي يكتسب كل يوم جمهورا جديدا.. ومن الغريب أن تخرج من هذه المعادلة القنوات الإقليمية التابعة لاتحاد الاذاعة والتليفزيون والتي يمكن أن تكون ظهيرا مهما لقطاع الاخبار في نقل الأحداث من كل المحافظات بسرعة وكفاءة وهو لغز لا يمكن أن يجيب عليه أحد سوي وزيرة الإعلام شخصيا.