صدر حديثا كتاب وصف مصر في أدب نجيب محفوظ «الملوك والزؤساء والزعماء» للناقد مصطفي بيومي عن مركز الأهرام للنشر والترجمة. يهتم بيومي برصد الظواهر الاجتماعية من خلال الأعمال الأدبية ولديه عدة مؤلفات منها الرؤية الوفدية عند نجيب محفوظ «والفكاهة عند نجيب محفوظ». وهذا الكتاب يكشف النقاب عن علاقة المصريين بزعمائهم ورؤسائهم. أشار بيومي في مقدمة الكتاب إلي انعكاس رؤية محفوظ الوفدية علي تقييمه السياسي دون تعصب أو تشنج فضلا عن براعة محفوظ في التمييز بين الشخصي والعام وبين العداء والتأييد وايمانه بالتعددية والاختلاف، وهذا جعل محفوظ يري في هؤلاء الملوك والرؤساء بشرا غير معصومين كما أنهم ليسوا شياطين بلا ملامح إنسانية. الخديو الشاب اتضحت شعبية الخديو عباس حلمي الثاني في العديد من روايات نجيب محفوظ حيث يتمني ياسين في رواية «بين القصرين» أن تسترد الخلافة سابق عزتها وأن يعود عباس وفريد إلي الوطن». إلا أنه بعد هزيمة الألمان وإعلان الهدنة تبددت هذه الآمال فنجد فهمي يقول «لا أمل في أن يعود عباس أو فريد وكذلك آمال الخلافة قد ضاعت لايزال نجم الانجليز في صعود ونجمنا في أفول». السلطان فؤّاد في روايات محفوظ السابقة لثورة يوليو لم يظهر اسم الملك فؤاد إلا في رواية القاهرةالجديدة، وهو وجود محايد فرضه تولي ابنه فاروق لعرش مصر، ولكن سرعان ماتحرر محفوظ من حياده الجبري بعد الثورة ليعلن انتقاده لفؤاد علي لسان ياسين عبد الجواد في «بين القصرين». ويري الناقد مصطفي بيومي أن عالم محفوظ يتسم بعداء موضوعي للملك فؤاد ولكن الإشارة ذات الطبيعة الشخصية نجدها في قصة مولانا من مجموعة الفجر الكاذب والتي تتحدث عن شبيه الملك فاروق. وتعد رواية السمان والخريف من أكثر روايات محفوظ التي تعبر عن موقع فاروق في الحياة السياسية إذ تبدأ أحداث الرواية مع حريق القاهرة يناير 1952 حيث قال محفوظ علي لسان عيسي الدباغ بطل الرواية «لولا الخونة لأوقفنا الملك عند حدوده الدستورية ولحققنا الاستقلال». الزعيم سعد زغلول يحظي سعد زغلول باهتمام خاص في عالم نجيب محفوظ حيث عبر عن هذا في محاكمات «أمام العرش» عندما سأل امحتب وزير الملك زوسر سعد قائلا «لماذا قبلت العمل في ظل الاحتلال ولم تنضم للحزب الوطني؟ فأجاب سعد «كان الحزب الوطني يدعو لمبادئ خيالية لا مفاوضه إلا بعد الجلاء وهذا يعني بقاء الاحتلال للأبد.. وقد قبلت الحياة الرسمية لأداء خدمات لوطن كان في أشد الحاجة إليها». تحولات سياسية تعد رواية الكرنك بداية اتخاذ محفوظ لموقف صريح من الحقبة الناصرية وذلك بعد رحيل عبد الناصر حيث سلطت الضوء علي قضية التعذيب وتجاوزات الاجهزة الأمنية وعلي رأسها جهاز المخابرات والذي رمز لرئيسها بشخصية خالد صفوان. وعلق محفوظ علي العدوان الثلاثي 1956 والاحداث التي اعقبته بقوله «احتجت امريكا بجدية وصرامة وتتابعت الانذارات الروسية كالصواريخ حتي اجبر الغزاة علي تصفية نصرهم بأنفسهم» وهذا التعليق سلب من عبد الناصر فضل النصر وأحاله للتدخل الخارجي. عصر مبارك لا يتسع عالم نجيب محفوظ للكثير عن الرئيس مبارك نظرا لأن الاعمال القليلة التي صدرت في عهده تطرقت لفترات تاريخية سابقة باستثناء رواية صباح الورد حيث عبر حسين الجمحي عن تشككه في القادم الجديد «أتشك جدا في أنه يمكن انقاذ السفينة من الغرق ولذلك فإني افكر في هجره بلا رجعة». وكذلك رواية قشتمر حيث ذهب الراوي واصدقاؤه من كبار السن متكئين علي العصي الي مراكز الاستفتاء لانتخاب الرئيس الجديد الذي تعلقت به آمالهم في الأمان والحياة.