الخضوع والتوقيع علي «عنتيبي».. أو الرفض والدفاع عن الحقوق التاريخية والمعاهدات الدولية كتب منصور عبدالغني: فشل الدكتور محمد مرسي في التعامل مع أزمة سد النهضة الأثيوبي ولم تنجح حتي الآن رئاسة الجمهورية في التواصل مع الحكومة الإثيوبية في ظل إعلان الأخيرة رفضها التام الحديث عن السد وحقها كدولة في استغلال مياه النهر التي تمر بأراضيها دون شروط وتأكيداتها للخارجية المصرية علي مواقفها السابقة بعدم اعترافها باتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي تتحدث عن الحقوق التاريخية لمصر في مياه النهر ومراقبيها علي طول المجري المائي والإخطار المسبق عن المشروعات التي تتعلق بالمياه. كتبت الخارجية الإثيوبية النهاية لمبادرة دول حوض النيل التي تجمع كل دول الحوض منذ 1997 في مشروعات مشتركة لتنمية مصادر المياه وتعظيم العائد من الأمطار التي تصل إلي 1600 مليار متر مكعب سنويا منها 1400 مليار من أثيوبيا فقط ولا يصل منها لمصر سوي 55 مليار متر مكعب وبإعلان انتهاء المبادرة تتوقف جميع المفاوضات والإطار القانوني للتوصل إلي اتفاقية جديدة حول المياه والعودة إلي نقطة البداية التي تطالب فيها إثيوبيا بإعادة تقسيم المياه وفقا لآليات جديدة مثل عدد السكان والمساحة الجغرافية وغيرها والتي تصل بالحصة المصرية إلي أقل من 50% مما هي عليه الآن. وتسبب الرئيس الحالي لمصر في إنهاء ما يسمي بمبادرة دول حوض النيل الشرقي بين مصر والسودان وأثيوبيا للحفاظ علي 85% من حصة مصر من المياه وتوقف معها مشروع الربط الكهربائي التمويل الخاص يعمل دراساته للربط بين مصر وإثيوبيا والتصدير إلي أوروبا من خلال شبكة الربط الثماني العربي التي توقفت هي الأخري بسبب الأحداث في المنطقة ولم يعد أمام الحكومة المصرية سوي خيارين إما التوقيع علي اتفاقية «عنتيبي» التي تطيح بجميع الحقوق المصرية في مياه النهر وتلغي كل الاتفاقيات السابقة وتفتح المجال حول بيع المياه لدول المصب «مصر والسودان» ونقلها إلي دول أخري خارج الحوض مثل إسرائيل بالمخالفة لقوانين المياه الدولية والاتفاقيات التي يعمل من خلالها المجلس العالمي للمياه الأمر الذي يتضمنه الشريك المتمثل في نهر الكونغو والذي يتحدث عنه حاليا مراهقو السياسة في مصر خاصة أنه يضمن موافقة مصر علي نقل مياه النيل إلي إسرائيل مثلما تم نقل مياه نهر الكونغو إلي حوض النيل وسقوط المانع الدولي الذي يحرّم نقل مياه الأنهار خارج أحواضها وهو العائق الحقيقي أمام نقل مياه النيل إلي سيناء. والخيار الثاني يتضمن التصدي للأطماع الإثيوبية وعدم اعترافها بالقانون والاتفاقيات الدولية والتمسك بالحقوق المصرية في مياه النهر والدفاع عنها طبقا للخطط والدراسات والبدائل التي تمت دراستها والتدريب عليها الأمر الذي يعني الصدام مع إثيوبيا ومعها كينيا في دول الحوض الغربي. تسبب الموقف المتخاذل الذي لا يرقي إلي مستوي الحدث في استمرار المساعي الإثيوبية وساهمت الأصوات الحكومية التي تحدثت عن عدم الاضرار الخاصة بالسد في انضمام جنوب السودان إلي المخطط الإثيوبي خاصة أن السد يقع علي حدودها ولم تصدر مصر حتي الآن موقفا رسميا واضحا يتعلق برفض السد والتصدي له أو قبوله والأمر لا يتعدي مراوغات ومناقشات وتصريحات إعلامية ودعائية في قضية لا تحتمل ذلك. تدخلت جهات سيادية لدي رئاسة الجمهورية لمنع مؤيديها ومريديها من التعامل مع قضية سد النهضة وترك الدولة ومؤسساتها للتعامل مع القضية وفقا لمسئولية كل مؤسسة ومهامها الخاصة بالمياه.