الآباء اليسوعيون "الجزويت" رهبنة صوفية رسولية أسسها القديس الصوفي الإسباني " أغناطيوس دي ليولا " عام 1520 نسبة إلي مدينته التي تجاور مسقط رأس القطب الصوفي الأندلسي "ابن عربي" ، ولوحدة المبدأ والأساس الذي ينطلق من رؤية الله في كل شيء ؛ اهتم الرهبان أبناء أغناطيوس بالدراسات الإسلامية الصوفية وبشكل خاص ابن العم "ابن عربي" . وتجدر الإشارة إلي ارتباط رسالة الرهبنة بعصر النهضة في أوروبا حيث امتزجت روحانية الرهبنة الصوفية بالحداثة والمسئولية الاجتماعية للفرد المواطن ، وتجسدت في الثقافة وتجلّت في الفنون خاصة ثقافة الصورة وتخرًّج في مدارسها وجامعاتها رواد للمسرح أمثال "ستانسلافسكي" ، والسينما مثل "ايزنشتاين" صاحب أول فيلم سينمائي (المدرعة بوتومكين) وآخرين مثل "تشارلي شابلن " وفيلليني" و "هيتشكوك" ، وكذلك تبنت الرهبنة تيار الباروك في الفن التشكيلي والعمارة. ويعود اهتمام الجزويت بثقافة الصورة لارتباط الروحانية الصوفية الخاصة بهم بإعمال المخيلة فيما يخص المشاهدات والتجليات الروحية في المنهج الصوفي الأغناطي المسمي ب "الرياضات الروحية". والصيام عند اليسوعيين لا يقتصر فقط علي الانقطاع عن المأكل والشراب ولكن يمتد أيضاً للصيام عن الكلام ، ومن ثم تعد ثقافة الصمت والإصغاء لصوت الله داخلنا من الأركان الأساسية للصوفية اليسوعية . دخلت الرهبنة مصر منذ بداية عصر محمد علي وتأسيس الدولة الحديثة ويذكر أن الأب "جوليان اليسوعي" كان من أصدقاء محمد علي ، وافتتحت الرهبنة مدارسها منذ قرنٍ ونصف قرن ، وأسست المسرح المدرسي وتخرج فيها أجيال مختلفة من الفنانين مثل "حسن كامي" و "هشام سليم" و "رامي إمام" وآخرين. وجسدت مراكز الجزويت الثقافية مثل (مفتاح الحياة في أرمنت - الجزويت والفرير بالمنيا - النهضة العلمية والثقافية بالفجالة - مركز الجزويت الثقافي بالإسكندرية) الاهتمام بالفن وتخرج فيها العديد من رواد السينما المستقلة والمسرح المستقل والرقص الحديث والصحافة وغيرها من الفنون. ويعيش الآباء اليسوعيون الشهر الكريم مع أشقائهم المسلمين دون أي افتعالٍ أو ضجيج حيث تُقدّم الموائد الثقافية والفنية بديلاً عن موائد الرحمن ، فتصول وتجول فرق الإنشاد الصوفي مثل فرقة الشيخ أحمد التوني والفرق الصوفية الأندلسية وغيرها من الفنون في امتزاجٍ بين نقاء القلب وصفاء الوجدان وتجليات الروح علي موائد الرحمن اليسوعية الصوفية.