تنفذ القوات المسلحة أكبر خطة خداع استراتيجي في تاريخها الحديث تفوق في أهميتها وما يترتب عليها من نتائج الخطة التي تم تنفيذها خلال حرب أكتوبر 1973 وكانت سببا رئيسيا في عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف بأقل خسائر في العتاد والأرواح. الخبراء العسكريون والمتابعون للشأن العسكري والمتخصصون في الاستراتيجيات يتابعون تحركات وخطوات القيادة العامة للقوات المسلحة بترقب وحرص شديدين، تشاركهم في ذلك أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية وجميعهم يجمع علي أن الفريق أول «عبدالفتاح السيسي» القائد العام والفريق صدقي صبحي رئيس الأركان يقومان بأخطر خطة خداع وتمويه في تاريخ العسكرية المصرية الحديث. الأهمية والخطورة تأتي من كون الخطة تتعلق بوجود الدولة المصرية ومستقبلها وهويتها ومصير جيشها وعقيدته القتالية الراسخة والضاربة بجذورها في أعماق الشخصية الوطنية وفي ظل الظروف الحالية التي تعصف بالدولة وثوابتها ومقدراتها تأتي ردود أفعال ورسائل الفريق السيسي مبهمة وغير واضحة وتحتمل تفسيرات عديدة ولا يمكن لخبير متخصص أن يجزم ويؤكد الهدف من تلك الرسالة أو هذا التصريح أو ذاك التسريب المعتمد، ودائما ما يبقي الباب مفتوحا أمام الجميع ليفهم كل جهة ما تريد، فالرئيس وجماعته يفهمون ويسوقون الحديث عن الشرعية بأنها سمع وطاعة لهم وللصندوق الذي أتي بهم خاصة مع حرصهم الدائم والمستمر علي التودد وإظهار الاحترام وعدم استفزاز المؤسسة العسكرية ومنحها ما تريد من صلاحيات وعدم إجبارها علي تقديم تنازلات تتعارض وعقيدتها العسكرية. أما السياسيون والنشطاء وشباب الميادين فيفسرون رسائل السيسي علي أنها تحمي وجود الدولة وتمنع انهيارها وتحركه مرهون بتعرضها للخطر وشرعية الجماهير هي التي يقصدها، وعن المواطن العادي في حقله ومصنعه، ومدرسته فإن ما يقوله السيسي يمثل له ضمانة لتأمين حياته والحصول علي متطلباته اليومية في حدها الأدني مع التأكيد علي استقلال الجيش كمؤسسة وطنية تمثل أطياف الشعب كافة وتعمل لصالحه. المؤكد وجود الخطة وتنفيذها بحرفية شديدة واحترافية عسكرية عالية وطبقا لمسماها وطبيعتها لا يمكن معرفة حقيقتها وأهدافها وهل هي خطة كتطويع الجيش وتحييده خلال المرحلة الدقيقة الحالية انتظارا لمرحلة أخري يمكن خلالها قبول تغييرات جذرية في عقيدته العسكرية وفقا لما تسفر عنه توازن الأحداث السياسية الداخلية وتجاذباتها الخارجية أم أنها خطة للحفاظ علي وحدة وتماسك الجيش حاليا كدعامة رئيسية للدولة المصرية المدنية بمكوناتها وروافدها الوطنية. الخداع الاستراتيجي موجود ويلمسه المراقبون والتحركات الداخلية بمساعدة بعض الأطراف الخارجية بتهريب مهمات الجيش المصري ما هي إلا دليل علي شكوك الجماعة الحاكمة في نوايا الفريق أول عبدالفتاح السيسي وخطته للخداع الاستراتيجي ورسائل واضحة بأن كل شيء مباح لتحقيق أهداف التنظيم الدولي، والأمل الوحيد لمواجهة ذلك في مصارحة الشعب والاستعانة به لحماية الدولة المصرية وشعبها وجيشها.