«كفاية إهانة وقلة كرامة» .. إنها الصرخة التى تطلقها آلاف الفتيات والسيدات اللاتى تضطرهن الدراسة أو العمل إلى استقلال القطار بشكل منتظم بسبب تعرضهن للتحرشات فى عرباته، مطالبات المجلس القومى للمرأة بأن يكون هناك قطار خاص للمرأة أو على الأقل عربات خاصة بهن كما هو الحال فى المترو. وفى مقارنة بين ما تجده فى المترو وما تجده فى القطار، تقول إحدى السيدات: أشعر بالإهانة فى القطار، أما فى المترو فأشعر بالاحترام لوجود عربات مخصصة للسيدات بدلا من «إحساس الحشرة وسط الرجالة»، ولكن عندما أضطر لاستقلال عربة الرجال، فإنهم ينظرون لى على أننى ارتكبت خطأ كبيراً. ابتسام محمد سيدة غاضبة جدا من المجتمع الذكورى بسبب ما تتعرض له فى المواصلات العامة، وتقول: عندما أستقل القطار فى الصباح للذهاب إلى عملى فى محافظة أخرى، ووسط الزحام الشديد أجد نفسى أمام خيارين إما الاقتحام والتحمل أو التراجع والانسحاب، فأكون مضطرة إلى الخيار الأول. وتضيف: الرجال افتقدوا الشهامة، فلم أعد أرى شابا يدعو مسنا أو سيدة حاملاً إلى الجلوس مكانه. وتتذكر بألم: «لا أستطيع نسيان أن إحدى زميلاتى فى العمل كانت تسافر معنا، وسقطت تحت عجلات القطار». «سامية» مسافرة أخرى تقول: أسافر منذ فترة طويلة جدا، ومنذ بدأت علاقتى بالسفر، وأنا أعانى من الزحام والإهانة وسماع الكلمات الجارحة والاستفزاز من جانب بعض الرجال الذين يرددون «إحنا مش عارفين انتو بتخرجوا من بيوتكوا ليه انتو المفروض تطبخوا وتكنسوا وبس»، ولذلك فكرنا فى تقديم مطالب للمسؤولين بتخصيص عربات للسيدات فى القطار، كما هو الحال فى المترو. ومن «سامية» إلى «أسماء»: عندما أخرج من البيت أدعو الله ب«الرحمة»، فأنا أعرف أننى ذاهبة إلى الموت وليس استقلال القطار فقط، فإما الزحام والعراك مع الرجال والاستماع منهم إلى أسوأ الألفاظ، وإما أن يفوتنى القطار. وعند الصعود إلى القطار، الذى يأتى عادة متأخرا، يتدافع الرجال لدرجة لا تستطيع معها السيدات التدخل، وأجد رجالا «مبسوطين» لهذا الزحام، لأنه سيحقق لهم أغراضهم الدنيئة. ولمزيد من توضيح أنواع الرجال تضيف: هناك نوع آخر من الرجال ينظر إلينا باحتقار، وكأننا خرجنا من منازلنا لمجرد «الاستعراض» وجذب انتباه الشباب، وليس من أجل العلم أو العمل، فمعظم الفتيات المسافرات فى وظائف جيدة، فمنهن المهندسة والطبيبة، ومنهن من هى فى كليتى الألسن والإعلام وغيرهما من كليات القمة. «نور» على سبيل المثال تعمل مهندسة فى شركة الكترونيات، وتسافر منذ أكثر من 7 سنوات، تقول: «وجدت داخل القطار ما لا يرضى بشراً، نتزاحم مع الرجال فى القطار لأننا مرتبطات بمواعيد عمل لا يمكن التأخر عنها، ونلقى منهم الضرب والإهانة وكأن القطار صنع خصيصا لهم حتى إن بعضهم يقولون لنا «مش كفاية عليكوا عربات المترو عاوزين القطار كمان، اتعبوا فى القطار وارتاحوا فى المترو»، وبالإضافة إلى ذلك نتعرض للتحرش سواء كان عبر الكلام القذر أو الفعل بملامستهم لأجسامنا بحجة الزحام، ونحن لا نستطع فعل أى شىء ولا حتى الصراخ. إحدى السيدات تحكى: أسافر بالقطار منذ 18 عاما، والقطار قديما عكس الآن.. قديما كنا لا نشعر بالإهانة، وكان الرجال محترمين ويقدرون المرأة، فيسمحون للبنت بالدخول أولا ويقفون لتجلس هى، ولكن الآن ندخل إلى القطار ب«العافية»، وإن دخلنا نسمع ما لا يليق سماعه، وعلينا أيضا تحمل أدخنة السجائر الخانقة. وهذا رجل يدعى فاروق مصطفى «موظف» يرفض اصطحاب بناته معه بالقطار خوفا من تعرضهن ل«الاحتكاك» والمعاكسات من جانب الأولاد، مطالبا بتخصيص عربات بالقطارات للسيدات فقط، وفرض غرامات على المخالفين مع تطبيق قانون منع التدخين فى القطارات أو تخصيص مكان محدد للتدخين. ماجد إبراهيم وجد أن عربتى مترو الأنفاق لا تؤديان الغرض، وينبغى تخصيص مواصلات أكثر للنساء فقط، فأنشأ »جروب« على موقع الفيس بوك، يطالب فيه بتخصيص مواصلات للنساء فقط، منعاً للمضايقات والتحرشات، تحت اسم «مواصلات للبنات وبس». ويشرح فكرة الجروب، قائلاً: «أرى بعينى يومياً كم السخافات التى يرتكبها العديد من الشباب المستهتر فى حق البنات، وأنا كشخص تربى على مبادئ وأخلاق تعى معنى أن قوامة الرجال على النساء يؤذينى جدا استهتار الشباب».