مساء الأحد الماضي، عرضت نصف دستة فضائيات – علي الأقل – تسجيلا لياسر برهامي، أحد أقطاب السلفيين المكفرين للمصريين من غير أتباع تيارات الإسلام السياسي، يناقش فيه أنصاره في ميزات الدستور المرفوض، وكيف أن هناك بنودا كثيرة مرت علي الكثيرين سوف تحقق لهم – أي السلفيين – ما يريدونه منه، منه إضافة الدستور نفسه إلي القانون في الحكم علي الجرائم وهو ما يعني نزع سلطة القضاء أو تقسيمها بين القضاة وغيرهم ممن وضعوا الدستور، أيضا قال الشيخ ياسر إن الكنائس لم تحصل علي ما تريده من الدستور وطالب شيوخ الفضائيات الدينية بالهجوم علي البابا، وأخيرا، قال لأنصاره إن عليهم تهدئة أنفسهم قليلا في الهجوم علي الإعلام والصحافة حتي لا يثيروا العالم عليهم، لكن ما يريدونه سوف يمر. مساء الخميس – قبل ثلاثة أيام من تسجيل الشيخ برهامي المتسرب والذي حدث يوم 22 نوفمبر الماضي – جلس وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود للرد علي أسئلة نواب الشوري والصحفيين في جلسة استماع للجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، من ضمن ما قاله الوزير إنه لو استطاع أن يعين الإخوان في كل المواقع بالإذاعة والتليفزيون لفعل، لأنهم الأفضل اداء وعملا «وربما خلقا» وأن هذا ما أورده حكم قضائي «لم يذكره وفي أي وقت صدر» ولكن المشكلة عند الوزير أن الموقف في اتحاد الإذاعة والتليفزيون متفجر والمشاكل كثيرة جدا، وقد تحولت هذه الجلسة إلي مكلمة لمن أمسك الميكروفون في البداية من السائلين قبل أن يسأل البعض أسئلة مهمة وقبل أن يجيب إسماعيل الششتاوي، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الجديد عن ضبط منظومة الإعلام من خلال ضوابط، قائلا إن المطلوب هو ميثاق شرف إعلامي ومدونة الأخلاق، والتي تقوم علي معايير الحيادية والمهنية والتوازن والالتزام بما يخدم الحقيقة.. ليكون السؤال الصعب هو ما هي جهة الإلزام للإعلام والإعلاميين بتطبيق هذا الميثاق وتلك المدونة؟ ومن هم الذين سوف يوكل إليهم هذا العمل؟ ومن هي اللجنة التي سوف تضع قانون البث المسموع والمرئي؟ وهل سوف تأتي علي شاكلة اللجنة التي وضعت الدستور المأسوف عليه؟ بالطبع هناك بارقة أمل فيما قاله رئيس الاتحاد نفسه حين خاطب أعضاء لجنة الثقافة والإعلام بقوله «أطالب حضراتكم بالإسراع بقانون للبث يرتضيه الإعلاميون بضمائرهم، والمبادرة بوضع مسودة له وسوف ندعو كل الأخوة في الإعلام الخاص للتعليق عليه» وهذه هي المأساة التي لا يصلح معها «حسن النوايا» لدي السيد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يطالب بقانون للبث يرتضيه الإعلاميون، وقانون للمعلومات يتيح للإعلاميين الحصول عليها من خلال الإتاحة والتداول، وأيضا قانون للنقابة وحرية إعلام كاملة ومسئولة ومعايير مهنية كاملة والتزام قيمي وأخلاقي وأيضا التزام قانوني بعيدا عن الحبس.. هذا الكلام المهم لهذا الرئيس المسئول، لم ينسجم مع أسئلة أعضاء اللجنة الذين سألوا الوزير عن الميزات والاستثناءات التي تحصل عليها دريم، ولماذا تترك قنوات BBC والجزيرة مباشر وسكاي نيوز والعربية تعمل بحرية من خلال مكاتبها؟ وهو ما أصر عليه عماد المهدي وكيل لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس الذي لام الوزير علي تركه هذه القنوات الدولية تعمل بدون حساب قائلا «إزاي انت سايب قنوات تانية مفتوحة وموجودة؟ والحقيقة أن الوزير فند موقف هذه الفضائيات الدولية كما قال إن القانون يطبق علي القنوات الخاصة وأنها تدفع ما عليها، وأعلن أيضا عن مخالفات أخري لدريم في استهلاك المياه من خلال الاستثناء!، غير أن الحقيقة الناصعة الآن هو الاحتياج إلي قانون جديد للإعلام والبث المسموع والمرئي يسع كل المستجدات التي حدثت علي مدي 34 عاما منذ صدور القانون رقم 13 لسنة 1979 والذي تجاوزه الزمن بمراحل.. لكن السؤال الآن هو من الذي يضع هذا القانون الجديد للإعلام وللبث؟ ومن الذي سوف يمرر ما يريده غصبا عن الجميع من خلاله «أرجع!» الشيخ برهامي في أول المقال وهل هناك أمان في وضع قانون في هذه المرحلة بعد كل ما مررنا به في وضع الدستور؟ وهل هناك ثقة في قانون جديد للإعلام بعد حصار المدينة والقائمة السوداء للشيخ حازم وأنصاره «والذي لم يتعرض له القانون بسوء».. نعم نحتاج لقانون جديد للإعلام.. ولكننا قبل هذا نحتاج إلي مناخ جديد نشعر فيه بالأمان.