حسين العوداتلوحظ في الشهر الأخير تغير في السياسة الروسية تجاه الأزمة السورية، رغم أن هذا التغير متردد وغير واضح تماماً ولا محدد المعالم، وقابل للنفي والتبرؤ منه وقد وردت دلالته في تصريحات ثلاثة أولها تصريح فلاديمير بوغدانوف ووفد الرئيس بوتين إلي سوريا الذي قاله في اجتماع للجنة محلية، ثم تسرب إلي الصحافة الروسية ومنها إلي الصحافة العالمية، ولايعرف إذا كان تسريبه مقصوداً أم بالصدفة فقد أكدت وزارة الخارجية الروسية أنه نشر محرفاً وأنه جاء في سياق اجتماع لجنة محلية ولم يقصد به أن يكون معبراً عن السياسة الروسية. وعلي أية حال قال بوغدانوف في تصريحه بعدم إمكانية انتصار السلطة السورية عسكرياً، ونادي بحوار بين المعارضة بما فيها المسلحة والسلطة، وأكد أن السياسة في بلاده غير متمسكة بالرئيس الأسد ولايهمها مستقبله. وبالتالي تخلت هذه التصريحات عن أمرين مهمين كانا يشكلان جزءاً أساسياً في السياسة الروسية تجاه سورية: أولهما رفض أي حديث عن تنحي الرئيس الأسد أو تغييره أو حتي نقده، وبالتالي الإصرار علي استمراره في منصبه حتي عام 2014 عام انتهاء ولايته، والأمر الثاني هو عدم تكرار الأزمة الروسية التي تسمي المقاومة المسلحة بالإرهابيين. وكان واضحاً أن هناك شيئاً ما يتغير في السياسة الروسية رغم النفي الرسمي لهذه التصريحات. والتصريح الثاني كان تصريح وزير الخارجية الروسي لافروف الذي (رغم صداقته للنظام السوري) لم يتعرض فيه كعادته للإصرار علي دعم النظام واتهام المعارضة المسلحة، بل توجه نحو اتهام الغرب وإدانته لأنه يشجع المعارضة المسلحة السورية، مما يؤهلها للاستيلاء علي الأسلحة الكيماوية. وأكد أن روسيا حصلت علي ضمان أكيد من سورية بأنها لن تستخدم هذه الأسلحة بأي شكل من الأشكال. والملاحظ في هذا التصريح أنه تخلي أيضاً عن الثابتين الأساسيين في السياسة الروسية المشار إليهما وهما استمرار الرئيس الأسد واتهام المقاومة بالإرهاب. وكان التصريح الثالث وهو الأهم ما جاء في كلمة بوتين إلي شعبه بمناسية انتخابه في أحد المؤتمرات الصحفية حيث قال صراحة أن سياسة بلاده ليست مهمومة باستمرار نظام الرئيس الأسد حيث تحكم عائلته منذ أربعين عاماً وقد تغيرت الظروف ولابد لسياستها أن تتغير وإنما هم السياسة الروسية هو مستقبل الشعب السوري وشكل النظام الذي يأتي بعد النظام الحالي وخشية هذه السياسة في أن تتحول المعارضة إلي سلطة والسلطة إلي معارضة، وتستمر الحرب الدموية، وتتعرض الأقليات السورية إلي الخطر. ويتخلي هذا التصريح بصراحة أيضاً عن السياسة الروسية السابقة ويؤشر إلي موقف روسي جديد. اتفاق أمريكي روسي يقول المراقبون أن السياستين الروسية والأمريكية اتفقتا في دبلن باجتماع وزيري خارجيتهما وحضور الأخضر الإبراهيمي علي مبادرة أو مشروع مبادرة لحل الأزمة السورية، خلاصتها تكليف حكومة انتقالية من المعارضة والسلطة (يترأسها معارض ويكون ثلثا وزرائها من المعارضة). والثلث الثالث من أهل السلطة الذين لم تتلوث أيديهم بالفساد والدماء، علي أن توافق المعارضة عليهم، وتكلف هذه الحكومة بصلاحيات رئيس الجمهورية كاملة، وتقوم في الفترة الانتقالية بمعالجة هيكلة الجيش وأجهزة الأمن وإصدار القوانين والقرارات التي تعيد للمجتمع أمنه واطمئنانه وتضع مؤشرات إعادة البناء وصولاً إلي انتخاب هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد. وقد اتفق الطرفان الروسي والأمريكي علي هذه النقاط. وبقي أمر واحد مدار خلاف هو مستقبل الرئيس الأسد فالروس يريدون بقاءه حتي عام 2014 والأمريكان يقولون بضرورة تنحيته خلال شهرين أو ثلاثة باستقالة يقدمها إلي الشعب السوري، علي أن يذهب معه كبار ضباط الجيش الذين تورطوا في القتل وضباط الأمن الذين ساهموا به أيضاً. ويري المراقبون أن الطرفين علي وشك حل هذه المسألة بتسوية بينهما تتم بعد عودة الإبراهيمي من زيارته لسورية. بشار يرفض بقي من المهم القول أن هناك شكوكا في أن يقبل الرئيس الأسد ونظامه هذا المشروع، وأن تقبل به المعارضة أيضاً، فالطرف الأول يرفض التنحي والطرف الثاني يرفض بقاءه حتي لشهر واحد. ولاشك أن هذه عقبة كأداء أمام أي حل، ولأن الطرفين الروسي والأمريكي يتوقعان ذلك فسوف يصدران مشروع المبادرة بقرار من مجلس الأمن، ولكن حسب الفصل السادس بناء علي الطلب الروسي، مع ضمان أكيد من الدول الكبري بفرض هذه المبادرة تماماً كما يفرضها البند السابع الذي يسمح باستخدام القوة، ويؤكد الرءوس أن تضامن الدول الكبري كفيل بإلزام النظام السوري بقبولها.