يعد كأس العالم لكرة القدم معرضا كرويا رياضيا كبيرا يحاول كل منتخب تقديم العرض الأفضل من خلاله للعالم.. والمدربون جزء من تلك العروض فإبداعهم التدريبي قد يسحب البساط من تحت أقدام النجوم من اللاعبين.. فلا شك أن المديرين الفنيين أصبحوا نجوم الساحرة المستديرة من خلال شخصياتهم القيادية والفنية والإدارية داخل وخارج المستطيل الأخضر. فمن خلال أرقي وأفضل محفل تنافسي نري أن المدرب الوطني يقدم بجانب الفكر التدريبي المتطور عناصر أخري تساهم وتدعم منتخب بلاده بشكل أكثر إيجابية من المدرب الأجنبي ألا وهي حث اللاعبين والتحلي بالروح العالية والحماس ويتسلحون بالإرادة والتحدي.. ويبحثون عن الآمال العريضة في مواصلة التفوق من خلال سقف طموحاتهم وشعورهم بالمسئولية تجاه جماهيرهم وشعبهم الذي وثق في قدراتهم بشأن إسعادهم.. فالأمثلة لا تعد ولا تحصي في مونديال القارة السمراء حتي بين ال 23 مدربا وطنيا تتعدي نسبة المجيدين أكثر من 70 في المائة فلنبدأ بالمنتخب المكسيكي الذي يرأس إدارته الفنية المدرب الوطني خافيير أجويري فهو يعد المنقذ لهم خلال التصفيات وصاحب الفضل في وصولهم للمرة ال 14 إلي كأس العالم وواصل تفوقه مع منتخب الأزيتيك واقترب بقوة من التأهل للصعود للدور الثاني من خلال مجموعته الأولي ويسير علي نفس الدرب المدرب الأوروجواياني أوسكار تاباريز ويصاحب جاره المكسيكي في التأهل إلي دور ال 16 فتوجيهاتهما وإسهاماتهما الفنية كانت كفيلة بتحقيق نجاحاتهما حتي الآن في المونديال. أما المدربان الوطنيان بوب برادلي قائد الكتيبة الأمريكية وماتياز كيك السلوفيني يؤكدان جدراتهما من خلال التشكيلة الجيدة لفريقهما والثقة التي زرعاها بين صفوف الفريق في كل من منتخب بلاده حتي باتوا علي أعتاب الدور الثاني.. وكذلك منتخب الماكينات الألمانية بقيادة المدير الفني المجتهد يواكيم لوف الذي أثبت قدرة هائلة علي تحفيز لاعبيه وتجهيزهم بالشكل الأمثل لخوض مونديال القارة السمراء بشأن المنافسة علي اللقب وبالفعل شاهدنا المنتخب الألماني يقدم أفضل العروض والنتائج بالرغم من خسارته المفاجئة أمام صربيا ويرجع الفضل للمظهر المشرف الذي ظهر عليه الماكينات للمدرب الوطني الشاعر بمسئولياته تجاه وطنه يواكيم لوف.. ونري نفس الشعور والإحساس وضح علي قائد المنتخب الصربي المدير الفني رادومير أنيتش الذي نجح في تجاوز خسارته الأولي أمام غانا واستطاع أن يعيد التوازن لفريقه ويحقق مفاجأة من العيار الثقيل ويدفع لاعبيه بالمنافسة علي الصعود للدور الثاني ويتغلبوا علي ألمانيا. أما الطاحونة الهولندية يقودها مدرب صاحب طموح وإصرار شديد علي تحقيق حلم الملايين في بلاده نجح بأعلي الدرجات في نقل هذا الإحساس للاعبي المنتخب البرتقالي.. في نفس المجموعة الذي يضمها المنتخب الهولندي يسعي مارتن أولسن مدرب الدنمارك إسعاد شعبه وخلق روح التحدي وعدم اليأس في عناصر فريقه وقدرتهم علي تعويض إخفاقهم في افتتاح مباريات المجموعة أمام الطاحونة الهولندية وأعتقد أنه سينجح في مهمته الوطنية ويعيد أمجاد العصر الذهبي للديناميت الدنماركي ويصل بعيدا في مونديال القارة السمراء.. ونصل إلي نجوم المونديال والمديرين الفنيين لأبطال العالم ونستهل الحديث بالإيطالي حامل اللقب مارشيللو ليبي عاد مجددا لقيادة المنتخب الأزوري بعد يورو 2008 ليعيد الروح والحماس والآمال من جديد لإيطاليا من خلال فكره وتعامله النفسي مع لاعبيه بشأن المحافظة علي اللقب وإسعاد جماهير الأزرق، وكذلك قائد نجوم السيليساو السامبا البرازيلية الذي أعاد التوازن للفريق وبث الثقة في لاعبيه واقتناعه التام بقدرات نجومه كاكا وفابيانو وروبينهو وقدرتهم علي تحقيق اللقب السادس في تاريخهم، ويسير علي نفس النهج ويعمل ويجتهد ويواجه انتقادات وصعوبات بالغة الأسطورة الأرجنتينية مارادونا يراهن علي نجوم الفريق والتعامل النفسي في مقدمة عناصره وأدواته التدريبية حتي الآن ومن مباراة لأخري في المونديال يثبت رؤيته الصائبة.. وهناك آخرون يأملون في إسعاد أوطانهم كمدرب الماتادور الهادئ دل بوسكي والبرتغالي الطموح كيروش إلا أن لكل قاعدة استثناء.. فمستوي الديوك الفرنسية المنتخب الفرنسي وصيف المونديال الماضي يبرهن علي فشل المدير الفني الوطني ريمون دومينيك من خلال الأداء الرتيم فالفريق بلا طعم ولا رائحة ولا لون اختياراته خاطئة تعتمد علي الشعوذة والأبراج والخرافات إنها سقطة فنية بالإضافة لسوء التشكيل وضعف فكره التكتيكي. وإذا تطرقنا للوجه الآخر في العمل التدريبي.. المدربون الأجانب الذين يقودون منتخبات أخري نلمس الداء ونستشعر بالفارق بين الحرص علي النجاح للسمعة المهنية وبين السعي إلي رفع راية الوطن شامخة في المحفل الكروي العالمي «كأس العالم» فلنبدأ بالبلد المضيف جنوب أفريقيا الذي يرأس قيادتها الفنية البرازيلي المخضرم كارلوس ألبرتوا باريرا لم نشهد بصمته علي الفريق فهناك غياب للروح والحافز علي إسعاد الجماهير المساندة بقوة لمنتخب بلادها، وظهر إخفاقه معهم وفشله في تجاوز حتي الدور الأول وليخرج منظم البطولة للمرة الأولي في تاريخ كئوس العالم في هذا الدور.. وتتوالي الأمثلة في مونديال القارة السمراء. المنتخب النيجيري الذي يقوده فنيا السويدي لارس لاجرباك الذي خسر حتي الآن مباراتين في مجموعته الثانية وباتت فرصته ضعيفة في بلوغ الدور الثاني لم يستشعر خبراء اللعبة الحس الوطني والإرادة والإصرار في اللاعبين لتعويض إخفاقهم.. وكذلك مدرب المنتخب الاسترالي الهولندي بيم فيربيك، لم يحرك ساكنا مع خسارة فريقه برباعية من الماكينات الألمانية.. لكن هنا جانب مضيء لابد أن نعطيه حقه وهذا ينطبق بشكل واضح علي المدرب الصربي ميلوفان راجيفتش قادة الكتيبة الغانية ونجاحه في بداية مشواره بالمونديال وكذلك مدرب المنتخب السويسري المخضرم الألماني أوثمار هيتسفيلد الذي استهل كأس العالم بمفاجأة مدوية بإقصائه لبطل أوروبا وأبرز مرشحي المونديال المنتخب الإسباني لكن السؤال هنا هل يواصلون التقدم والنجاح أم ما تحقق كان ضربة حظ؟.