رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 50 مليار دولار    مقتل 18 عراقيا فى غارات للتحالف بسوريا    إيران تطالب بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بعد اغتيال حسن نصر الله    إيران تدعو مجلس الأمن لعقد اجتماع طارئ إثر اغتيال نصر الله    سي إن إن: الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح بري محدود للبنان لكن القرار لم يتخذ    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    طوارئ في الموانئ بسبب سرعة الرياح والطقس السئ    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    بعد اغتيال نصر الله.. كيف تكون تحركات يحيى السنوار في غزة؟    بايدن يتلقى إفادة بشأن الشرق الأوسط ويراجع وضع القوات الأمريكية بالمنطقة    إسرائيل: دمرنا قسمًا كبيرًا من مخزون حزب الله الصاروخي    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    مدحت العدل: جوميز يظهر دائمًا في المباريات الكبيرة وتفوق على كولر    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    عمرو أديب يشكك بركلة جزاء الأهلي ويقارنها بهدف منسي: الجول الحلال أهو    صلح شيرين عبد الوهاب وشقيقها محمد.. والأخير يرد: انتى تاج راسى    بعد انخفاض عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    «غرور واستهتار».. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على الهزيمة أمام الزمالك    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    انخفاض جماعي.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    وزير الخارجية يتفقد القطع الأثرية المصرية المستردة في القنصلية العامة بنيويورك    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    يوسف الشريف يبدأ تصوير فيلم ديربى الموت من داخل مباراة كأس السوبر.. صورة    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي (فيديو)    المخرج هادي الباجوري: كثيرون في المجتمع لا يحبون فكرة المرأة القوية    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذگري يوم ميلاده ورحيله.. عبدالرحمن الشرقاوي حلم العدالة بين المثال والواقع
نشر في الأهالي يوم 13 - 11 - 2012

كان يعتبر الثقافة المصرية ثروة قومية وإنسانية، وهذه الثقافة بحاجة دائمة إلي التطوير، حتي تتخلص من كل تقاليدها الجامدة، وتصبح ثقافة عصرية منفتحة علي ثقافات العالم، بعمقها التاريخي، وجيشانها المعبر عن حضارة القرن العشرين.
وعلي كثرة المشاق والمصاعب التي تعرض لها عبدالرحمن الشرقاوي، والهجمات التي حاولت النيل منه بغير حق، من السلطة وعديمي الموهبة والجهلاء، فقد ظل موضع احترام وتقدير وإكبار كل المثقفين الذين تعاملوا معه من جميع التيارات، ووجدوا فيه أديبا مخلصا للكلمة الحرة إخلاصه للوطن، يبذل قصاري جهده من أجل إثراء الحياة الثقافية في بلادنا بالمبدعين الشباب، الذين يحمون الأمة، ويرفعون قيم العدل والحرية، ولم يخيب أحد منهم ظن الشرقاوي فيه.
ولهذا فإن الذين يدينون لعبدالرحمن الشرقاوي عدد جم من الكتاب والشعراء والنقاد والصحفيين، مهد لهم الطريق، ونزع عنه الأشواك، لكي يتمكنوا من السير إلي آخر الشوط، وينتفع الوطن بأفضل ما يملكون.
ويمكن أن نذكر من هذه الشخصيات أسماء أحمد بهاء الدين، حسن فؤاد، رشدي صالح، ألفريد فرج، فتحي غانم، يوسف إدريس، وعشرات غيرهم، دفع بهم عبدالرحمن الشرقاوي إلي حياتنا الثقافية، وأصبحوا من أعلامها.
والذين عرفوا عبدالرحمن الشرقاوي عن قرب، وتمتعوا بصداقته ومودته، لا يجمعهم حصر، لأنه كان يري في كل من يلتقي بهم قيمة إنسانية تسبق كل شيء، ويجب ألا تهدر هذه القيمة التي كانت تتجلي له في أجمل صورها، كما تتجلي في أدبه لحظات التحول في التاريخ.
وبهذه الروح كان الشرقاوي يستخلص الحكمة من معاناة الناس، ولم يكن يجد حرجا في الاعتراف بفضل من تأثر بهم في سنوات التكوين، بمن فيهم من هم أقل شهرة منه، مثل سعد مكاوي الذي يذكر الشرقاوي أنه سار علي نسقه في كتابة القصة.
ورغم قراءاته المتبحرة في التراث العربي والأجنبي، القديم والحديث، وفي مقدمته السير الشعبية، فقد كان يري أن الحياة الواقعية هي التي تصوغ فكر الإنسان، ومن حصيلة القراءات ومعايشة الواقع يتشكل إدراك الفرد وأهدافه.
ويعد عبدالرحمن الشرقاوي أحد رعاة الثقافة والمثقفين قبل أن يكون قصاصا وشاعرا وروائيا ومسرحيا وكاتب مقال من أعلي طراز، حدد في الخمسينيات من القرن الماضي، أو كان أحد الذين حددوا، الشكل الفني للأدب الجديد الملتزم.
استقي أعماله من حساسية حديثه لا يخطؤها البصر، لم تكن لنا في الماضي، أبرزها في الشعر الحر وفي مسرحياته الخطاب المفتوح إلي رؤساء الدول وإلي الشهداء والزوجة، مستخدما ضمير المتكلم، ولغة قريبة التناول جدا، يثبت بها أن الشعر ليس في الكلمات، سواء كانت تقريرية أو مجنحة، وإنما في صياغة أو تركيب هذه الكلمات.
وكان الشرقاوي يعرف جيدا كيف ينتزع المعاني الشاعرية من الأشياء النثرية الصغيرة، ويدمجها في بنائه الفني.
ومع أن مسرحه ضرب في التاريخ والتراث، إلا أن وعيه المتوهج بالحاضر، وبما يحفل به من حقائق وتحديات وخلط، لم يخفت لحظة واحدة، أملا في تصحيح خطاياه وتسديد عثراته التي تنشأ عادة من بعد المسافة بين المثال والواقع، وبين المبدأ والضرورة.
في هذه المسافة يتعرض الوجود البشري للبغض والشر، وتهدر حقوق الإنسان.
وكل من شاهد في الستينيات علي المسرح القومي مسرحية «الفتي مهران» للشرقاوي، لابد أنه يذكر الفنان عبدالله غيث، الفتي مهران، قبل أن يتنازل ويساوم ويسقط، وهو يوجه رسائله النابعة من معاناة الشعب إلي السلطان في دولة المماليك، الذي دفع بجنوده إلي ساحات القتال في معارك لا ناقة له فيها ولا جمل، مطالبا إياه أن يترك عزلته، ويلتحم بالشعب، ولا يضع السكين في أيد أعدت للفئوس.
ولأن أدب الشرقاوي لا ينفصل عن الوسط التاريخي الذي كتب فيه، فقد قرأ علي ضوء هذا الظرف، ولم تكن هذه القراءات تؤيد لما فيه من إسقاطات ينعي فيها الشرقاوي الحروب علي إطلاقها، وليس فقط حروب التحرير خارج الوطن، ومصر تحارب بجيشها في اليمن.
ولايزال الجزء الأكبر من مقالات الشرقاوي التي تعكس أبعاد الحياة الثقافية والسياسية مطوية في الدوريات الصحفية، في مجلات وصحف الأربعينيات وما بعدها، لم تجمع في كتب، رغم ما تنبض به من ثراء فكري، وجمال التعبير.
وكما تختلف روايات الشرقاوي عن الريف المصري عن الروايات السابقة عليها، في صدق الرؤية للمجتمع المصري، فإن مسرحه الشعري أيضا يختلف عن مسرح شوقي الذي كان المثال الوحيد في الثقافة العربية، وإن وجدت بجانبه وفي إثره تجارب أكثر تطورا، علي رأسها بالطبع مسرحيات علي أحمد باكثير الشعرية التي تأثر فيها بمسرح شكسبير.
أما مسرح الشرقاوي الذي تتضافر فيه موهبة الشاعر مع موهبة الروائي، فلم يسلم من المواقف الخطابية والغنائية التي تفتقد التركيز، علي نحو ما نجد في مسرحيته الشعرية الأولي «مأساة جميلة» التي أخذ النقاد عليها حصر البطولة في شخصية واحدة هي جميلة بوحريد، لا في شعب الجزائر الذي قدم علي أرضه آلاف الشهداء في مقاومته للاستعمار الفرنسي.
وخطأ الشرقاوي في هذه المسرحية أنه صاغ المأساة الدرامية من مادة ملحمية، بعيدة عن ساحة النفس.
وعبدالرحمن الشرقاوي من كتاب المسرح الذين يشاهدون أعمالهم علي المنصة مع الجمهور في جميع ليالي العرض، ويستفيد من انفعالات وتعليقات هذا الجمهور من ليلة إلي ليلة، كما يستفيد من آراء وملاحظات أصدقائه المقربين، بل ومن أداء الممثلين في البروفات، أكثر مما يستفيد من نقد النقاد.
وكتب أو تراجم الشرقاوي الإسلامية تكشف ما يزخر به التاريخ والتراث من طاقات إنسانية باهرة، لا تقارن إلا بإسلاميات طه حسين.
ولد عبدالرحمن الشرقاوي في 10 نوفمبر 1920، وتوفي في سن السابعة والستين في نفس اليوم الذي ولد فيه من عام 1987.
وهذا التوافق النادر بين تاريخ الميلاد وتاريخ الوفاة لم يحدث لأحد من الأدباء فيما أعلم إلا للشاعر المسرحي شكسبير الذي ولد في 23 أبريل 1564، وتوفي في 23 أبريل من عام 1916.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.