كشفت التقارير الحكومية عن مؤشرات خطيرة تتعلق بمدي التردي والانحدار الشديدين لمستوي التعليم بمحافظة بني سويف، وأكدت أن أدني مستوي للتعليم يوجد في بني سويف بل إنه مستمر في التراجع عام بعد عام. احتلت بني سويف مؤخرة محافظات مصر في معدلات القراءة والكتابة إلي نسبة 51% من اجمالي البالغين ذكورا وإناثا ووصلت إلي 43% للبالغات من الإناث. مما يشير إلي أن نصف أهل بني سويف يعانون الأمية ، بالإضافة إلي ضرر واضح من الاختلالات والتفاوت الملحوظ، خاصة بين الريف والحضر، بل وبين مركز وآخر بالمحافظة، حيث بلغت 8ر70% للعارفين مجرد القراءة والكتابة بمركز بني سويف مقابل 54% بمركز الفشن. فالأمية تزيد علي 43% في ريف بني سويف، وعلي 30% في حضرها، بل إن هناك قري تبلغ الأمية فيها 55% من سكانها كقرية بني عقبة بالفشن. ويتصل بذلك مؤشر آخر يؤثر في انتشار التعليم ببني سويف، وهو تراجع نسبة قيد التلاميذ في التعليم بجميع المراحل التعليمية، حيث يتناقص عدد المتعلمين بالمحافظة، فبني سويف هي الأدني بين مختلف محافظات مصر في نسبة القيد بمختلف المراحل التعليمية. بينما تزيد نسبة القيد بالتعليم بمصر علي 5ر73% عموما، تتوقف في بني سويف عند 68% ، خاصة بالريف، حيث تنخفض في مدينة ببا عن 55% وعن 8ر52% بقرية دلهانس بالفشن. وهذا يعني تزايد نسبة القادمين الجدد إلي هاوية الأمية (فكلما قل عدد المتعلمين زاد عدد الأميين ببني سويف).. لتصبح الأمية حالة متجددة متزايدة يتعذر القضاء عليها، رغم كل ما يقال وينفق من ملايين بحجة «محو الأمية» بهذه المحافظة. وحتي بين الحاصلين علي مؤهلات متوسطة وعليا، تظل بني سويف أضعف الحلقات في التعليم المصري، حيث لم يزد اصحاب المؤهلات علي 21% تتدني إلي نسبة 16% في الريف. بل إن المدن الحضرية بالمحافظة تتفاوت فيها نسبة الحاصلين علي مؤهلات علمية بين سكانها، فبينما تصل إلي 8ر65% بمدينة بني سويف (عاصمة المحافظة) فإنها تتحدر بشدة إلي 19% فقط بمدينة ناصر. وتبلغ المأساة ذروتها بين قري بني سويف، فبينما تصل بالكاد نسب أصحاب المؤهلات بقرية تزمنت الشرقية (كأفضل قرية) إلي 5ر44% تتهاوي بقسوة إلي 3% في قرية بني عفان بمركز ببا!! وربما تكون هذه النسبة (الفضيحة) الأسوأ علي مستوي العالم! ويستمر حديث الارقام ليجسد فداحة الوضع التعليمي بمحافظة بني سويف، خاصة بالنظر للمستقبل: تمثل (علميا ومجتمعيا) نسبة القيد التعليمي بالمرحلة الابتدائية، مؤشرا أساسيا للوقوف علي مدي جدوي الانجازات الفعلية الراهنة للتطور التعليمي في المستقبل المنظور.. لذلك فإن بني سويف تمثل نموذجا للوضع التعليمي المحزن رغم الشعارات «تطوير التعليم» و«تحسين التعليم» و«التدريب» و«البعثات الأجنبية».. إلخ». فبينما كان معدل الالتحاق بالصف الأول الابتدائي (بداية التعليم الأساس) عام 1994، 85% زادت علي 88% عام 1998 «نجده يتراجع عام 2003 إلي 83% ثم نجده في آخر الاحصاءات الحكومية 81% وهذه نسبة تتخلف كثيرا عن النسب العامة بمصر كلها والتي ترتفع إلي 91% كمتوسط لكل محافظات مصر. أما في المرحلة الاعدادية فتتأكد زيادة تسرب الطلاب من التعليم ببني سويف عاما بعد عام . فقد بلغت نسبة الذين انهوا تعليمهم الابتدائي ولم يلتحقوا بالاعدادي نسبة 5% في العام الأخير، بينما كانوا عام 2001 يقلون عن ذلك كثيرا. ولعل ذلك سببه انخفاض المستوي الاقتصادي، وجذب سوق العمل للأطفال خاصة في قطاع الزراعة والريف والحرفيين بالمدينة، مع عدم توافر الوعي بالتعليم خاصة بالريف.. مع نقص المدارس والفصول بالاعدادي.. ويصل الوضع إلي درجة أن بعض القري مثل قرية «النواميس» بمركز الواسطي تزيد نسبة المتسربين من الاعدادي إلي 28%. وهذا معناه خطير جدا أي أن ربع طلاب الابتدائي في بعض قري بني سويف يخرجون من التعليم إلي الورش أو الحقل أو حتي الشارع بعد انتهاء تعليمهم الابتدائي!! هذا وقد بلغ نسبة القيد بالتعليم الاعدادي عموما في آخر عام 82%، وهي أقل مما كانت عام 2001 التي كانت النسبة فيه 87%. وهكذا يزداد غير المتعلمين خلافا لكل محافظات مصر، وعند الوصول للمرحلة الثانوية تتسع الكارثة: عندما نجد أن أكثر من 10% ممن يتجازون التعليم الاعدادي يعجزون عن مواصلة التعليم الثانوي، وهذه ايضا تزيد علي الأعوام العشرة السابقة، لم تكن تزد نسبة المتخلفين عن الثانوي عام1996 علي 4% فقط. وهذا جعل نسبة القيد بالثانوي عموما تتراجع إلي 62% من هم في سن التعليم الثانوي، مسجلة أسوأ وضع تعليمي في مصر كلها، وليزيد عدد الأميين ببني سويف صغار السن بكل أسف. ولعل إحصاءات أعداد التلاميذ في كل مرحلة تعليمية تزيد الأمر وضوحا: ففي الابتدائي لم يزد عدد تلاميذ هذا العام سوي 28 تلميذا فقط عن العام الماضي!! رغم زيادة عدد السكان الطبيعية. أما في الاعدادي نقص عدد تلاميذ هذا العام عن عام 2004، فقد بلغوا عام (99) ألفا بينما كانوا عام 2004 أكثر من 137 ألفا. وأيضا في الثانوي نقص عدد تلاميذه هذا العام عن العام الماضي، بلغوا عام 2006، 89 ألفا بينما كانوا عام 2005 أكثر من 92 ألفا.