في يوم الجمعة 17 مارس 2006 – أي منذ أكثر من ستة أعوام – انعقدت الجمعية العمومية العادية لنقابة الصحفيين مسجلة لحدث تاريخي، وهو اكتمال نصاب عقد الجمعية العمومية لغير غرض انتخابات مجلس إدارة النقابة منذ عقود والفصل بين الجمعية العمومية المخصصة للانتخابات والأخري المخصصة لمناقشة تقرير مجلس النقابة ومشاكل الصحفيين. وقالت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين ضمن قراراتها وتوصياتها «.. وقد توقفت الجمعية بوجه خاص أمام الأوضاع المجحفة والشاذة التي تعاني منها مؤسسات الصحافة المصرية، سواء علي مستوي الإطار التشريعي المتخلف الذي يقيد قدرتها علي التعبير عن قضايا المجتمع ويشهر في وجهها سيف الحبس في جرائم النشر، أو علي مستوي الأوضاع المؤسسية للعمل التي تمنح القلة من المحظوظين كل شيء وتمنع عن الأغلبية حقهم في أجر عادل وكريم يتناسب مع ما يقدمونه من عرق وجهد»، وأصدرت الجمعية العمومية عددا من القرارات والتوصيات المهمة من بينها.. التمسك بمشروع القانون الذي أعدته النقابة بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر وإلغاء وتعديل بعض النصوص التشريعية المعادية لحرية الرأي والتعبير والصحافة، واستخدام الصحفيين كل أشكال الضغوط والاحتجاج السلمي بما فيها الاعتصام والتظاهر والإضراب عن العمل واحتجاب الصحف تحقيقا لمطالب الصحفيين، والموافقة علي المشروع المقدم من مجلس النقابة بشأن لائحة جديدة لأجور الصحفيين في مختلف المؤسسات الصحفية «قومية وحزبية وخاصة» وبدء التفاوض مع المجلس الأعلي للصحافة والجهات المعنية حول مشروع اللائحة، وتكليف مجلس النقابة بتقديم بلاغ إلي النائب العام ومطالبته بفتح ملف الفساد في بعض المؤسسات الصحفية ومحاسبة كل من تورط في إهدار المال العام. كما أكدت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين تضامنها مع الزملاء العاملين في صحيفة الشعب و«أدانت بقوة استمرار إغلاقها وحجبها عن الصدور.. رغم تواتر الأحكام القضائية النهائية بإعادتها، وطالبت مجلس النقابة التحرك العاجل لحض الجهات المختصة علي المبادرة ببحث وعلاج الخسائر المادية التي لحقت بالزملاء العاملين في صحيفة الشعب نتيجة لإغلاقها التعسفي..». وحال الصحافة اليوم يبدو أسوأ كثيرا مما كانت عليه في مارس 2006، خاصة بعد إقدام مجلس الشوري الذي يمارس حقوق الملكية علي الصحف والمؤسسات القومية علي تغيير رؤساء مجالس إدارات المؤسسات القومية ورؤساء تحرير 52 مطبوعة تصدر عن هذه المؤسسات وتغيير تشكيل المجلس الأعلي للصحافة في اتجاه «أخونة» الصحافة، والمصاعب المالية التي تواجه أغلب المؤسسات الصحفية بدرجة، أو أخري وإفلاس وإغلاق بعض الصحف الحزبية والخاصة. وضمن هذه الأزمة الشاملة تبرز حاليا ثلاث أزمات.. الأولي، تعقد أزمة صحيفة الشعب ومعاناة صحفييها المعتصمين حاليا بنقابة الصحفيين للمطالبة بتسوية أوضاعهم المالية وصرف مرتباتهم المتوقفة منذ 12 عاما (!!) ورفض المسئولين الحاليين تطبيق القرار الصادر في ظل نظام حسني مبارك والموقع من «صفوت الشريف» رئيس مجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة حينئذ و«مكرم محمد أحمد» نقيب الصحفيين، والذي يعالج هذه المشكلة. وانضم إلي صحفيي الشعب 210 من الصحفيين الذين كانوا يعملون في صحف حزبية أو خاصة وتوقفت عن الصدور، ولم يتقاضوا مرتباتهم منذ أكثر من عامين، مثل صحفيي «العربي» الناصري و«الأحرار» و«الغد» و«الجيل» و«الوفد» و«الوطني اليوم». قرار رئيس مجلس الشوري د. أحمد فهمي بإقالة الزميل جمال عبدالرحيم من منصبه كرئيس لتحرير الجمهورية والذي عين فيه منذ ثلاثة أشهر، بحجة نشر الجريدة خبر يتعلق بالقائد العام للقوات المسلحة السابق ورئيس الأركان السابق ثبت عدم صحته، وهو قرار لا يملكه ولا يدخل في سلطته وينتهك قانون تنظيم الصحافة 96 لسنة 1996. الأزمة الثالثة تتمثل في المواد الخاصة بالصحافة المقترحة في مسودة الدستور الجديد والتي نشرتها «الجمعية التأسيسية» يوم الأحد الماضي والتي تنتهك حرية الصحافة. ومن المواضح أن مواجهة هذه الأزمات التي تهدد الصحافة والصحفيين يتطلب تعبئة كل الصحفيين، وعدم الاكتفاء بالوسائل التقليدية في التصدي لهذه الهجمة التترية علي الصحافة المصرية، وخاصة في ظل المشاكل التي تضعف حركة مجلس النقابة المنتخب، وقد يكون الحل في إقدام مجلس النقابة لتشكيل لجنة تحضيرية تعد لعقد مؤتمر عام للصحفيين يتناول الأزمة بكل أبعادها ويطرح رؤية الصحفيين للحل، ويحشد كل القوي الديمقراطية.. أحزابا ومنظمات مجتمع مدني ونقابات لمساندتهم، باعتبار أن قضية الصحافة وحريتها واستقلالها وتنظيمها قضية لا تهم الصحفيين وحدهم وإنما تهم المجتمع كله.