إعلان نتيجة تنسيق القبول بكليات جامعة الأزهر الأحد المقبل    أحمد الدسوقي من أفضل 2% من علماء العالم ضمن تصنيف "ستانفورد" لعام 2024    القومي للمرأة يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد أحد شيوخ الطريقة التيجانية    مدبولي: وثيقة سياسة الملكية تضمن الإدارة المُثلى لأصول الدولة    انقطاع المياه عن عدة مناطق بالمنصورة    محافظ المنوفية يضع حجر أساس مدرستين للتعليم الأساسي والتجريبية للغات بالبتانون    محافظ المنوفية يضع حجر أساس لمدرستين للتعليم الأساسي والتجريبية للغات بالبتانون    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    رئيس الوزراء: نرفض أية محاولات لتصعيد الصراع.. وحريصون على أمن واستقرار لبنان    حزب الله يهاجم تمركزا لمدفعية إسرائيلية في بيت هيلل ويحقق إصابات مباشرة    محافظ القليوبية يكرّم 100 أسرة فلسطينية تضررت من العدوان الإسرائيلي على غزة    3 شهداء خلال حصار الاحتلال منزلا في قباطية جنوب جنين    انفجارات البيجر بلبنان فى كاريكاتير اليوم السابع    خبير سياسات دولية: الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أدوات جديدة ومفاجئة في الحروب    بوكايو ساكا يقود تشكيل آرسنال المتوقع أمام أتالانتا بدوري أبطال أوروبا    عاجل.. آخر تطورات مفاوضات انتقال نجم بيراميدز للزمالك في الميركاتو الصيفي    خالد مرتجي يهدي درع وعلم الأهلي لممثل اليونيسيف في مصر (صور)    شكوك حول مشاركة دي بروين أمام آرسنال في قمة الدوري الإنجليزي    سقوط سيدة من أعلى سطح منزل في بني سويف    أول صور للمصابين المصريين في حادث انقلاب سيارة في درنة الليبية    بشرى تستغيث بنقابة المهن التمثيلية    نجم هوليود ميخائيل جوريفوي يقدم ورشة في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح    فيلم عاشق لأحمد حاتم يتخطى 9 ملايين جنيه خلال 8 أيام عرض    محافظ الأقصر يفتتح فرع مكتبة مصر العامة بمدينة طيبة    أول ظهور لشيرين عبد الوهاب بعد شائعة إجرائها عملية جراحية    وزير الصحة: 16% من الأخطاء الطبية يمكن منعها من خلال التشخيص السليم    وزير الصحة: صناعة الدواء المصرية حققت نجاحات في أوقات شهد فيها العالم أزمات كبيرة    بناء إنسان قادر على ملاحقة المتغيرات ومجابهة التحديات    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق فى الهرم    بروتوكول تعاون بين «التعليم والتضامن والتنمية المحلية وتحالف العمل الأهلي» لتنمية قرى «حياة كريمة»    سمية الخشاب بتروح له البيت..التيجاني يكشف بالأسماء علاقته بالفنانين    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    فرق «بداية جديدة» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب.. صور    "رحلة طويلة مع تصوير فيلم الغربان".. عمرو سعد يروج لأحدث أعماله السينمائية    الجمهور يحتفي بمشهد مؤثر لإيمان العاصي في مسلسل «برغم القانون»    تعرف علي دور "مبادرة ابدأ" فى محافظة القاهرة لتطوير الصناعات المتنوعة    العثور على طفل حديث الولادة بإحدى قرى الحوامدية    «الصحة»: ملتزمون بتعزيز سلامة المرضى وتحقيق أعلى معايير الرعاية للمرضى    منظمة الصحة العالمية حذرت من انتشاره..4 أسئلة عن المتحور الجديد لكوروناXEC    عبدالجليل: الأهلي يمتاز بالرتم السريع.. وجوميز غير مقتنع بصفقة الزمالك الجديدة    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية إكياد البحرية بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    إسرائيل تقدم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار بغزة يشمل بندا خاصا بالسنوار    وزير الري يتابع جاهزية التعامل مع موسم الأمطار الغزيرة والسيول    «الإسكان» تطلق كتيبا توعويا عن قانون التصالح في مخالفات البناء    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 19-9-2024 في محافظة قنا    بوريل يرحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين    الاستعداد للعام الدراسي الجديد 2024-2025: قرارات وزير التعليم وتأثيرها    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمود إسماعيل يكتب : من حرم زينة الله التي أخرج لعباده؟(2)
نشر في الأهالي يوم 16 - 10 - 2012

أثبتنا- في مقال سابق- أن الكتب المقدسة والفلاسفة والحكماء والفقهاء المستنيرون لم يصادروا علي الفنون والآداب؛ بل رفعوها إلي درجة العبادة الروحية. والأهم ما نجم عن تلك الرؤية المستنيرة من آثار ايجابية ليس فقط بصدد تطورها ورقيها، بل كونها كانت من أهم أسباب ازدهار الحضارة العربية الإسلامية بكل جوانبها الروحية والعقلية والمادية والأخلاقية والجمالية. بالمثل، كانت المصادرات اللاهوتية من لدن «فقهاء الحيض والنفاس» علي الآداب والفنون من أهم أسباب دخول تلك الحضارة طور «الانحطاط»، علي حد تعبير ابن خلدون.
يطول بنا الكلام لاثبات تلك الحقيقة، لذلك نكتفي- في هذا المقال- بعرض أمثلة دالة في هذا الصدد.
فالرسول «ص» كان عاشقا للجمال في مخبره ومظهره. وحسبنا أن أخلاقه- حسب قول السيدة عائشة – «كانت أخلاق القرآن» الذي امتدحه في الآية «وإنك لعلي خلق عظيم»، ولا حاجة بنا لاثبات العلاقة بين الأخلاق والجمال، فتلك حقيقة أثبتها الحكماء والفلاسفة المسلمون وغير المسلمين.
وتفيض كتب السيرة النبوية بمادة ضافية بصدد مظهره الذي كان يشع بهاء وصفاء، فكان دوما حسن الطلعة باسم الثغر، حريصا علي رونق هندامه واتساق لباسه، يتطيب بأثمن الطيب ويكحل عينيه و«يأخذ زينته» قبل الصلاة. كما كان شغوفا بالشعر ذواقة، ولا غرو، فقد اتخذ «حسان بن ثابت» شاعرا يطربه بجميل المعاني والألحان في آن.
علي نهجه كان صحابته، إذ يؤثر عن عمر بن الخطاب أنه خصص يوما للترويح عن المسلمين في المسجد النبوي كل أسبوع، وذلك بتقديم مرويات وملح ونوادر كان بعضها مستمدا من فنون الحرب قبل الإسلام.
علي المنوال نفسه، نسج الخليفة عثمان بن عفان الذي خصص لمجلس السمر يومين أسبوعيا.
وعلي الرغم من كون عصرالخلفاء الراشدين عصر فتوح في الخارج، وفتن في الداخل؛ كانت الحياة العامة في «المدينة» تمور بالنشاط والبهجة التي أشعها الإسلام «دين الفطرة». وفي هذا الصدد أمدتنا كتب الآدب بمادة غزيرة وضافية، كما هو حال مؤلفات «ابن قتيبة» و«الثعالبي» و«ابن عبد ربه» وغيرهم. ونكتفي – لذلك- بذكر مجلس السيدة سكينة بنت الحسين الذي كانت تعقده بدارها، فكان أشبه ب «صالون ثقافي» يتحاور فيه الرواد في مسائل الدين إلي جانب الترويح عن النفوس بالملح والنوادر والفكاهات والموسيقي والطرب. لذلك، حق لجماعة «إخوان الصفا» القولا بأن «المتعة» الناجمة عن المعرفة تفوق كل المتع الحسية.
ولعل في ذلك تفسير لما ذكر عن الخليفة معاوية بن ابي سفيان من شغف بسماع ما أبدعه العصر الجاهلي من مرويات، فكان «وهب بن منبه» يحكي له منها ما تيسر قبل أن يخلد للنوم كل مساء. علي أن مجلس السمر «البرئ» هذا تحول في عهود معظم خلفاء بني أمية إلي ما يشبه «الماخور»، في التهتك واحتساء الخمور والعبث مع الجواري والقيان، وحتي الغلمان المرد أحيانا!!
بديهي أن تزدهر العلوم والآدب والفنون إبان العصر العباسي بعد تحقيق الاستقرار والأمن في «دار الإسلام». وأثر عن خلفاء العصر جمعهم بين التدين والعلم وبين مجالس الترفيه بها واللهو، وهو ما انعكس علي حياة الرعية، فشمل كل طبقات المجتمع. فحياة الطبقة الوسطي عبر عنها ادب «ألف ليلة وليلة» بوضوح.
أما العامة، فقد جمعت مجالسهم بين الوعظ الديني وبين «الإمتاع والمؤانسة»، ولم لا، والناس علي دين ملوكهم؟!! لذلك، أبدع العوام أدبا شعبيا يتمثل في الأمثال والملاحم الشعبية، فضلا عن بواكير «المسرح» المعروف ب «خيال الظل» الذي أبدعه «أبن دانيال» وبواكير «القصة» الأدبية -ب المفهوم الحديث- التي تجلت في «مقامات» «الهمداني» و«الحريري». أما الشيعة ، فكانوا يمثلون مأساة الحسين بكربلاء، تلك التي مهدت لظهورالمسرح بالمفهوم الحديث، كما ذهب بعض النقاد.
ونحن في غني عن سرد ما أبدعه الفنان المسلم في مجال الفنون التشكيلية. وحسبنا الإشارة إلي فن «الأرابسك» والزخرفة التي لاتزال تثير دهشة فناني الغرب المعاصر.
وقد أخطأ من تصور تحريم الإسلام لفنون الرسم وتصوير الآدميين. إذ ذكر المؤرخون القدامي أن الفاطميين صوروا خلفاءهم، تلك التي أحرقها صلاح الدين الأيوبي. وإذا كان الخليفة «المتوكل» العباسي قد حرم التصوير علي الرعية- باسم الدين- فقد وجد علماء الآثار صور نساء عاريات بين أطلال قصره في مدينة «سامرا»!!
وحسبنا التنويه بالفنان «بهزاد» الذي أبدع عن الإنسان صورا ورسوما غاية في الجمال والروعة. ولم لا؟ وبعض المخطوطات القديمة الخاصة بعقيدة الإسلام انطوت علي صور ورسوم للرسول «ص» والخلفاء الراشدين، كانت بمثابة «وسائل ايضاح» لتفقيه معتنقي الإسلام من شعوب آسيا الوسطي.
وإذا كان «الفارابي» الفيلسوف قد قدم أول مؤلف في الموسيقي، فقد اكتشف الاندلسي «يحيي الغزال» ما يعرف باسم «الربع تون» الذي أضاف له وترا في آلة العود، وذلك قبل موسيقي أوربا المعاصرين. والأخطر ما جري من الاعتراف بفن «الرقص» علي أنغام الموسيقي اذكر «الغزالي» بأنه لا تثريب علي حركات البدن طالما لا تثير الغرائز.
كما لم يجد «ابن داود الاصفهاني» حرجا في الكتابة عن الحب والجنس في خطاب علمي بالغ الدقة. وعلي نهجه كتابه «الزهرة»، كتب الفقيه «ابن حزم الاندلسي» رائعته «طوق الحمامة» الذي اعتبره فلاسفة الغرب من أعظم ابداعات. والمثير للدهشة أنه كتبه تلبية لرغبة أحد أمراء الاندلس. وقد صدره بعبارة مهمة، أن الخوض في هذاالموضوع «ليس بمنكر في الشريعة» كما كتب السيوطي رسالة صريحة عن فنون النكاح. تناول فيها الكثير من «المسكوت عنه» في عصره.
لذلك كله- وغيره كثير- حكم «الغزالي» علي فقهاء تحريم الفنون بأنهم «فاسدو المزاج، وليس لهم علاج».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.