لم تقف إدانة الكيان الصهيوني علي الآلاف من المواطنين في كل أنحاء العالم حينما خرجوا في 5 يونيو في مظاهرات خاصة بعد كشف صحيفة "الجاردين" البريطانية عن أن الجنود الصهاينة قتلوا 9 نشطاء بشكل متعمد وبطلقات متعددة في الرأس وفي الظهر. لم يملك كبار المثقفين الغربيين إلا التنديد بالجريمة الإسرائيلية فكتب "برنار لانجلوا" في مدونته بمجلة "بوليتيس" الأسبوعية السياسية سلسلة من المقالات بعناوين :"إسرائيل تعاود ممارسة أفعالها" ويذكر فيها بقتل المناضلة المسالمة "راشيل كوري" بشكل متعمد ببلدوزر. وفي مقاله : "إسرائيل قذرة، لا اندهاش"ويقر "لانجلوا" بعدم اندهاشه إطلاقا من عدوان الجيش الإسرائيلي علي القافلة الإنسانية التي حاولت مد الفلسطينيين بغزة بالطعام والدواء ومساندة السكان ضحايا سجن بسماء مفتوحة. فالاعتداء في المياه الدولية التي تحترمها كل الدول المتحضرة لا يدهش من قبل دولة عنصرية تتحول إلي فاشية أيا كانت الحكومة التي تتولي السلطة.. ولا اندهاش من موقف المجتمع الدولي ولا فرنسا في موقفها الذي يحاول فقط تخفيف الصدمة علي الرأي العام المصدوم . أما "دوني سيفير"، رئيس تحرير مجلة "بوليتيس"، فيستخدم أقسي الصفات لإدانة الجريمة الصهيونية.. والتضليل الإسرائيلي الذي يريد أن يمرر بأن الجنود الذين قاموا بالاعتداء هم من تم الاعتداء عليهم.. فالجديد هو أن إسرائيل تعتبر المتعاطفين من المجتمع المدني أعداء جدد لها يجب تخويفهم وبث الرعب بقلوبهم ليكفوا عن مساندة الفلسطينيين وهو استمرار لما قامت به إسرائيل مع عرب 47 -48 وما تقوم به ضد الفلسطينيين واللبنانيين.. وأن ذلك يعكس حقيقة أن المجتمع الدولي جبان لأنه لم يقم أبدا بعقاب إسرائيل عن جرائمها بل أكثر من ذلك يشاركها في التآمر في حصار غزة. وفي حديث في "لاكورييه انترناسيونال" يقول الروائي السويدي "هينينج مانكل" الذي كان من بين أعضاء قافلة الحرية :"إن الإدانة لإسرائيل علي الصعيد العالمي لم تكن أبدا بمثل ما هو الحال اليوم ولذا فلقد أوقعت نفسها في ورطة وأصبحت في قطيعة مع العالم الذي هو اليوم غير ما كان عليه قبل أسبوع". ووصف الجنود الإسرائيليين باللصوص إذ فقد "حقيبته وهاتفه المحمول وجهاز الكمبيوتر وحافظته وبطاقة الائتمان". .. وتشومسكي وإبان وقوع الجريمة تصادف وجود المفكر الأمريكي "ناعوم تشوميسكي" في باريس لإلقاء العديد من المحاضرات واستضافه التلفزيون لإجراء حوار طويل وليعلق علي ما حدث. فقال: " أن لا جديد في السلوك الإسرائيلي فمنذ أكثر من 30 سنة توقف إسرائيل المراكب وترتكب المجازر وتغتال أشخاصا وتختطف آخرين تعتقلهم دون محاكمة. فإسرائيل تمارس محاصرة للشعب الفلسطيني ولا تترك لهم إلا ما يبقي علي حياتهم فهي لا تقدر أن تتركهم يموتون جوعا بصورة جماعية لكي لا تستثير المجتمع الدولي. ومهاجمة قافلة الحرية في المياه الدولية هو فعل إجرامي أيا كان الادعاء الذي يقدمونه للرأي العام." وقال إن "انتقاده الأول موجه للولايات المتحدة التي تحمي إسرائيل وتدافع عنها وتمنع فرض العقوبات عليها وتعارض "بالفيتو" أي قرار ضدها. فالولايات المتحدة وإسرائيل معا لا يريدان تحقيق السلام. أما موقف منظمة "كريف" التي تمثل يهود فرنسا فقد جاء كالعادة مدافعا عن الجريمة الصهيونية الجديدة واتهام راكبي المركب بأنهم من الإسلاميين المقربين من "حماس" وأنهم من قام بالإثارة والعدوان ولإسرائيل حق الدفاع عن نفسها. والملاحظ هو أن المواقف الرسمية للدول الأوربية والغربية لانتقاد أو إدانة إسرائيل كان هو استخدام تعبير "استخدام القوة غير المتكافئ" وهو نفس المصطلح الذي استخدمه الغرب إبان العدوان الإسرائيلي علي غزة. ويضاف إليه تعبير "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" و"أن المغامرين ما كان لهم أن يتوقعوا ردا آخر علي تجاوزهم". ولقد كتب "آلان جريش"، مدير تحرير "لوموند دبلوماتيك" مقالين عن الجريمة وسخر فيهما من الموقف الدولي ومن تردد "برنار كوشنر"، وزير الخارجية الفرنسي، وعدم موافقته علي الحديث عن توقيع عقوبات علي إسرائيل حتي تعرف أولا نتيجة "التحقيق" الذي يطالب بأن يكون تحقيقا دوليا ! فالمجتمع الدولي لم يستطع أن يتخلص من عقدته الدائمة حيال إسرائيل وبرغم ذلك فإن البعض يطالب بقطع العلاقات بين أوربا وإسرائيل مثلما طالب "باتريك لو هيراك" البرلماني الأوربي الشيوعي. واعتبر "دانيل كون بنديت"، زعيم الخضر "أن ما قامت به إسرائيل هو انتهاك خطير لمبادئ القانون الدولي وطالب بفض الحصار عن غزة."