لا يليق بمصر الثورة إصدار أي قانون قبل إقرار الدستور تحقيق : الفت مدكور – ريم عيد فجأة ودون سابق إنذار، أعلن المستشار أحمد مكي وزير العدل عن نيته في تعديل قانون الطوارئ تحت دعوي أنه أعد هذا المشروع منذ فترة طويلة وحان الوقت لإقراره لمجرد أنه وزير العدل.. وهو منطق لا يبرر حالة الاستعجال التي لا تنذر بخير. كشف المستشار احمد مكي وزير العدل واحمد رشدي سلام نائب رئيس محكمة النقض عن مسودة لتعديل قانون الطوارئ الحالي رقم 162 لسنة 1958 قاما باعداده الامر الذي اثار جدلا حول خروج هذا المشروع الان قبل وضع الدستور وفي ظل غياب السلطة التشريعية ” البرلمان”. ويؤكد مكي ورشدي ان المشروع يقلم اظافر السلطة ويهدف الي التخلص من قيود قانون الطوارئ الحالي وتقليص سلطات الرئيس في حالة الطوارئ ومن مزاياه أن أي معتقل قبل ذلك كان لا يسمح له بالتظلم قبل مرور 30 يوما، أما القانون الجديد فيسمح له بالتظلم بعد مرور 7 أيام فقط، وكذلك كان لا يسمح سوي للمتهم فقط بالتقدم بالتظلم أما القانون الجديد فيسمح لكل من يهمه أمر المعتقل بتقديم التظلم. كما يلزم التعديل وزارة الداخلية بإخطار ثلاث جهات هي مجلس القضاء الأعلي ومجلس الشعب والمجلس القومي لحقوق الإنسان بالكشف عن أعداد وأسماء وأماكن المعتقلين، بينما كان ذلك في القانون القديم مجهولا ولا أحد يعرف أي شيء عن المعتقلين. واشار معدا المشروع الي أنهم حاولوا تجنب العبارات المطاطة التي يمكن أن تستغل في القانون الجديد ففي صياغة المادة الأولي كان يوجد في النص القديم عبارة تفيد بأن من الممكن فرض الطوارئ في حالة الحرب أو التهديد بالحرب و أنهم ألغوا هذه العبارة وأكدوا علي ضرورة عدم فرض حالة الطوارئ إلا في وجود حقيقي للحرب، وكذلك حذفوا عبارة “يمكن فرض حالة الطوارئ في حالة تعرض النظام العام للخطر. حظر التجول كانت منال الطيبي المحامية والناشطة في مجال حقوق الانسان من ابرز المعترضين علي مشروع مكي وقالت ل «الاهالي» ان التعديلات الجديدة علي القانون تعطي للرئيس صلاحيات قضائية لقمع أي احتجاجات وفض إضرابات العمال ويحيل المدنيين للقضاء العسكري وتزيد من القيود علي المواطنين وتوسع في حظر التجول والاعتقال بموافقة البرلمان كما ان المادة 5 تلغي كل حقوق المواطنين القانونية وقانون الإجراءات الجنائية بمجرد الاشتباه والنص لم يحدد جهة إصدار أوامر اعتقال وتفتيش المواطنين رغم أنهم “مشتبه فيهم” ولم يصدر بحقهم حكم قضائي. وتزيد منال الطيبي في تفسير النص قائله ان القانون يوجب العقوبة القصوي لأي معتقل تم الإفراج عنه ثم أدين في جريمة حتي لو ثبت أن الاعتقال تعسفياً ويمكن للرئيس تجاهل الاستفتاء عبر قرار ب”تجديد الطوارئ” بموافقة 51% من البرلمان دون الرجوع للشعب وفي الحرب يجوز للرئيس مصادرة الصحف وعزل المناطق والاستيلاء علي العقارات والمنقولات وتكليف أي شخص بأي عمل. ظروف استثنائية ويري عصام الاسلامبولي والمحامي بالنقض انه لا يجوز ان يقدم مشروع التعديل علي القانون قبل الاستقرار علي وضع الدستور الذي سيحدد مسمي حالة الطوارئ هل هي ظروف استثنائية ام حالة حتي يكون هناك تطابق بين النص في الدستور والقانون. ووضع الاسلامبولي علامات استفهام كثيرة حول الكشف عن هذا المشروع الان وشكك في وجود نية في ان تعلن السلطة الحالية فرض حالة الطورئ التي الغيت في اواخر شهر مايو الماضي معتبرا ظهوره في هذا التوقيت مناورة سياسية من السلطة الحاكمة الان تنذر بفرض حالة طوارئ جديدة. ويشير الاسلامبولي الي تضمين المشروع علي مواد خطيرة منها منع التجمع داخل المناطق المعلن بها حالة الطوارئ وايضا عزل حق الطعن علي قرار الاعتقال للقضاء الجنائي دون القضاء الاداري . المحاكم الاستثنائية واعلن المستشار زكريا عبد العزيز -رئيس نادي القضاة الأسبق- انه ضد القوانين الإستثنائية وأيضا المحاكم الإستثنائية فمن الممكن دمج القوانين بالقواعد المحددة واستخدام الإجراءات الإنسانية، لافتا إلي أن هذا الأمر مفوض لرئيس الدولة الذي يحدد المحاكم الاستثنائية التي تقاضي، وإستثناء بعض القوانين إذا توافرت الظروف مثلا الحروب وانتشار الإنفلات الأمني الذي يؤدي إلي زيادة البلطجة، مشيرا الي أن قانون العقوبات من الممكن أن يكفي لردع هذه المشكلات الحالية ولا داعي لوضع قانون الطواريء من الاساس . وأوضح الدكتور محمود السقا أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة- أن أول من نادي بإلغاء قانون الطواريء هو وزير العدل الجديد المستشار أحمد مكي وهو أول من قالها في عهد الرئيس السابق مبارك لأنه ضد الحريات وأن الله يقول “ولقد كرمنا بني آدم” ولا يجب استخدام قانون الطوارئ إلا في حالة إذا تعرضت البلاد لظروف معينة مثل الحروب والكوارث . واضاف السقا إلي أن قانون العقوبات كافٍ وجدير بردع البلطجية وأن قانون الطوارئ لا يليق بمجتمع قام بثورة مثل ثورة 25 يناير التي نادت بالحرية والكرامة الإنسانية كل الجرائم بداية من الغرامة إلي الإعدام متواجدة في قانون العقوبات ولكن قانون الطوارئ مدفون ولا يتفق مع مباديء الثورة. الفترة الانتقالية ويذكرالدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري أن من فضائل المادة (59) من الإعلان الدستوري أنها أنهت حالة الطوارئ وانه من غير الجائز إجراء أي تعديلات فيه الآن في الفترة الانتقالية واضافة اي تعديلات فيه الان إلا بعد استفتاء الشعب، ولابد أن يستهدف التعديل مزيدا من الديمقراطية والحرية والضمانات وترسيخ الرقابة القضائية، مشددا علي أنه لا مبرر لإجراء تعديل علي قانون الطوارئ القائم لأنه يؤدي إلي مزيد من الفتن والخلافات في فترة انتقالية الدستور فيها مازال غائبا. ويحرص الدكتور ثروت بدوي الفقيه الدستوري أن علي التفرقة بين إعلان حالة الطوارئ وبين قانون الطوارئ فالقانون ضروري جدا تفاديا لاستغلال السلطة الحاكمة ما يكون لها من اختصاصات وسلطات استثنائية بالمخالفة للدستور والقانون في حالة قيام ظروف استثنائية مثل الحرب أو الزلازل أو الوباء أو الفيضان، وتتيح هذه الظروف للإدارة وسلطات الشرطة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية البلاد ضد المخاطر والكوارث المترتبة علي تلك الظروف الاستثنائية، ويكون من حق السلطات الخروج علي أحكام الدستور والقانون إعمالا لنظرية الضرورة التي تقوم علي أن “الضرورات تبيح المحظورات” لذلك تراعي الدساتير المختلفة ضرورة تقنين هذه الإجراءات الاستثنائية، فتضع القواعد والأحكام والشروط التي تبين مدي ما يكون للإدارة أو للشرطة من سلطات استثنائية في مواجهة حالات الضرورة حتي لا تسيء الإدارة هذه السلطات الاستثنائية. لا فرق اما شريف الهلالي المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الانسان يري انه لا فرق كبير بين تعديلات مكي وقانون الطوارئ الحالي ذاكرا بعض ايجابياته ومنها جعل مدة التظلم للمعتقلين بعد 7 ايام فقط من اعتقالهم بينما لا تحق له في القانون الحالي الا بعد مرور30 يوما وايضا لا يجيز التعديل اعتقال المشتبه فيه مرة اخري بعد قرار المحكمة بالافراج عنه مرة اخري بينما كانت في القانون القديم من حق السلطات اصدار اوامر لا نهائية بالاعتقال . وذكر الهلالي ان التعديل اعطي للرئيس صلحيات لم تكن موجودة في القانون القديم ومنها فرض حالة الطوارئ قبل الرجوع الي مجلس الشعب ومصادرة الصحف وغلق القنوات وتعيين الافراد المعاونين له في تنفيذ وتقييد الحريات العامة. وقال الهلال ان مشروع مكي يحتاج الي حوار مجتمعي حوله قبل اقراره وخروج مشيرا الي قلق منظمات المجتمع المدني من خروج المشروع في هذا التوقيت حتي يستخدم كأداة لفرض حالة الطوارئ مرة اخري. يذكر أن التجمع أصدر بيانا يرفض فيه قانون مكي مشيرا إلي أن «فيروس» الطوارئ فيما يبدو يصيب الذين يجلسون علي كرسي السلطة مهما كانت آراؤهم قبل اعتلاء الكرسي. ويوضح القائد التجمعي محمود حامد أنه لا وجه إطلاقا للعجلة في تعديل قانون الطوارئ ولا يليق بمصر الثورة أن تطبخ أي قانون قبل صدور الدستور. ويسجل محمود حامد ملاحظة علي منهج مكي الذي كان أحد رموز استقلال القضاء فإذا به عندما يفكر في تعديلات قانونية يتجاهل تماما الأحزاب السياسيةو يكتفي باجتماع ببعض قادة منظمات المجتمع المدني مع كل التقدير لهم.. هذا المنهج يمثل مؤشرا خطيرا فالأحزاب جزء رئيسي من المكون الديمقراطي للبلاد، سواء رضي حكامنا الجدد أو رفضوا ذلك. كما أن الاستعجال في محاولة تمرير هذه التعديلات ليس له ما يبرره إلا إذا كان الهدف إعادة فرض حالة الطوارئ التي طالما ناضل المستشار مكي من أجل إلغائها.