واصلت الحكومة سياسة ضرب المحاصيل الاستراتيجية خاصة محصول القمح ولم تستفد من الازمات السابقة التي أثبتت فشل نظرية السوق في التعامل مع القمح عندما خفضت سعر المحصول قبل ثلاثة أعوام بدعوي تراجع الاسعار العالمية وحددت 240 جنيها لشراء الإردب بانخفاض 140 جنيها عن الموسم السابق له، الأمر الذي تسبب في تراجع مساحة المحصول من 3 ملايين فدان إلي 4ر2 مليون فدان في الموسم التالي، والذي شهد ارتفاعا شديدا في الأسعار العالمية لدرجة أن سعر الطن ارتفع من 120 دولارا إلي 500 دولار ونتج عن ذلك ازمة الخبز الشهيرة وتراجع المخزون الاستراتيجي في بعض المناطق لأقل من شهر وهو ما تتجه السياسة الحالية إلي تكراره في حال ارتفاع الأسعار العالمية للقمح خلال الموسم المقبل وفقا للمؤشرات الاقتصادية. استخدمت الحكومة خلال موسم التوريد الحالي كل السبل للتضييق علي مزارعي القمح ومنعهم من توريد المحصول واجبارهم علي استخدامه كعلف للماشية واستخدمت طرقا جديدة مثل الحيازة الزراعية وحددت 18 اردبا لكل فدان ومنحت اللجان الحق في قبول أورفض تسلم الاقماح ورغم تبرير هذه الاجراءات بالتصدي لخلط القمح المحلي بالاقماح المستوردة فإنها تسببت في إحجام الفلاحين عن توريد القمح وبيعه لأصحاب الاعلاف ومربي الماشية نظرا لأن أكثر من 60% من مزارعي القمح ليست لديهم حيازات زراعية حديثة بسبب وقف التعامل بنظام الحيازة منذ سنوات طويلة وعدم فاعلية الجمعية الزراعية بعد ضياع دورها في العملية الزراعية وقيام فروع بنك التنمية بمهامها في توزيع الاسمدة وغيرها0 كما أن الفلاح ليست لديه القدرة علي شحن محصوله إلي الشون وتحمل تكاليف النقل والتوريد والتي قد تمتد إلي أيام في ظل التعنت الحكومي وإذا تم خصم هذه التكلفة الاضافية فإن البيع في المنزل لمزارع الماشية يحقق عائدا أعلي من سعر الحكومة، وظهرت خلال الاسابيع الماضية شون خاصة تابعة لرجال الاعمال قامت باستقطاب فئة صغار التجار والوسطاء بعد أن حرمهم نظام الحيازة الزراعية من العمل من تسويق القمح، يعملون حاليا في شراء المحصول بين المزارعين بسعر يتراوح بين 240 و250 جنيها للاردب دون تحمل النفقات الاضافية. دفعت سياسة تسويق القمح خلال الموسم الحالي إلي البحث عن محاصيل بديلة لزراعتها خلال الموسم الشتوي بدلا من القمح مثل الفول البلدي والعدس والبنجر والبرسيم، وهو ما يهدد بتراجع مساحة المحصول خلال الموسم المقبل.