الاهتمام بانتخابات الشوري! بدأت يوم الاثنين الماضي حملات الدعاية لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري والتي تستمر حتي يوم 29 مايو قبل موعد التصويت «أول يونيو» ب 24 ساعة، وتجري الانتخابات في 27 محافظة لاختيار 88 عضوا جديدا بالمجلس، وتقدم للترشيح 509 مرشحين منهم 128 ينتمون للأحزاب المعترف بها قانونا ( 88 وطني و40 للأحزاب الأخري منهم 10 من حزب التجمع)، وعلي غير العادة تبدو انتخابات الشوري هذه المرة أكثر سخونة وتحظي باهتمام كبير نسبيا. ويعود ذلك إلي مجموعة من العوامل، أولها أن انتخابات الشوري هي أول انتخابات عامة تجري بعد تعديل المادة 88 من الدستور وإلغاء الإشراف القضائي، والذي اعتبره الرأي العام ضمانة مهمة لحصار التزوير وتحقيق قدر من الحرية والنزاهة، ورغم أن الإشراف القضائي لم يمنع التزوير بصورة تامة في انتخابات مجلس الشعب وانتخابات رئاسة الجمهورية عام 2005 فإنه ساعد علي منع التزوير في اللجان الفرعية التي رأسها قضاة، وكشف القضاة في تقاريرهم التي جمعها نادي القضاة عن التزوير وأثبتوه بوضوح ليؤكدوا بذلك ما دأبت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية علي فضحه في كل الانتخابات العامة منذ بدء التعددية الحزبية المقيدة عام 1976. ولا شك أن وقوع التزوير من عدمه وحجم هذا التزوير إذا وقع سيكون مؤشرا مهما علي الانتخابات التالية، خاصة انتخابات مجلس الشعب في نهاية العام الحالي وانتخابات رئاسة الجمهورية في العام القادم، وستتخذ الأحزاب السياسية الرئيسية قرارها بالمشاركة في أي انتخابات تالية أو مقاطعتها علي ضوء ما سيجري في انتخابات الشوري. وتكتسب انتخابات الشوري هذه المرة أهمية إضافية نتيجة تعديل المادة 76 من الدستور والتي وضعت شروطا لتقدم الأحزاب بمرشح في انتخابات رئاسة الجمهورية أو خوض المستقلين انتخابات الرئاسة، فبالنسبة للأحزاب جاء ضمن الشروط أن يكون للحزب عضو «منتخب» في مجلس الشعب أو الشوري، وبالنسبة للمستقلين الحصول علي تزكية 25 عضوا في مجلس الشوري ضمن تزكية 250 من أعضاء مجلس الشعب ومجلس الشوري والمجالس المحلية. وزاد من سخونة الانتخابات تقدم 14 من جماعة الإخوان المسلمين - بينهم عدد من أعضاء مجلس الشعب الحالي، للترشيح لأول مرة في انتخابات مجلس الشوري، وهو ما فسر علي أنه محاولة للإخوان المسلمين لتشكيل قوة برلمانية في الشوري والشعب خلال الانتخابات الحالية تجعلهم قوة مؤثرة في ترشيح المستقلين لرئاسة الجمهورية، حتي ولو لم يرشح الإخوان أيا منهم لهذا المنصب الخطير. وساهم الحزب الوطني في إثارة الاهتمام بانتخابات الشوري عندما ألزم كل قياداته وأعضائه الراغبين في الترشيح لعضوية المجلس أن يسلم الحزب توكيلا لينوب عنه في التقدم بطلب الترشيح وتوكيلا آخر بأن ينوب عنه في التنازل عن الترشيح، في محاولة لمنع ظاهرة ترشيح قيادات الحزب - التي لم يرشحها المجمع الانتخابي للحزب - كمستقلين «علي مبادئ الوطني» في مواجهة مرشح الحزب الوطني الرسمي. ورغم هذا الاهتمام بانتخابات الشوري هذه المرة، فمازالت قطاعات من الرأي العام تري في مجلس الشوري «زائدة دودية» وإهدارا للمال العام، تم إنشاؤه ليحل محل الاتحاد الاشتراكي في النيابة عن الدولة في ملكية المؤسسات الصحفية وتعيين مجالس إداراتها ورؤساء تحريرها، ولإرضاء عدد من قيادات الحزب الوطني الذين لم يرشحهم الحزب لعضوية مجلس الشعب، بترشيحهم لمجلس الشوري الذي يوفر لهم الحصانة والمكافآت المالية التي تماثل ما يحصل عليه عضو مجلس الشعب.