حكومة الحزب تزور البيانات الاقتصادية لإخفاء فشلها في دراسة حديثة أعدها الخبير الاقتصادي أحمد النجار رئيس تحرير «تقرير الاتجاهات الاقتصادية والاستراتيجية» في بداية العام الحالي والتي كانت بمثابة كشف حساب للأربعة أعوام الأولي للبرنامج الانتخابي الذي وعد به الرئيس حسني مبارك رئيس الحزب الوطني في 2005 وقد ركزت الدراسة علي بيانات الحكومة الخاصة باقتصاد البلد ومقارنتها بالواقع وبمدي تناقضها عنه. عن النمو والتضخم أكدت الدراسة أن البيانات الرسمية تشير إلي معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي قد بلغ 9.6%، 1.7%، 2.7%، 8.4% في الأعوام المالية 2005/2006، 2006/2007، 2007/2008، 2008/2009 بالترتيب وتبدو هذه المعدلات باستثناء العام الأخير الذي شهد الكساد العالمي العظيم، أعلي مما وعد به الرئيس وحكومته عند إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2005. فالبيانات الرسمية تشير علي سبيل المثال إلي أن معدل النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق الجاري «أي بدون استبعاد تأثيرات التضخم» قد بلغ 4.20% في العام المالي 2007/2008 حسب بيانات النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي المصري بينما بلغ معدل التضخم في العام نفسه نحو 2.20% حسب نفس المصدر وهنا تساءل النجار قائلا كيف يمكن والحال هكذا أن يكون معدل النمو الحقيقي الذي استبعدت منه تأثيرات التضخم قد بلغ 2.7% في العام المالي المذكور؟ وأن أقصي معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي علي ضوء هذه البيانات الرسمية هو أقل من 1% أما معدل النمو البالغ 2.7% الذي أعلنته الحكومة غير صحيح. وعن برنامج مكافحة البطالة والفقر الذي تعهد به الرئيس خلال حملته الانتخابية بمكافحة الفقر والبطالة وهو تعهد لا يمكن الحكم علي الوفاء به إلا من خلال متابعة التغيرات في حالة الفقر والبطالة في مصر في السنوات الأربع من ولاية الرئيس الخامسة ، وقد أشارت بيانات البنك المركزي المأخوذة من بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلي أن إجمالي عدد المشتغلين عام 2005/2006 قد بلغ 7.19 مليون عامل مقارنة بنحو 3.19 مليون عامل عام 2004/2005 أي أن الزيادة التي حدثت في عدد المشتغلين في جميع قطاعات الاقتصاد هي 400 ألف فقط وفي عام 2006/2007 أي في العام الثاني من الولاية الخامسة للرئيس بلغ عدد العاملين نحو 1.20 مليون عامل أي أنه تم خلق 400 ألف فرصة عمل جديدة فقط بالمقارنة بالعام المالي السابق عليه الذي بلغ عدد العاملين في نهايته نحو 7.19 مليون عامل. ولكن نشر البنك المركزي المصري بالاعتماد علي بيانات وزارة التنمية الاقتصادية بيانات تتعارض مع ما سبق نشره حيث قامت بتغير عدد المشتعلين في العام المالي 2005/2006 بأثر رجعي ليصبح 5.19 مليون عامل بدلا من 7.19 مليون عامل حتي يقال إنه تم خلق 600 ألف فرصة عمل في العام المالي 2006/2007 بدلا من الرقم الحقيقي البالغ 400 ألف فرصة عمل جديدة تمثل الفارق بين عدد المشتغلين عام 2006/2007 البالغ 1.20 مليون عامل وعدد المشتغلين في العام المالي السابق عليه والبالغ 7.19 مليون عامل كما تم بعد ذلك تغير عدد المشتغلين في 2006/2007 إلي 7.21 مليون عامل بدلا من 1.20 مليون عامل. ويؤكد التقرير أن الغالبية الساحقة من المتعطلين أو نحو 1.95% منهم من خريجي التعليم المتوسط والعالي ونحو 99% منهم تحت سن الأربعين أي في عنفوان الشباب، في حين خريج الجامعة الذي يعمل في الجهاز الحكومي يحصل علي أجر أساسي وبدلات تصل إلي 200 جنيه شهريا حسب وزير الدولة للتنمية الإدارية وهو أجر هزلي لا يمكن لطفل أن يعيش به وهو دعوة صريحة للفساد لموظفي الجهاز الحكومي الذين لا يجدون مخرجا من أجل الحصول علي ضروريات الحياة سوي بطرق ملتوية وفاسدة تؤدي لسحق آدميتهم. وعن الاستثمار المحلي والأجنبي أوضح التقرير ببرنامج الرئيس المنقسم لثلاثة برامج فرعية أولا تقديم 3 مليارات جنيه كعروض صغيرة تتراوح بين 5 و10 آلاف جنيه لإيجاد 600 ألف فرصة عمل وثانيا استحداث 900 ألف فرصة عمل ببرنامج سوق العمل وثالثا برنامج الألف مصنع الذي يتكلف 100 مليار جنيه واستحداث 5.1 مليون فرصة عمل، وقد أصدرت الهيئة العامة للتنمية الصناعية تقريرا علي مدي التقدم في البرنامج الانتخابي ويشير إلي أنه قد تم تشييد 1541 مصنعا كبيرا ومتوسطا وصغيرا خلال السنوات 2005/2006، 2006/2007، 2007/2008 لكن تلك المصانع ضمن 846 مصنعا عبارة عن توسعات في مصانع قائمة بالفعل بينما بلغ عدد المصانع الجديدة 695 مصنعا صغيرا ومتوسطا وكبيرا، وإذا نظرنا إلي حجم العمالة التي تم توظيفها في هذه المصانع قد بلغت نحو 154 ألف فرصة عمل فقط منها 110 آلاف فرصة عمل في المصانع الكبيرة في حين كان برنامج الرئيس ينص علي خلق 5.1 مليون فرصة عمل في برنامج الألف مصنع كبير وحده، أي فرص العمل التي تم توفيرها تمثل 3.10% من الفرص التي تم الوعد بها. وهذا يعني بوضوح أن الحكومة قد فشلت فشلا ذريعا في تنفيذ البرنامج علما بأن الفترة التي حدث فيها هذا الفشل سابقة علي الأزمة المالية والاقتصادية العالمية حتي لا تستخدم هذه الأزمة في تبرير الفشل.