محسن الجبالى: 50% من الأزمة الحالية صنعتها الحكومة عصفت أزمة نقص المواد الخام، ومستلزمات الإنتاج وتكدس البضائع في الموانيء بسبب عدم توافر النقد الأجنبي، بالعديد من القطاعات الصناعية، سيما الصناعات الهندسية، لاعتمادها كليا على الصناعات المغذية، وامتدت إلى القطاع الدوائي والأغذية، ما يهدد بتوقفها تدريجيا مع استمرار الوضع. وشهدت البنوك قوائم انتظار من المستوردين لتوفير النقد الأجنبى لتلبية احتياجات المصانع واستيراد خامات الإنتاج والمستلزمات، والإفراج عن قطع الغيار والمعدات والآلات المكدسة فى الموانيء، حيث تعتمد مصر بشكل كامل على الواردات، ما أدى لتراجع الإنتاج ونقص المعروض بالعديد من السلع المستوردة بالأسواق وزيادة للأسعار. ولجأت العديد من المصانع إلى تسريح جزء من العمالة لعدم تحمل المرتبات من دون إنتاج، إضافة إلى حدوث مشاكل ضخمة للمصانع مع المتعاقدين بسبب عدم التزامها بعقود التجار، وأصبح مخزون بعض السلع لدى التجار والمصنعين يكفي الإنتاج أو التوزيع لأشهر قليلة. أثرت أزمة استيراد مستلزمات الإنتاج، وسببت نقصا في المعروض من الأجهزة الكهربائية في الأسواق وكذلك ارتفاع أسعارها، مثل الأدوات المدرسية وبعض المستلزمات الطبية، والسباكة، والبن والشاى والسجائر. يقول محسن الجبالى، رئيس جمعية مستثمرى بنى سويف، إن الصناعة المحلية تمر بأزمة شديدة غير مسبوقة حاليا، مطالبا باستقرار السياسة النقدية من جانب البنك المركزى حتى يتمكن القطاع الصناعى من وضع خططه المستقبلية والوفاء بالتزاماته بالسوق، ذكرا أن زيادة العملة الصعبة يتطلب زيادة الإنتاج، وهو ما تعجز أمامه العديد من الصناعات فى ظل نقص الخامات وقطع الغيار والمتطلبات الأساسية اللازمة. مبينا أن تقليل حجم الإنتاج ، أدى لوقف بعض الخطوط أو الإغلاق المؤقت لحين توفير المواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع بكامل طاقتها. وأضاف الجبالى أن أزمة الصناعة كانت من جهة واحدة سابقا، لكن الآن امتدت إلى جهات عديدة مع الجهاز الإداري فى الدولة، مع وزارة المالية والإدارة المحلية والمجتمعات العمرانية، والمرافق، ومع زيادة أزمة المواد الخام أصبحت سوطا مسلطا على ظهور أصحاب المصانع، فكل جهة تفرض رسوم وضرائب بأرقام فلكية غير مسبوقة، فرجال الأعمال تحاصرهم المشاكل من خلفهم وأمامهم على حد وصفه.
وأشار إلى أن مصلحة الضرائب تقوم بفرض ثلاث ضرائب على أصحاب المصانع هى( ضريبة الدخل ، والقيمة المضافة، والعقارية )، التى تم استحدثها من خمس سنوات وكأن المصانع مبانى يمكن التداول عليها تجاريا والانتفاع بها، إضافة إلى تعنت التأمينات الاجتماعية، حال تأخر صاحب العمل فى دفع المبالغ المستحقة ، ويفاجئ صاحب العمل بأحكام قضائية ضده بسبب تخلفه عن السداد فى مدد بسيطة شهر أو بعض الأيام، إضافة إلى رسوم المحليات المتعلقة بالرخص والمرافق حيث يتم احتساب متر المياه بقيمة 7 جنيهات للمتر مكعب. ويرى الجبالى أن50% من الأزمة الحالية صنعتها الحكومة بالإجراءات التعقيدية والنصف الاخر تواجهها الصناعة بسبب نقص المواد الخام والعملة الصعبة، مطالبا بعمل إعفاء من الغرامات الملاحية التى وصلت إلى 20% من قيمة البضائع، بسبب تأخر عمليات الإفراج عن المواد بالموانئ خاصة وان المستوردين ليسوا سببا فيها . لجنة عليا ويذهب الدكتور محمد الجيار، نائب رئيس جمعية مستثمري المنطقة الحرة بمدينة نصر، إلى ضرورة تشكيل لجنة عليا للنهوض بالصناعة المحلية وتنميتها، تضم في عضويتها وزراء الصناعة والتجارة والمالية والبيئة والداخلية والعدل وهيئة الاستثمار والبنك المركزي وممثلين عن منظمات الأعمال منها جمعيات المستثمرين واتحاد الصناعات، يكون دورها طرح رؤية موحدة للنهوض بالقطاع الصناعي عبر إيجاد الحلول لأي مشكلات تواجه المستثمرين وفي مقدمتها تدبير النقد الأجنبي لاستيراد المعدات اللازمة لتشغيل المصانع وخاصة المتعثرة منها والتي استفادت من مبادرة البنك المركزي الخاصة بتمويل الصناعة بفائدة 5% . ودعا الجيار، لاتخاذ خطوات سريعة لحل أزمة المواد الخام وتشجيع المستثمرين من خلال توفير عدة حوافز أبرزها إتاحة الأراضي الصناعية المرفقة بأسعار مخفضة لتمكين المستثمرين من ضخ استثمارات جديدة أو التوسع في مشروعاتهم، فضلا عن تقديم إعفاءات ضريبية وجمركية للمشروعات لزيادة قدرتها التنافسية محليا عالميا، ومنح مزايا لجذب المستثمرين الأجانب لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية، لتعظيم موارد النقد الأجنبي. الاقتراب من الصفر وكشف محمد خميس، رئيس جمعية مستثمري مدينة 6 أكتوبر، أن مخزون المصانع من المواد الخام بدأ فى الاقتراب من الصفر ما يهدد العديد من المصانع بالتوقف عن الإنتاج إذا لم تسرع الدولة فى الإفراج عن مستلزمات الإنتاج . مبينا الأزمة تتفاقم يوميا، فحوالي 25% من مصانع قطاع الصناعات الهندسية تأثرت بالأزمة، مطالبا بسرعة الإفراج عن الخامات بالموانئ المصرية ووضع خطة متوسطة لزيادة الإنتاج المحلى من هذه الصناعات لتقليل الاستيراد وزيادة القيمة المضافة من المنتج المحلى . مشيرا إلى وجود مشكلتين بهذا القطع نقص قطعا الغيار ومستلزمات الإنتاج من الحديد و الألمونيوم والنحاس والمواسير والمحركات ، وقطع الغيار كاملة التصنيع لها الأولوية فى الاستيراد فى رأيه لأن غياب قطعة منها ممكن يعطل مصنع بالكامل مثل "مواتير الديزل، والكومبروسر "، اللازمة لتشغيل وحدة ضغط الهواء بكل المصانع. ودعا خميس إلى الإسراع فى تحويل الاعتمادات المالية للموردين بالخارج والسماح ولو مؤقتا للمستوردين الصناعيين بتدبير العملة بأنفسهم حتى يتمكنوا من استيراد خامات الإنتاج إلى مصانعهم وتجنب غرامات التأخير والأرضيات التى تقع عليهم خاصة وان غرامات التأخير تسدد بالعملة الصعبة لشركات الملاحة، والحد من استيراد السلع الترفيهية غير الأساسية مثل الجبن المستورد والنظارات والشامبو لتدبير العملة للصناعات، منبها أن الانفتاح للاستيراد مرة واحد بعد الغلق سوف يسبب فى نقص العملة الصعبة لان الطلب سيزيد الشراء، ما يؤدى إلى زيادة الانفلات فى سعر الدولار نتيجة الطلب الزائد . فترة سماح وأشار هشام كمال، رئيس جمعية مستثمرى القاهرة الجديدة، إلى تكدس أصحاب المصانع والمستوردين فى البنوك بانتظار تحويل الأموال بعد أن قطع قرار البنك المركزى فترة السماح فى الدفع التى كانت تمتد إلى أربع و خمس أشهر بين المورد والمستورد. وقال فمنذ شهر فبراير الماضى، بعد اعتماد قرار عدم الاستيراد إلا عن طريق المستندات المعتمدية، أصبح هناك علاقة بينية سيئة بين المورد المستورد حسب هشام ، فأغلب الشركات والمستوردين كانوا يتعاملون مع الموردين فى الخارج بنظام"الأجل" من خلال دفع جزء من المستحقات المالية مع سداد الجزء الاخر بعد تسويق البضائع، لكن الان أصبح المستورد مُلزما بدفع قيمة السلع المستوردة مقدما. وقال هشام :" نحن اليوم فى موقف لا يحسد عليه بسبب نقص الخامات فأغلب المصانع خفضت إنتاجها إلى الربع، ورفع التجار سعر السلعة بمعدل الضعف والضعفين، لان المورد الذى يعلم جيدا إنه لا يوجد إمداد داخل بدأ يعلى السعر ما انعكس على أسعار السلع لدى المستهلك من 30% الى 60%على فترة. ووفقا لهشام فإن العديد من المصانع بدأت فى تسريح العمالة وهو ما سيكون له تأثيره السيئ على المجتمع فيما بعد. ويذكر هشام أن البنك المركزى يوافق لبعض المستوردين بدخول بضائع وصفها بغير الضرورة فمنذ شهر ابريل الماضى انتشرت فى القاهرة سيارات جديدة بدون لوحات فى ظل رفض المركز الموافقة على السماح بخامات ضرورية لصناعات حيوية أخرى ، متسائلا لماذا يتم الموافقة على استيراد سيارات ويتم توفير العملة لها فظل أن هناك خامات أساسية غير موجودة ، مثل بعض الأدوية .
وقال إن تابعيات قرار البنك المركزى بوقف الاستيراد كان كارثيا، حيث تم اتخاذه بدون تحديد أولويات التصنيع ودون تنبيه المصنعين والتشاور معهم حول تقليص الإمداد من المواد الخام والنسب المسموح بها فى تخفيض الإنتاج بالنسبة لهم. مبينا إن تأخر الإفراج الجمركي على البضائع الموجودة في الموانئ المصرية يتسبب في زيادة سعر السلع بعد الإفراج عنها، وكذا هروب عدد كبير من المستثمرين باستثماراتهم من مصر.