سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    أحدث استطلاعات الرأي: ترامب وهاريس متعادلان    إيران تدعو لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد اغتيال نصر الله    «سي إن إن»: الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح بري محدود للبنان    تصعيد مكثف.. تجدد الغارات الإسرائيلية على مدينة صور اللبنانية    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    الجيش السوداني يواصل عملياته لليوم الثالث.. ومصدر عسكري ل«الشروق»: تقدم كبير في العاصمة المثلثة واستمرار معارك مصفاه الجيلي    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



100 عام ..خالد محي الدين صفحات من تاريخ الوطن ..*سيد عبدالعال :محي الدين طبق الديمقراطية وتداول السلطة في حزب التجمع
نشر في الأهالي يوم 22 - 09 - 2022


رئيس حزب التجمع سيد عبدالعال
في إطار احتفاء مؤسسات الدولة واحتفالها بمئوية خالد محيي الدين، زعيم حزب التجمع ومؤسسه، والشخصية الوطنية التي تعلو فوق أي تصنيف، انطلاقا من النشأة والبدايات في كفر شكر والقاهرة، مرورًا بالحياة العسكرية وتأسيس تنظيم الضباط الأحرار، ووصولًا إلى مرحلة تكوين وتأسيس حزب التجمع ورئاسته، ثم التمسك باللائحة والإصرار على تطبيقها وسط رفض جميع أعضاء حزب التجمع وكوادره وقياداته على كافة المستويات التنظيمية، وترك رئاسة الحزب مع الاستمرار في العطاء السياسي والوجود اليومي والمشاركة الفاعلة.
اجتمع عدد من أعضاء حزب التجمع وقياداته وشبابه وخبراء من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بحضور النائب سيد عبدالعال رئيس حزب التجمع، والدكتور محمد فايز فرحات رئيس مركز الأهرام على مدار جلستين متصلتين لرصد ومناقشة كيف نجح خالد محيي الدين وحزب التجمع في تكوين الشخصية التجمعية من بين التيارات اليسارية والقومية المختلفة، وكيف نجحت تلك الشخصية في المعارضة عندما تكون واجبًا وطنيًّا وفي الدعم والتأييد عندها يكون لصالح الوطن والحفاظ علي الدولة الوطنية.
قال النائب سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع، وعضو مجلس الشيوخ، إن خالد محيي الدين طبق مبادئه الديمقراطية على نفسه، فعلى الرغم من كونه زعيم ومؤسس الحزب لكنه ترك رئاسة الحزب بإرادته وتطبيقًا للائحة التي نصت على أن رئيس الحزب يكون رئيسًا لدروتين انتخابيتين، ليأتي من بعده الدكتور رفعت السعيد كرئيس للحزب، فيرأس الاجتماعات في وجود خالد محيي الدين، ثم أنتخبت أنا كرئيس للحزب فأقود الاجتماعات في وجود الكبيرين خالد محيي الدين ورفعت السعيد، كذلك يمكن القول ان حزب التجمع استطاع أن يجد صيغة خاصة به فكل التيارات التي كونت الحزب كانت مختلفة وأثرت عليها الفكرة التنظيمية للحزب، لذا فتجد الناصري في حزب التجمع ليس كالناصري خارجه، والقومي في التجمع يختلف عن الآخرين خارج الحزب، وبهذا الأمر كان هناك صيغة جديدة لأعضاء الحزب عبر إنصهارهم فيما نحب ان نسميه الشخصية التجمعية.
وأضاف "عبدالعال: إن التجمع لم يكن يومًا حزب رئيسه يحركه كيفما شاء، فخالد محيي الدين وهو مؤسس وزعيم الحزب قد تراه في التصويت في الأقلية، ويكون التصويت مخالفا لرأيه وهو أمر كان يتقبله الجميع ويمر بكل سلاسة، لافتًا إلى أن الحزب وإن كان معارضًا في معظم تاريخه لم يكن أبدًا فاقدًا البوصلة ليتخذ من معارضته سببًا لوضع اليد مع الإخوان المسلمين على اعتبار إن بعض القوى المدنية كانت تعتبرهم معارضين، لذا على الرغم من وجود عبدالغفار شكر، وحسين عبد الرازق وهما كانا من قيادات الحزب في قيادة حركة كفاية، الا ان الحزب كان دائمًا لديه تحفظ من هذا الأمر ولا ينسق أو يتعامل مع الإخوان بأي شكل من الأشكال، ولم يضبط عضوًا تجمعيًا قط على قوائم الإخوان الانتخابية بينما كان الآخرون نراهم يزينون هذه القوائم.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الأربعاء الماضي بمناسبة الاحتفال بمئوية الزعيم خالد محيي الدين مؤسس حزب التجمع، وأحد أبرز الوجوه في قيادة ثورة يوليو 1952.
التوليفة الموصوفة
ومن جانبه أكد الدكتور جمال عبدالجواد، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن خالد محيي الدين ساهم بقوة في تشكيل تاريخ مصر، ويجب علينا أن نتعلم من رموزنا، قائلا: "إن شخصية خالد محيي الدين، هي "التوليفة الموصوفة لمصر والقادرة على دفع هذا البلد للأمام"، فهو يتصف بالإيمان الديني العميق ذي النزعة الصوفية، المتصفة بعدم الإهمال أو المعاداة أو التهميش، مضيفا أن النزعة الإيمانية لدى خالد محيي الدين منحته هذه المكانة في المجتمع، ووسط اليسار المصري.
وتابع، أن خالد محيي الدين، كان رجلًا وطنيًّا إلى أبعد مدى، فهو لم تكن لدية أية نزعات أممية، فهو مصري حتى النخاع، فهو كان يتصف بالوطنية بمفهومها الشامل المتضمنة الوطنية الثقافية وليست السياسية فقط، مضيفا أن قضية الاشتراكية هي مكون ثالث في شخصيته، فهو كان منتميا لفكرة اليسار الأقرب إلى العدالة الاجتماعية، ولكن من غير التزام أيديولوجي محدد، ولكنه كان متمسكا بفكرة العدالة الاجتماعية والتي تعد فكرة رئيسية في مصر، ويتطلع إليها الشعب المصري دائمًا.
وحول الميراث الفكري والسياسي في شخصية خالد محيي الدين، قال المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه تضمن الدستور والديمقراطية، وعلى قدر حاجة مصر لمناخ سياسي به سمات ديمقراطية، إلا أن أفكار خالد محيي الدين لم تكن متوافقة مع الفكر السائد في هذا التوقيت، فالتاريخ الذي ساهم خلاله في الحياة السياسية، كان يصل للجميع انطباع أنه هو الديمقراطي الوحيد في كل الفاعلين السياسيين الموجودين في هذا التوقيت، فهو كان «سابق عصره» وهذه تعد النقطة الأهم في ميرات خالد محيي الذين الذي تركه لنا، ويجب علينا دراسة تجربته الديمقراطية جيدًا.
ميراث الزعيم
وأوضح «عبدالجواد»، أن خالد محيي الدين يتسم بدرجة كبيرة من الجرأة، وسط صراعات سياسية كبيرة كانت في المجتمع خلال هذا التوقيت، فقضية السلطة لم تكن في ذهنه أو من الحالمين بها، كان مؤمنًا بمبادئه ومتشبثًا بها، ومتمسكًا بعدم التأثير علي أفكاره، وكثيرا ما عبر عن اندهاشه بسبب الصراع على السلطة، فهو كان حالة استثنائية، ونموذجا إنسانيًّا لما نحب أن نكون عليه، ولهذا السبب ولهذه الصفات، فالتاريخ لم يسجل وجود عداوات بينه وبين التيارات السياسية، فصفاته جعلت الجميع يكن له الاحترام والتقدير، ولهذه الصفات أيضًا سامحه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والمعروف عنه أنه لا يسامح مطلقا، فخالد محيي الدين كان واضحا ولم يكن لديه أجندة خفية، والسلطة لم تكن ضمن أولوياته، كان أبعد ما يكون عن فكرة التآمر، ونجد أيضا أن أثره على حزب التجمع وتكوينه السياسي واضحا.
وأكد الدكتور جمال عبدالجواد، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن المتغيرات السياسية لحالية كبيرة، اسم خالد محيي الدين هو من أهم أدوات حزب التجمع للترويج لنفسه، مضيفا أن تاريخ خالد محيي الدين رائع، فهو ضابط ديمقراطي، ويؤمن بالعدالة الاجتماعية، ونزاهة بلا فساد.
وشدد على أن حزب التجمع طوال تاريخه وهو مهتم كثيرا بالدور الثقافي، قائلا «اليسار هو حالة ثقافية أكثر منه حالة سياسية»، ونحن طرف أصيل في دائرة الثقافة.
حماية المصالح الشعبية
وقال هاني الحسين أمين الشئون السياسية بالحزب، ان التجمع كان معبرًا عن صيغة مبدعة فهي كانت صيغة مدنية لا مركزية مغايرة للصيغة القديمة للأحزاب الاشتراكية، والتي تتميز بالمركزية الشديدة والتي تتلخص في النهاية في شخص السكرتير العام للحزب، لافتًا إلى أن حزب التجمع كان له مواقف يهتم فيها بالانخراط الجماهيري لحماية المصالح الشعبية، فمثلًا بعد أن كان له الموقف الوحيد والمنفرد في مصر برفض اتفاقية كامب ديفيد، لم يكتف بإعلان موقفه، وانما أسس الحزب لجنة الدفاع عن الثقافة الشعبية، وكانت مهمة هذه اللجنة أن تحافظ على مبادئ الشعب المصري ضد فكرة التطبيع.
ودلل الحسيني على عدم المركزية في الحزب، بموقف يخص اتحاد الشباب التقدمي، حيث كان الحزب موافقًا على قرار الأمم المتحدة 242 عقب حرب 1967، بينما رفض القرار اتحاد الشباب التقدمي أمينًا له ورغم ذلك شجعهم خالد محيي الدين رئيس الحزب آنذاك وقال لهم موقفكم مقدر ومفهوم وهذا هو دوركم الذي نأمله منكم، متذكرًا موقف آخر حيث كان اتحاد الشباب التقدمي في معسكر في مدينة العريش وهتف الشباب ضد إسرائيل، فاتصل الدكتور أسامة الباز بخالد محيي الدين للشكوى من تصرفات شباب حزب التجمع، ولكن الأخير قال له هل هتفوا ضد مصر؟، فأجاب الباز بالطبع لا هتفوا ضد إسرائيل، فقال خالد محيي الدين إذن هم شباب وهذا أمر عادي وطبيعي ولا نستطيع أن نلومهم.
دستور خالد محيي الدين
بينما أكد الدكتور عبدالعليم محمد، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن خالد محيي الدين كان زعيما وشخصية سياسية تحظى بقدر كبير من التوافق الوطني ومن كل التيارات السياسية، الأمر الذي يحتم علينا ضرورة دراسة تجربته واستخلاص الدروس المستفادة للتعلم بها في الوقت الحاضر والمستقبل، وكان دستوره الذي يسير عليه نابعا من الحكمة وتجنب الصراعات، وكان دائما يستغل كل الفرص للاشتباك مع المتغيرات السياسية والاجتماعية.
وأوضح أن خالد محيي الدين كان سابقا عصره، لأن هذه الحقبة التي نشأ فيها كانت تتسم بالسيطرة الاستالينية بمفهوم الاشتراكية، وهذه التجربة لا تكن احتراما كبيرا للأديان، ولكن خالد محيي الدين فصل بين آراء ماركس في الجانب الديني، وآراه السياسية والاجتماعية، وأيضا عمل إيجاد رابط موضوعي وتاريخي ملهم بين فطرة الاشتراكية باعتبارها صورة حديثة للعدل الاجتماعي والقيم الإسلامية الكونية التي رسخها الإسلام في العدالة الاجتماعية والمساواة، ورفض تماما تبرير الاشتراكية عن طريق النصوص الدينية، معللا ذلك حتى لا يستغل دعاة الرأسمالية ذلك والذهاب إلى النصوص الدينية لتبرير توجههم أيضا، وحتى لا يتحول الدين إلى أداة سياسية أيديولوجية بين مختلف التيارات، واقتصر على القيم الروحية الكبرى الخاصة بالعدالة الاجتماعية والمساواة.
وأوضح المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه استطاع عمل تقارب بين الاشتراكية والمفكرين المستنيرين الذين قاموا بتأويلات وتفسيرات عصرية للإسلام، وعمل هذه التوليفة الطيبة دون التطرق للمسائل النصية، واعتمد على اجتهادات هؤلاء المفكرين والعلماء، مضيفا أنه كان سباقا في هذه النظرة، لأنه كان يستشف انهيار الاتحاد السوفيتي، ومن منطلق ان الدين باقٍ، واتسمت هذه الرؤية بالشفافية، وكانت تعبر تعبيرا صادقا عن الشخصية المصرية وفهمها للتدين، والدين كإدارة للتماسك الاجتماعي والتكافل وتقوية اللحمة الاجتماعية وتدعيم التعاليم الإيجابية والإنسانية، بما لا يتعارض مع فكرة العدل الاجتماعي بمفهومها الحديث في الاشتراكية.
الديمقراطي الأوحد
واستطرد أكد الدكتور عبدالعليم محمد، أنه فيما يخص التطور الديمقراطي، فقد كان خالد محيي الدين يعد «الديموقراطي الأوحد»، ويرى أن الديمقراطية تعد المجال الأوسع لدعم الفكرة اليسارية واقتناع الناس بها، والترويج لها على أسس تنافسية، على الرغم من أنها كانت تحظى بالإزدراء من بعض التيارات، موضحا أن الربط بين الاشتراكية والإيديولوجية، وهما جناحا التطور للفكرة الاجتماعية والعدل الاجتماعي والاشتراكية، وكان يرى أن الديمقراطية تعد حجر الزاوية في تطوير المحليات، لأنها تعتبر «معمل تفريخ» القيادات والكوادر السياسية الجديدة، قائلا إن ذلك يؤكد أن نظرته للديمقراطية كانت سابقة لآوانها ومتحررة من الإطار الأيديولوجي والسياسي الذي كان سائدا في ذلك التوقيت.
وأوضح، أنه كان يرى أن الاشتراكية لابد وأن تتم الدعوة لها بالتدريج وعن طريق نبذ العنف، وهو بطبيعته كان ينبذ العنف، وكان أحد الذين عارضوا الحكم بالإعدام على الملك فاروق، واتخذ موقفا قويا في هذا الأمر، وفيما بعد حُسب هذا الموقف لثورة 23 يوليو، بأنها لم تقم بإعدام الملك، وتابع أنه حتى في مظاهرات 1977، والمعروفة كان يحذر من الانزلاق نحو الهاوية، ويطالب كوادر التجمع في هذا التوقيت بالابتعاد عن العنف، ورغم ذلك فهو تبني مفهوم الاشتباك مع قضايا المجتمع، ولم ينعزل أبدا، ولديه من الحكمة ما تجعله يتفادى الصراع.
وقال إن علاقته بالفكرة المركسية والاشتراكية بدأت في الكلية الحربية، مؤكدا أن ما تركه من إرث اجتماعي وسياسي، هو نافذة للمستقبل، وكان يحاول دائما العمل على إيجاد نسخة مصرية من الاشتراكية، حيث ستظل المفاهيم التى تطرق إليها من العدل الاجتماعي أو الاشتراكية أو الاشتباك مع الواقع دون عنف أو صدام وغيرها، ستظل محورًا مهمًا في تعريف أفق اليسار المصري، مؤكدا أن اليسار أمام فرصة لأخذ الدروس المستفادة من مفهوم خالد محيي الدين ، وكيف أنه كان همزة الوصل بين الجمهور والفكر اليساري، والاشتباك مع الواقع.
برنامج التجمع
ومن جانبه قال محمد فرج الأمين العام المساعد لشئون العمل الجماهيري، إن حزب التجمع تم تأسيسه في الأساس من تراث يساري متراكم، وهو الأمر الذي لم يكن قبله اليسار انتظم في حزب سياسي علني، فخالد محيي الدين ورفاقه توافقوا على أن يأسسوا تجمعًا لجمع التيارات اليسارية المختلفة في حزب واحد، وهي كانت فكرة جديدة وجيدة، لأن اليسار حينها لم يجتمع في جبهة سياسية مثل ما حدث مع تجربة لينين الذي أسس اتحاد العمال والفلاحين، بل يجتمع تيارات يسارية مختلفة في حزب له برنامجه ولائحته، وعندما كان النقاش في مصر حول تأسيس الأحزاب، السادات سمح لليسار بحزب ولكن في تفكيره لم يكن هذا ما يتمناه بل كان يتوقع أن يكون حزبًا شيوعيًّا صغيرًا متناحرًا ويتآكل من الداخل، الا ان مؤسسي التجمع وعلى رأسهم خالد محيي الدين استطاعوا ايجاد صيغة مختلفة، ما كان لها أن تنجح في ظروف أخرى ولكنها نجحت وأصبح الحزب رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية منذ ذلك الوقت.
وأضاف "فرج" ان التجربة كانت شديدة الإخلاص والالتزام، وهو ما ساعد في استمرارها، فكيف كان لخالد محيي الدين قيادة كل هذه التيارات الفكرية والسياسية المختلفة، وكيف استطاع الجميع التوافق على الا يدخلوا في صراعات فكرية بينهم البعض، وان يوظفوا كل هذه الاختلافات الايديولوجية في خدمة القضايا الوطنية المشتركة، ومحاولة ازالة الفوارق لتكوين نموذج سياسي جديد، وما كان ذلك ليتحقق الا بالالتزام ببرنامج الحزب سياسيًا ولائحة الحزب تنظيميًا.
مشروع ثقافي تقدمي
وأشار "فرج" إلى أن حزب التجمع منذ البداية لم ينشأ كحزب سياسي وفقط، وانما كان مشروعًا سياسيًا وثقافيًا في آن واحد، فالمشروع الثقافي التقدمي الذي تبناه الحزب جعل، الكثير من الفنانين والأدباء والكتاب والمبدعين اعضاءً في فترات التأسيس وما تلتها من فترات، لذا انشأ الحزب مكتب الكتاب والمبدعين، كما ان الحزب على الرغم من إطلاقه جريدة حزبية ناطقة باسمه وهي "الأهالي" لكنه كان الحزب الوحيد في مصر والمستمر في اطلاق مجلة ثقافية وأدبية ونقدية اسمها أدب ونقد، وسياسيًا اصدر كتاب الأهالي، وذلك لتناول القضايا الوطنية والسياسية، كما أنشأ الحزب مؤسسة خالد محيي الدين الثقافية ومكتبتها الضخمة، وعلى المستوى التنظيمي ابتكر الحزب جناحين تنظيميين جديدين وهما اتحاد الشباب التقدمي للاهتمام بقضايا الشباب، واتحاد النساء التقدمي للاهتمام بقضايا المرأة، وفي الاهتمام بالعمل النقابي يمكن أن نلقي الضوء على الاهتمام والمساعدة التي قدمها الحزب لإنشاء اتحاد الفلاحين، وفي السنوات الماضية ساهم وساعد وتبنى وقاد أحد قياداته الراحلين البدري فرغلي فكرة إنشاء اتحاد أصحاب المعاشات، وهو التنظيم الذي يتبناه الحزب ويفتح له جميع مقراته.
معارضة تجمعية
ولفت الأمين العام المساعد لحزب التجمع، ان الحزب خلال مسيرته وتجربته الخاصة استطاع ببراعة ان يصل باعضائه لما نسميه بالشخصية التجمعية وهي سبيكة فكرية وثقافية خاصة بهذا الكيان سياسيًا وتنظيميًا، فالحزب لديه توافق بين جميع اعضائه ان المعارضة يجب ان تكون موضوعية ومدروسة وتطرح البدائل العملية، وهو منهج في الأساس كان يعتنقه مؤسس الحزب خالد محيي الدين، كما ان الحزب لا يطعن في وطنية الخصوم، ولا يتبع منهج المزايدات والتخوين، ونذكر ان خالد محيي الدين رفض وبشدة هتاف من احد شباب الحزب كان يخون فيه الرئيس السادات وقال مقولته "نحن لا نقول مثل هذه العبارات فالاختلافات مع السياسات لم يمكن معه ان نخون أحدًا أو نكفره، وعندما نعارض يجب ان نغسل كلامنا بالماء والصابون قبل أن نقوله".
الانهيارات الشاملة
وقال الدكتور نبيل عبدالفتاح، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ما تركه خالد محيي الدين من خبرات في إطار حزب التجمع، وكذلك بإسهاماته في الحركة السياسية المصرية، يعد نقطة هامة في تاريخ الوطن، مؤكدا أن يجب أن يتم تسجيل ميراثه ليتعلم منه الأجيال الحالية، ولمعرفة المفهوم الحقيقى لمرجعيته فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية.
وحول مستقبل اليسار تابع قائلا إن حركة اليسار في العالم منذ نشأتها في الدولة السوفيتية وفي بعض الدول، إن الجدل الفلسفي والاجتماعي وثورة الطلاب حاملة لتساؤل مستقبل اليسار الأوروبي، وأعيد طرح السؤال مجددا خاصة مع صعود الحزب الاشتراكي وتحالفه مع الحزب الشيوعي الفرنسي، وأدت السياسات إلى إضعاف الحزب الشيوعي الفرنسي واليسار عموما بالتحول إلى اليسار الوسط، مضيفا أنه مع مرور الوقت أدى ذلك إلى تحول خطير فلسفيا وإيديوجيا في فرنسا وأوروبا، أثر على اليسار الفرنسي والأوروبي وهو الانتقال بما كان يسمي بالسلطة الأيديولوجية الناعمة.
وتابع «عبدالفتاح»، أنه بعد تداعي الفلسفية الماركسية في ألمانيا، وظهور النيوليبرالية المتوحشة، بات السؤال حول ظهور هذه الآراء بقوة، والتي يتيحها لها المجتمع الحر، ومرجع ذلك الانهيار التاريخي، وانعكاس اليسار الجديد وهو فكرة على العمال والطلاب، وكذلك فإن الإزمة داخل الرأسمالية المتوحشة ظلت تأثيراتها بصورة سلبية على الطبقة العاملة والفئات الوسطى، وسط مخاوف في أوروبا من الانهيارات الشاملة.
النموذج الصيني
وأكد المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه بالنسبة لمصر، كان هذا السؤال مطروحا خلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وطرح مجددا مع ثورة 25 يناير، وتراجع إبان فترة الجماعة الإرهابية، وهو الأن مفعم بالأمل لعديد من الاعتبارات منها نهوض النموذج الصيني، ومحاولات روسيا تغيير النظام الدولي بحربها في أوكرانيا، وانعكاسات أزمات الرأسمالية خلال الفترة الحالية، وكذلك أزمات الاقتصاد المصري الكبري، وازدياد الفجوات الاجتماعية والغضب الاجتماعي وارتفاع معدلات البطالة، وإغلاق المجال العام السياسي، وذلك قبل ما نشهده الآن من إجراءات أهمها الحوار الوطني، وانحسار أحزاب اليسار والناصريين على الحياة الاجتماعية، وأيضا ظاهرة التدين العقدي والطقوسي وسط قواعد اجتماعية واسعة، وتغيير اللغة السياسية واليومية لدى غالبية الجمهور في الحياة اليومية، وازدياد الفجوات بين الجماهير العريضة والخطاب الدولي، وهشاشة الحياة الحزبية والبرلمانية، وتآكل القواعد الجماهيرية للأحزاب بصورة عامة، وأيضا ازدياد الفجوات الاجتماعية بين المواطنين، وازدياد البطالة، وأزمات نظام الضمان الاجتماعي والصحي، مشيرا إلى أن كل هذه الأزمات تعطي نوعا من التفاؤل والأمل حول مستقبل السيار، إلا أن هناك أيضا بعض الأسباب الأخرى التي تضفي بعض الغموض على مستقبل اليسار، وتجعل وضع الجماعات اليسارية في مصر والعالم أجمع بالغ الصعوبة.
برنامج التجمع الانتقالي
وقال عبدالناصر قنديل، الأمين العام المساعد لشئون التثقيف، نحتاج الى دراسة الحياة الحزبية المصرية الان في ظل حالة السيولة التي تعرضت لها مصر بعد 2011، لنرى أن هناك تجارب تأسيس أحزاب لا تبنى على برنامج أو فكرة أو قضية فتتوارى قبل ان تظهر، بينما التجمع أبدى مرونة فكرية على مدار تاريخه فتجده أصدر برنامجه السياسي الفكري الأول قبل سقوط سور برلين، والبرنامج الثاني عقب سقوط السور وسقوط الاتحاد السوفيتي، والبرنامج الانتقالي الثالث كان بعد ثورة 25 يناير، كما وضع التجمع أطرًا لائحية تسمح بالتنوع الفكري داخل الحزب، وانتقال السلطة بشكل ديمقراطي وسلس.
وأشار "قنديل" الى ان الحزب كانت له مواقف بارزة، من ضمنها انه قاطع انتخابات الرئاسة سنة 1999، بينما كان الحزب الأول والوحيد الذي قال إنه ذاهب لإسقاط حكم الإخوان، وذلك بعد مرور شهرين فقط من توليهم السلطة، وكان له الرأي المختلف تمامًا كمغرد منفردًا داخل جبهة الانقاذ بعدم الدخول في انتخابات في ظل وجود جماعة الإخوان ولا بديل عن إسقاطهم، وهو الحزب الذي صاغ شعار يسقط حكم المرشد من خلال شبابه في مظاهرة اولى ضد الاخوان في 24 أغسطس 2012 أي بعد أقل من شهرين من تولي مرسي السلطة.
التجمع والشباب
أكد الدكتور محمد السعيد إدريس، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن خالد محيي الدين، يكاد يكون الأوحد بين تنظيم الضباط الأحرار الذي لم ينخرط في السلطة واتجه نحو العمل العام، وأثرت خلفيته العسكرية على مواقفه من القضايا الفكرية الشائكة، وبالتحديد الديمقراطية والاشتراكية، مضيفا أن التفرد عند خالد محيي الدين بعدم الانخراط في السلطة كان لأنه يميل إلى العمل الشعبي، وأثر ذلك على دوره في تأسيس حزب التجمع، وإدارته للآراء المختلفة داخل حزب التجمع، ونهض به وسط ظروف صعبة، مطالبا بضرورة دراسة تجربته في حزب التجمع، وتدعيمه ورهانه على تيار الشباب بالحزب واحتضانه لهم، لأنه كان يعتقد أن تكوين الشباب التقدمي هو مستقبل حزب التجمع، وهي الجديرة بالدراسة، وعمل على أن تجمع سياسة حزب التجمع بين الدين والديمقراطية والاشتراكية.
وأكد الدكتور عمرو الشوبكي، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن خالد محيي الدين كان مطلعا جيدا على أدبيات الفكر الاشتراكي، وبجانب ذلك أيضا استطاع أن ينجح في دائرة انتخابية أساسها غير حضري، وطرح عليهم العدالة الاجتماعية، وتجاوز فكرة ان اليسار عبارة عن نصوص أيديولوجية فقط، ونقلها لحالة رحبة، بحيث ان أي انتخابات برلمانية نزيهة ينجح بها، وكان متواصلا بصورة كبيرة مع أهل دائرته، وقال إنه اهتم بفكرة الاشتراكية ذات القاعدة الاجتماعية، والمتواصل جيدا بعموم الناس، هي قيمة إنسانية أساسية.
العدالة الاجتماعية
أكد الدكتور وحيد عبدالمجيد، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية السابق، أن تجربة خالد محيي الدين ملهمة ويجب أن نستفيد منها في كل العصور، موضحا أنه بالنسبة لخريطة اليسار في العالم، فإنه بالنسبة لعصر السبعينيات، فهناك عدد من الروافد أبرزها الماركسية، والديمقراطية الاشتراكية، بجانب اليسار الجديد، والاشتراكية القومية.
وأكد أنه بالنظر لخريطة اليسار في الوقت الحالي، فنجد أن هناك تحولات كبيرة وتغيرات ملموسة، فأصبح هناك مكونان رئيسيان هما يسار شعبوي مركزه الرئيسي في أوروبا، ويسار ديمقراطي، مركزه الرئيسي في أمريكا الجنوبية وروسيا، مضيفا أنه بالتطلع إلى الانتخابات الفرنسية الأخيرة، ستوضح أن خريطة اليسار منصوقا منه فقط اليسار الديمقراطي فقط، مضيفا أن اليسار الشعبوي يتصدر المشهد في أوروبا.
وتابع أن هناك تيارًا جديدًا ما زال يتشكل وهو اليسار الديمقراطي، ومازال الحكم عليه يجد صعوبة، حيث يتشكل من مجموعات لم تنصهر في الأحزاب، باستثناء حزب العمال، ولكن المؤشرات الواردة تتوقع أنه في غضون 10 سنوات سيستمر الصعود الكبير لهذين التيارين الشعبوي والديمقراطي، مؤكدا أن هذين التيارين متصالحان إلى حد كبير، وأيضا متصالحان بصورة كبيرة مع الأديان، وهو ما يبعث على التفاؤل، حيث إن فكرة اليسار الأساسية قائمة على العدالة الاجتماعية، وهذا هو سر اليسار.
ثمن الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، التعاون مع فاعل سياسي بحجم حزب التجمع، مؤكدا أن حزب التجمع هو حزب تاريخي، له أهميته في الحياة الحزبية المصرية فيما يتعلق بالنشأة ورموزه التاريخية، وأيضا الرموز الفكرية في النخبة المصرية من رواد حزب التجمع.
وأكد «فرحات» أن الرجوع لتاريخ يستهدف استخلاص الدروس المستفادة في ضوء الواقع الحالي الذي يشهد مفاهيم جديدة للمجال العام على خلفية عقد الحوار الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.