شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب حالة من الجدل بين النواب أثناء مناقشة تعديلات قانون العقوبات بشأن تغليظ العقوبات ضد من يقوم بإجراء الختان لأنثى من الأطباء؛ حيث طالبت عدد من النائبات بالنص على أن ختان الإناث بمثابة "عاهة مستديمة"، ينتج عنه عاهة مستديمة نفسيًا وجسديًا، وأن الختان تقترب من جريمة الاغتصاب، وطالب نواب آخرين بتشديد العقوبة وفصل الطبيب الذي يجري عملية الختان ومنعه من مزاولة المهنة مرة أخرى وليس الاكتفاء بسجنه مدة خمسة سنوات فقط. الأمر الذي رفضه عددًا من النواب مؤكدين أن اعتبار ختان الأنثى "عاهة مستديمة" أمر لا ينطبق على كل الحالات، وهو أمر يحدد الطب الشرعي وحده. من جانبه أكد النائب طلعت عبد القوى أن ختان الإناث جريمة وتصبح أكثر بشاعة لاسيما إذا مرتكبها احد أعضاء الفريق الطبي، مشيرًا إلى أن هذه الجريمة ليس له أي أساس علمي أو طبي، قائلًا: "مفيش في مناهج كلية الطب حاجة اسمها الختان، هذه عادة وليس عبادة وليس لها حتى أصول فرعونية وربطها بالدين خطيئة". وقال النائب؛ إنه للأسف فإن 82% من عمليات الختان تجرى على أيدى أطباء التمريض، فيما أيدت النائبة دينا عبد الكريم، تغليظ عقوبة ختان الإناث ولاسيما المادة (242 مكرر)، مشيرة إلى إشكالية عدم إتاحة عرض الحملات إعلاميًا مجانا لمنفذيها رغم أهميتها، بقولها: "لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة فيما يخص ختان الإناث، المشكلة فقط يتعلق بمجانية عرض هذه الحملات مجانًا، لذا يجب النص على أن يكون إذاعتها مجانا في القنوات". وفي محاولة لإنهاء حالة الجدل أكد المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، بأن الجاني بحسب المادة مرتكب لجناية وليس جنحة، وأن مسألة اعتبار الأمر عاهة مستديمة من عنده هي مسألة فنية بحتة، من جانبه تدخل النائب أشرف حاتم رئيس لجنة الشئون الصحية قائلًا: إن الختان جريمة لها عقابها ولو أدت إلى عاهة مستديمة فذلك يكون بإثبات الطب الشرعي وليس بشكل عام، وبالتالي فالختان هو جريمة بكل المقاييس لكنها لا تؤدي إلى عاهة مستديمة. وعلق المستشار علاء فؤاد وزير شئون المجالس النيابية؛ بأنه لا خلاف على أن الختان جريمة، ولجنة الشئون الدستورية قررت بأن العقوبة لا تقل عن خمسة سنوات، أما فكرة اعتبار الختان عاهة أم لا، فهي من تحديد الطب الشرعي، وعقوبة العاهة المستديمة مشددة أكبر من عقوبة الختان. من جانبه قال رئيس المجلس؛ إنه من واقع الخبرة في القضاء فإن محكمة الجنايات قد لا تكتفي بتقرير الطب الشرعي في تحديد العاهة المستديمة، وتحيله للجنة ثلاثية أو لجنة أكبر، ولو ثبت أنه يوجد عاهة مستديمة فهو أمر يُقره الفنيون وليس نحن.. فاطمأنوا.. وقال النائب علي جمعة؛ إن الفقه الإسلامي الموروث اختلف فيه العلماء في قضية ختان الإناث وهي ليست من قبيل الشرع، وأكد أن الأمر يجب أن يكون الآن بإجماع آراء الأطباء وليس بالثقافات المختلفة بين الشعوب، وأن منظمة الصحة العالمية أكدت ضرر ختان الإناث ولذلك كان الطب مرجعًا مهمًا وهو ما يحسم الأمر، وشدد على أن تجريم ختان الإناث يتفق مع الشرع الشريف، ولم يتم الاختلاف فيه فقهيًا وما اختلف هو الثقافات حوله ولكن الحكم الشرعي فيه لم يتغير. أول مواجهة بين المنهج الوسطي والسلفيين بعد انتهاء الجدل فيما إذا كان ختان الأنثى عاهة مستديمة أم لا، انتقل الجدل إلى مرحلة أخرى بدأها نائب حزب النور السلفي عندما اعترض على تجريم ختان الإناث، مستعينًا بأحد كُتب التراث، الأمر الذي دفع الدكتور علي جمعة للتعليق مرة ثانية معترضًا ومستنكرًا على ما أثاره النائب محمود حمدي عن حزب النور السلفي، وقال جمعة: "لماذا التصميم على فعل شيء من عادات الماضي؟".. حيث استشهد نائب حزب النور "ببعض ما ورد في كتب التراث في هذا الشأن والذي يُقر ختان الإناث، ومن بينها ما جاء على لسان شيخ الأزهر الأسبق جاد الحق على جاد الحق، في شأن ختان الإناث، وأن الرسول أقر الختان، وهو لا يقر شيء فيه ضرر للمرأة التي أوصى بها خيرا في خطية الوداع". واستمر دكتور علي جمعة المفتي السابق في تعليقه على نائب حزب النور وقال: "إحنا ليه مصرين على شيء من أجل تشويه صورتنا في العالمين! والحديث الذي ذكره النائب وأخرجه الإمام مسلم والذي ينص على (إذا التقى الخاتنان) لا يقر أن هذا ختان وقع للطرفين ولكنه يحدد أن هذا مكان الختان إذا أراد أحد أن يختن.. ثم من قال إن النبي أقر نوع للختان من ثمانية وجرم سبعة؟). وأكد الدكتور على جمعة رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان على رفضه ختان الإناث، مشيرًا إلى أنه أمر "يضر ولا يسر"، وقال: "إن سحب الكلام من الكتب على الواقع المتغير دون إدراكه هو أمر ضالًا مضل، وإن عادة ختان الإناث جريمة تستوجب العقاب والتشديد فيه، وأن الرسول لم يختن بناته".. وتابع جمعة: أن الشيخ علي جاد الحق، وكتابه المذكور والذي استند إليه النائب هنا كانت له ظروف بمسألة لها علاقة بالهجوم على مسودة الأممالمتحدة لمؤتمر السكان، ووجدنا فيها مخالفات شرعية مثل جواز الشذوذ ومنع الختان وجواز الإجهاض والقتل الرحيم.. وردنا على هذه المخالفات ووجدنا وقتها أن هناك فكرة سائدة أن هذا النموذج المعرفي الغربي يعتدي على النموذج المعرفي الإسلامي فجاء الكتاب لتحذير الناس من اخذ كل ما يرد إليهم..