خلال الأسبوعين الماضيين كثفت الحكومة من اجتماعاتها وبالتحديد اجتماعات رئيس الوزراء مع عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية.. ربما كانت تلك الاجتماعات عادية في إطار الاستعداد لبدء العمل بالموازنة العامة الجديدة اعتبارا من أول يوليو القادم، لكن في خضم هذه الاجتماعات عقد رئيس الوزراء أكثر من اجتماع خلال أسبوع واحد فقط مع وزيري المالية والبترول بدعوي مناقشة التحديات التي تواجه هذا القطاع في مصر، وفي الحقيقة فإن كلمة تحديات جاءت علي لسان كل المسئولين في الحكومة ولكن مقترنة في الوقت نفسه بمعدلات استهلاك الطاقة سواء من المنتجات البترولية مثل البنزين والسولار والغاز الطبيعي وأيضا حجم الدعم الذي تقدمه الحكومة.لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد في نفس الوقت تعمدت الحكومة بيان حالة دعم المنتجات البترولية من فترة الثمانينيات وحتي الآن، وصل الأمر إلي حد القول ما هو الموقف لدعم توجيه الدعم الذي وصل إلي 373 مليار جنيه في الألفية الحالية إلي قطاعات أخري مثل الصحة مثلا أو التعليم.. في الوقت الذي لم يصل فيه دعم المنتجات البترولية أكثر من 9 مليارات جنيه في حقبة التسعينيات. وفي الحقيقة فإن الحكومة التي تري أن هناك ارتفاعا رهيبا في معدلات دعم الطاقة مقارنة بفترة التسعينيات.. نسيت أن معظم هذا الدعم موجه إلي قطاع الصناعة ورجال الأعمال والمستثمرين كما نسيت أيضا أن هناك في المقابل ارتفاعا في معدلات الزيادة السكنية منذ بداية التسعينيات وحتي الآن. لكن السؤال الآن لماذا تتعمد الحكومة ووزارة البترول فتح هذا الملف الآن؟ تشير المعلومات إلي أن الاتجاه الآن هو تحريك سعر المنتجات البترولية خلال الفترة القادمة.. لكن في المقابل لابد من توازي تلك الخطوة - زيادة السعر وبالتالي تخفيف الدعم الموجه للمنتجات البترولية - بإعادة النظر في دعم الطاقة الموجه للأغراض الصناعية، لذلك لم يكن غريبا أن يبادر المهندس رشيد محمد رشيد باتخاذ قرار يقوم علي إعادة النظر في دعم الطاقة الموجه للصناعات.. واستئناف برنامج إلغاء الدعم تدريجيا عن الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة اعتبارا من العام الحالي بحيث يتم الانتهاء من البرنامج خلال العامين القادمين. مبادرة وزير التجارة الخارجية والصناعة تؤكد أن الحكومة ستنوي جديا خلال الفترة القادمة تحريك أسعار منتجات البترول.. وطبقا لما قالته مصادر حكومية مسئولة الآن نضع نصب أعيننا تحريك الأسعار لكن متي وكيف هذا هو السؤال المحير.. لكن تؤكد جميع المؤشرات أن المواءمة الاقتصادية لم تعد هي السبب في تعطيل التحريك الآن في الماضي أي منذ خمس سنوات كنا نخشي من تحريك الأسعار تخوفا من انفجار معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.. ولذلك عندما حركنا سعر السولار بنسبة 20 قرشا في المرة الأولي.. كان التضخم في مصر لا يتعدي 4%.. لكن عندما قررنا زيادة أسعار السولار وحتي البنزين - في قرارات مايو الشهيرة 2008 - تحسبنا تلك الخطوة المتعلقة بارتفاع الأسعار لذلك قلنا عند صدور هذه القرارات إن الزيادة في تعريفة المواصلات أو النقل بصفة عامة في مصر يجب ألا تتعدي 6%.. من أجرة النقل أو الانتقالات الداخلية علي مستوي القاهرة الكبري أو بين المحافظات. لكن الظروف المالية تفرض علي الحكومة ضرورة إعادة النظر في دعم الطاقة بعيدا عن أي حسابات أخري، خلال شهرين سيبدأ العمل في الموازنة العامة الجديدة والتي قدرت فيها الحكومة نسبة العجز بحوالي 9.7% أو حتي 8% لكن خلال الفترة الأخيرة حدثت بعض الأمور والمتغيرات التي تفرض علي الحكومة اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بدعم الطاقة منها زيادة العلاوة الاجتماعية من 7% إلي 10%.. علاوة علي زيادة بعض بنود المنح الاجتماعية مثل معاشات الضمان الاجتماعي وبالتالي في حال المحافظة علي نسبة العجز لابد من البحث عن موارد، وقالت المصادر إن هناك دراسات تؤكد أن تحريك سعر السولار بمعدل عشرة قروش للتر.. يعني تحقيق عائد للخزانة العامة للدولة يقدر بحوالي 2 مليار جنيه سنويا.. في حين أن زيادة سعر البنزين بنسبة 50 قرشا.. تؤدي إلي زيادة الموارد بنسبة 500 مليون جنيه فقط، لذلك فإن هناك ضرورة لتعديل كل أنواع الدعم في مجال الطاقة. وطبقا - لهذه المصادر - حققت الحكومة خلال عامي 2007 و2008 «وفورات» مالية من جراء ارتفاع أسعار المنتجات البترولية في الأسواق العالمية، استخدمنا هذه الأموال في تحويل عمليات استيراد بعض السلع الغذائية والاستراتيجية مثل البوتاجاز والقمح.. لكن مع انخفاض أسعار البترول وتراجع الأداء الاقتصادي في بعض القطاعات الحيوية التي كنا نعتمد عليها مثل قناة السويس والسياحة وغيرهما.. أعتقد لن تستطيع الحكومة الاستمرار في معدلات الدعم الحالية وبالتالي لابد من الخفض أي تحريك أسعار المنتجات البترولية. وتشير البيانات أن تقرير وزير البترول الذي قدمه إلي رئيس الوزراء تحت بند التحديات التي تواجه قطاع الطاقة والبترول تضمن أن هناك زيادة في معدلات الاستهلاك المحلي من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي حيث ارتفع من 315 مليون طن عام 99 قيمتها 120 مليار جنيه إلي 555 مليون طن تصل قيمتها بالأسعار الحالية 960 مليار جنيه، كما ساهم قطاع البترول في توفير الدعم اللازم للمنتجات البترولية والغاز الطبيعي والذي يصل إلي 373 مليار جنيه مقارنة بنحو 9 مليارات جنيه خلال التسعينيات.