تحقيق: أمل خليفة :سباق مسلسلات رمضان هذا العام تخلو من عنصر المنافسة لتقارب المستوي الفني فيما بينها ما عدا مسلسل “الاختيار” المأخوذ عن قصة البطل “أحمد المنسي” هذا العمل الذي يحلق بمفرده فوق السحاب، ومع ذلك لا نستطيع أن ننسي الجهود المبذولة في عدد من الأعمال الأخري رغم ظروف أزمة “كورونا” فعلي سبيل المثال وليس الحصر مسلسل، ليالينا 80، وخيانة عهد، وفرصة ثانية، ولما كنا صغيرين، وعلي الجانب الآخر حلت برامج المسابقات محل الفوازير ولكن للأسف لا تتضمن أي معلومات أو أفكار. يري دكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن مسلسلات هذا العام هى هى نفس المسلسلات ولم تختلف كثير عن سابقيها فليس هناك فرق. وأضاف قائلاً:عندما كنت صغيرا كنت أتابع مسلسلا تليفزيونيا مترجما بعنوان “منزل صغير في البراري” كان عبارة عن حلقات كل حلقة تدور حول مغزي معين من القيم مثل قيمة الصدق، والأمانة، والإخلاص، وأتذكر إنه عقب مشاهدة الحلقة كانت تتأكد في نفسي وفي داخلي هذه القيمة. عندما كبرت أصبحت مهتما أن أعرف ما الجهة المنتجة لهذا البرنامج فأكتشفت إن البرنامج يتم تمويله من قبل الكنيسة الكاثولوكية العالمية. نحن أيضاً نستطيع أن نوظف البرامج والمسلسلات توظيفات ثقافية مهمة. فلابد من إنتاج مسلسل يحمل قيما معينة علي أن يكون هناك مجموعة من الكتاب البارعين الذين يستطيعون أن يكتبوا مجموعة من الحلقات المشوقة لمعالجة المشكلات أو الأزمات الإجتماعية التي نمر بها، وبذلك أظن أن الحال سيصبح أحسن من ما نحن فيه. فمثلا مسلسل عادل أمام مسلسل جيد جدا ولكن ليس له غاية مباشرة أو غير مباشرة، وهنا لا اقصد ان يكون العمل تعليميا حتي التعليمي ممكن أن يكون له مغزي ومعني وراق في نفس الوقت، لكن للأسف هذا غير موجود فأنا كنت أتمني أن أرى مسلسلا مثل مسلسلات أسامة أنور عكاشة التي كانت تُعرض في رمضان، فلماذا حتي الآن لم يتم اكتشاف كاتب مثله ؟ لكن للأسف ليس لدينا العقليات التي تخطط لمثل هذه الأمور، يمكن أكثر شيء ملموس حتي الآن هو الاحتفال بالقوات المسلحة، ومسلسل ” الاختيار” الذي يتناول قصة الشهيد “أحمد منسي” أتمني أن تزيد هذه النوعية من المسلسلات فيصبح لدينا نوع من الدراما الهادفة التي تستطيع أن تربي الأجيال وتزرع فيهم مجموعة من العادات والقيم المهمة. غياب المعلومات فيما قال المخرج مجدي أحمد علي، لم أشاهد سوي برنامج “أغلب السقا” وطبعا البرنامج لا يهدف إلي نقل معلومة فهو برنامج يتعلق بالتسلية فقط، البرنامج يستضيف في كل حلقة نجم ولكنه ليس من أهدافه أن يفيد الناس بالمعلومات. والحقيقة أن السبب وراء غياب هذا النوع من البرامج التي تمد الجمهور بالمعلومة إن كثيرا من الضيوف ليس لديهم معلومات مفيدة وبالتالي عدم وجود هذه البرامج يعد نوعا من تجنب الفضايح. وفيما يتعلق بالمسلسلات أكد المخرج الكبير وجود أكثر من مسلسل جيد المستوي منها مسلسل “الاختيار” وأضاف كنت أعتقد إن العمل سيأخذ الصبغة الدعائية ولكن المسلسل جيد جدا من الناحية الدرامية، وتم تنفيذ المعارك أيضاً بشكل جيد. فمن المهم أن نتكلم عن المنسي كبطل ولكن الأهم أن نتكلم عنه كإنسان أيضاً، والحقيقة كل هذا تحقق في المسلسل. وهناك أيضاً مسلسل آخر مهم جداً وهو “مسلسل ليالينا80” الذي تم تنفيذه من خلال جهد كبير فمحاولة إنتاج عمل به جو الثمانينيات، ثم يحقق العمل هذا النجاح فهذا يُحسب للعمل والممثلين جميعهم الذين كانوا في حالة طيبة جداً، هذان العملان من أكثر الأعمال التي علقت معي. أيقونة الأختيار أكد النجم ،طارق والي، الذي يقوم بدور لواء جيش في مسلسل الاختيار إنه تم ترشيحه للدور من قبل المخرج المتميز “بيتر ميمي”، وحول سر نجاح مسلسل الاختيار أكد أن “لوكيشن” المسلسل أجمل لوكيشن ممكن أن يتخيله إنسان في العمل، فمجموعة العمل كانت عاملا أساسيا في نجاح العمل، ففريق العمل قادر علي نجاح أي مشروع درامي، حيث يسود الكواليس نوع من الصداقة والأخوة تجعل الممثل يذهب إلي العمل بحب حتي إذا كان الموقع بعيدا. العامل الأول في نجاح المسلسل هو تقديمه لقصة بطولات حقيقية لشهدائنا “المنسي” بطل يستحق أن يتعمل عنه عدد من المسلسلات والأفلام لأنه بطل حقيقي. فكثير من الناس كانت لا تعرف شيئا عن بطولة ” المنسي” الآن أصبح بمقدور من يشاهد المسلسل أن يعرف حجم بطولة “المنسي” فالعمل سيخلد اسمه. المسلسل وضح للناس الفرق بين البطل الذي يحب وطنه وضحي بنفسه من أجله وبين الخائن ” عشماوي” الذي خان بلده وقام بالتخريب والعمل ضدها. نجوم الشرف وفيما يتعلق بنجوم قاموا بدور في المسلسل بعض هذه الأدوار لم يتعد الحلقة الواحدة مثل النجم محمد رجب، محمد عادل إمام والنجم المتميز آسر ياسين وغيرهم كثيرون أكد والي أن الموضوع أو الحدوتة نفسها تستحق إن النجم يشترك فيها حتي لو مر من أمام الكاميرا ولم يتكلم ففي كل الأحوال النجم سيزيد ويعلوا والناس ستحبه وتتقبله، فهو لم يأت من أجل المجاملة بل من أجل الموضوع نفسه و من شدة قوته وجماله وكون الأحداث واقعية وحقيقية فالنجم يوافق حباً في العمل وحباً في الوطن أولاً وأخيراً وأنا كطارق لو كان دوري مجرد المرور امام الكاميرا فقط بالطبع كنت سأوافق فورا في عمل مثل هذا. فهذا أقل شيء يمكن أن يهدي لشهداء الوطن، فهذا العمل سيعرف الناس ببطولتهم وسيخلد اسماءهم لأنهم استشهدوا من أجل أمننا وسلامتنا ضحوا بأنفسهم وأعمارهم من أجلنا وفداء لأمننا وسلامتنا.ولاجل بلدهم. كوادر المتأسلمين وأضاف النجم أحمد صادق الذي قام في مسلسل “الاختيار” بدور دكتور عبدالستار سعيد عبدالله أحد كوادر الإخوان وعضو مكتب الارشاد الذي دخل السجن مع سيد قطب في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، ويعد من أبرز قياداتهم. وأكد صادق إن سر نجاح المسلسل هو إن الشعب المصري بطبعه وعلي مر تاريخه يحب “الحدوتة” خاصة عندما تكون الحدوتة تمس أمن بلده القومي، بالإضافة إلي معرفة الجمهور المسبقة لهذه الحدوتة فهنا المشاهدة هي استرجاع لما حدث من إرهاب الإخوان. وإحياء لذكري انتصارنا عليهم، هذا غير إنه لا يوجد بيت في مصر ليس به علي الاقل شخص دخل الجيش، فالجيش بالنسبة للمصري عقيدة وهناك قول معروف “من لم يلتحق بالجيش لم يصبح رجل” الرجولة مرتبطة في وجدان الشعب المصري بالخدمة العسكرية وشهادة إنهاء الخدمة العسكرية شرف، فجزئية طرح حكاية ضابط جيش ضحي بنفسه واستشهد في سبيل دفاعه عن البلد ضد الإرهاب، هذا في حد ذاته عامل جذب للناس حول المسلسل. وأضاف صادق قائلاً: هناك أكثر من عنصر نجاح منها توقيت عرض المسلسل في شهر رمضان، كما ان المسلسل مصروف عليه إنتاجيا كويس جداً وكذلك تم عمل دعاية إعلامية له كبيرة جداً، كما قام باهر دويدار بعمل مزج بين المادة التسجيلية والكتابة الدرامية هذا علاوة علي ان “بيتر ميمي” مخرج بيعرف يعمل كدر وصورة ممتازة، ويقرب للمشاهد الحدث ويدخله داخل الحدث كل هذه العوامل مجتمعة عملت عملا دراميا شيقا للجمهور يحرص علي متابعته ومشاهدته. وحول وعي بيتر ميمي للفرق بين المسلم المعتدل والمسلم المتطرف قال صادق المسيحيين المصريين جزء من نسيج هذا الوطن واتربوا معنا في البيت والشارع والمدرسة فهم شركاؤنا في هذا الوطن وإخواننا فهم علي دراية ومتابعون معنا جرائم الإخوان وعنفهم وطغيانهم وكارهون لهم أيضا لأن الإخوان كانوا بيتعاملوا معهم علي أساس إنهم مواطنون درجة ثانية.من هنا استطاعوا معرفة الفرق بين الارهابي والمسلم شعبية المنسي وأكد الناقد الفني رامي عبدالرازق إن سبب نجاح مسلسل “الاختيار” من وجهة نظره يعود بنسبة كبيرة إلي طبيعة القصة نفسها وكونها مبنية علي أحداث حقيقية وكذلك الشخصيات التي يتناولها المسلسل وتحديداً شخصية المنسي بكل شعبيته وجماهيريته وقربه من الناس منذ أن استشهد بالإضافة إلي الفضول الموجود لدي الجمهور لكي يعرفوا أكثر عن شخصية مثل هشام عشماوي وخلفياته بالإضافة إلي أن التكلفة الإنتاجية محترمة جدا وضخمة، وكذلك الاستعانة بالمشاهد الحقيقية داخل العمل فبالتأكيد الجمهور يحب أن يطلع على ذلك. كل هذا كان من أهم عوامل الجذب الكبيرة جداً لكي يتابع المسلسل شرائح كبيرة جداً من الجمهور، بالإضافة إلي أن هناك شرائح من الناس لديها عداء شديد للأخوان والدواعش ومن علي شاكلتهم، هؤلاء أيضاً شرائح تحب أن تشاهد الأعمال التي بها انتصار لبطولات الجيش علي هذه النوعية من الإرهابيين. وأستطرد عبدالرازق قائلاً: إذا نظرنا إلي الورق في رأي مشكلته إنه يتناول الكتابة عند شخصية البطل فيها جانب من المثالية والشخصيات المثالية هي للأسف ليست شخصية جذابة درامياً، فالشخصية التي تكون كل حياتها جميلة ولطيفة وملائكية وكل كلامها مُثل وكل أفعالها قيم مع الوقت يبدأ المتلقي غصب عنه ينجذب أكثر إلي الشخصية التي في حياتها صراع فمع الوقت الجمهور سيجد نفسه مشدودا لشخصية هشام العشماوي ليس بمعني الحب ولكن من منطلق متابعة خط الشخصية الدرامي الخاص بها لأن خطها هو الذي سيكون فيه صراع إنساني أكثر وصراع درامي وبه قرارات تتخذ وأفعال وجرائم ترتكب لكن بالنسبة لشخصية المنسي فجأة سنجد أن كل حلقة أو حلقتين نري عملية أو تفجير. واستطرد عبد الرازق قائلاً حتي في علاقته بأبيه أو زوجته وكل من حوله كلها علاقات مثالية جدا مع الوقت ستصبح تقليدية جدا مع الناس ليس بها شيء جذاب وهذه من وجهة نظري مشملة الورق بالأساس بالإضافة إلي أن طوال الوقت الناس تتكلم في السياسة بمعني إن الحوارات الإنسانية العادية قليلة جداً خاصة في الحلقات الأولى كانت الحوارات السياسية مكثفة جدا والناس تتكلم في السياسة ليل نهار ويمكن هذا قل بعض الشيء في الحلقات التالية ولكن مازال الكلام من نوعية “خلوا بالكم من مصر، ولا تخافوا علي مصر، ومصر في ايدينا، ولو أحنا موتنا أنتم ستأتوا مكاننا” الكلام الذي به شعارات من هذا النوع تصلح في أفلام الشئون المعنوية في المواد الدعائية لكن في مسلسل درامي طويل إذا أصبحت هي الهدف الأساسي وتكررت ليحفظها الجمهور ستقل هذه الجاذبية مع الأسف الشديد. وأضاف عبدالرازق قائلاً : ولكن هذا لا يمنع إن المسلسل من أفضل الأعمال التي بها تعاون ما بين صناع الدراما وبين وزارة الدفاع وواضح إن وزارة الدفاع موفرة مواد وثائقية كثيرة جدا عن العمليات وعن حتي تدريبات “الصاعقة” وعن شخصية المنسي نفسها وهذا شيء يحسب للتعاون ما بين الشركة المنتجة ووزارة الدفاع عادة هذه الأشياء كانت لا تخرج وتعد سرية فكونهم أفرجوا عنها وأتاحوا للجمهور فرصة مشاهدتها ليشعر بقيمة الفعل العسكري الذي يقوم به أشخاص من نوعية المنسي فهذا شيء ممتاز ويحسب لوزارة الدفاع لصناع العمل أنهم استطاعوا يضمنوها داخل العمل، بالعكس هذه الوثائق الفيلمية تكون جذابة أكثر من كلام الشعارات. وأضاف عبدالرازق قائلاً: هذا النوع من الدراما ليس موجودا بكثرة فالدراما التي لها علاقة بالملاحم الوطنية دائما كانت مرتبطة بملفات المخابرات مثل رأفت الهجان وجمعة الشوان والحفار وغيرها. الدراما المرتبطة بالملاحم الوطنية التي لها علاقة بالعمليات العسكرية تحديدا قليلة جدا وكانت مرتبطة أكثر بالأفلام مثل الطريق إلي إيلات وحائط الصواريخ والصعود إلي الهاوية وغيرها، لكن الدراما التي تتحدث عن الجيش أو عن العمليات العسكرية لم تكن موجودة وأنما الموجود كان من الممكن أن يكون خط له علاقة بحرب أكتوبر أو حرب الخليج وعادة بتكون شخصية واحدة ضمن شخصيات كثيرة، أنما أن تكون شخصية الضابط والإرهابي هي الشخصية الرئيسية والدراما التي بها هذا الجانب العسكري هو بؤرة التركيز لم يحدث من قبل والمشاهد المصري لم يعتد علي هذا النمط. وهذا عامل جذب كبير ومختلف لأنه نوع جديد علي المشاهد لم يتشبع منه بعد.