فى الوقت الذى تتصاعد فيه التوترات بين إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة، اعلنت السودان امس الاول، عن توسطها بين الطرفين، وانها ستعمل على سد الفجوة، مشددة على ضرورة استئناف المفاوضات، عقب التغلب على ازمة كورونا، موضحة خلال بيان لها صادر عن مجلس الوزراء، انه تم الاتفاق مؤخرا بين رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ووزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، عبر اتصال هاتفي، على استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث”مصر والسودان واثيوبيا”، مؤكدا انه سيقوم بزيارة قريبة لكل من القاهرةواديس ابابا، فى محاولة لحث الطرفين على العودة ل “الطاولة” واستكمال المتبقي من القضايا العالقة المهمة، كما اتفق الجانبان على أن ملف السد الاثيوبى، اصبح ملّحا للغاية ويجب مواصلة التفاوض حوله بمجرد تغلب العالم على جائحة كورونا، خاصة وان مباحثات واشنطن حققت انجازا كبيرا، مما يجعل استئنافها منطقيا. بينما يرى خبراء مياه دوليون، ان هذه الخطوة قد تكون تغيرا جديدا فى الموقف السودانى، الذى لم يغادر نقطة الحياد والمنتصف بين” القاهرةواديس ابابا “منذ انطلاق المباحثات، والتى اكدت عليه مرارا من خلال تقديمها رؤية تخدم جميع الاطراف من حيث سنوات ملء وتشغيل السد، واعتبار ذلك اتفاقا شاملا للاطراف. على جانب آخر، تحاول إثيوبيا ان تروج عبر سفرائها في العواصمالغربية والإفريقية أنها على استعداد للعودة إلى طاولة المفاوضات مع مصر حول قواعد ملء وتشغيل السدّ، بشرط إبعاد وزارة الخزانة الأمريكية عن الملف، وإلغاء جميع الصياغات التي سبقت وتمّ الاتفاق عليها خلال مفاوضات واشنطن، الامر الذى يؤكد ما تردد عن توقف المعدات التى تعمل فى بناء السد، مؤخرا بسبب فيروس كورونا المستجد،”كوفيد19″، الوضع الذى قد يجبر اديس ابابا على تعديل موقفها المتعنت وتعود للمفاوضات، فيما اكد بعض الخبراء ان هذا الشرط الاثيوبى لن يوافق عليه ايا من الاطراف الاخرى، ولن تسمح أمريكا بالعودة بالملف الى نقطة الصفر، وانه مجرد شرط لحفظ ماء الوجه. من جانبه، يرى دكتور “احمد فوزى دياب”، خبير المياه بالامم المتحدة، أن الازمة بين مصر واثيوبيا بشأن قضية سد النهضه شديدة الوضوح، بدأت بالمفاوضات الثنائية بين البلدين، ووصلت الى إخفاق، يستوجب بعده اللجوء الى طلب وساطة طرف ثالث، وكانت “واشنطن”، ترعى هذه الخطوة ، ثم انتهت حاليا الى ضرورة اللجوء لمجلس الأمن، خاصة وان القاهرة تثق بسلامة موقفها القانوني في كل الخطوات، مشيرا الى ان التغير الطارىء للموقف السودانى المعلن مؤخرا ، امر غاية من الاهمية، مشددا على ضرورة تعميق المفاوضات المصرية السودانية، للوصول الى موقف موحد، ليس فقط لان مصلحة القطرين الشقيقين واحدة على المستوى البعيد، بل ايضاً لانهما يملكان وضعاً قانونياً واحداً بحكم اتفاقية 1959، مؤكدا ضرورة ان تركز مصر على السعي لإبرام اتفاقية مياه شاملة جديدة مع إثيوبيا، تنظم العلاقة المائية بين البلدين على المدى الاستراتيجي، بحيث لا تصبح في مهب الرياح لدى كل تطور جديد، مشدداً على أن إثيوبيا تخطط لإقامة 27 سداً جديداً، من بينها ثلاثة سدود ستمثل تماساً مع المصالح المائية، كونها مماثلة لسد النهضة، من ضمنها سد تم فعلاً الشروع في تخطيطه، وربما تنفيذه، مضيفا ان هذه الاتفاقية يجب أن تراعي كل الاعتبارات، فمن جهة لا ينكر المفاوض المصري حق إثيوبيا في التنمية والحصول على الكهرباء، لكن في المقابل هناك واقع نوعي وفريد لمصر، وهو كونها دولة المصب الوحيدة في حوض النيل التي تعتمد على الماء بشكل أساسي، من خارج حدودها، وبناء عليه لابد من الاتفاقية الشاملة، لأنه ما ان تنتهي أزمة السد على أي وجه، ستبرز بعدها سلسلة أزمات لا تنتهي بسبب تخطيط إثيوبيا لإقامة 27 سداً جديداً، وهو وضع لن يتم حله بشكل جزئي عبر الدعوة لمفاوضات لكل سد على حدة.