فشلت حكومة رجال الأعمال في المحافظة علي مبادرة دول حوض النيل كشكل قانوني يجتمع من خلاله وزراء المياه في عشر دول أفريقية تشترك في حوض النهر وتم تشييع المبادرة بعد إعلان موقفها الأسبوع الماضي في مدينة شرم الشيخ من قبل 7 دول هي كينيا وتنزانيا وأوغندا والكنغو ورواندا وبرندي وإريتريا والتي أعلنت بدلا منها مفوضية دول حوض النيل للتعاون بين 7 دول وموافقة إثيوبيا من حوض النيل الشرقي وبعيدا عن مصر والسودان كدولتي مصب. أهدر وزير الموارد المالية الحالي الدكتور محمد نصرالدين علام جهد وعمل ومشاورات 12 عاما كاملة بدأت في ديسمبر 1998 بتكوين مبادرة دول حوض النيل للحفاظ علي المياه التي تسقط في منطقة البحيرات وتنميتها وتحقيق الاستفادة منها والعمل وفقا لمبدأ المنفعة المتبادلة بين جميع الأطراف علما بأن إجمالي الأمطار التي تسقط علي منابع النيل يبلغ 1600 مليار متر مكعب ولا يتم الاستفادة منها وما يصل للنهر يبلغ 5% فقط من هذه المياه وتحتاج إلي مليار ونصف المليار لإقامة مشروعات مشتركة للحفاظ عليها، وخلال اجتماع الأسبوع الماضي حضرت الدول إلي شرم الشيخ ولديها أجندة عمل مسبقة بالاتفاق مع البنك الدولي والدول المانحة مثل أمريكا والصين وإسرائيل تستهدف عمل إطار قانوني لتلقي المساعدات والمنح الدولية لإقامة المشروعات بتلك الدول بعيدا عن دولتي المصب.. وخلال اللقاء الأخير، الذي شهد إلغاء مبادرة دول حوض النيل منع الدكتور علام وزير الموارد المائية الوفود الإعلامية من التواصل مع ممثلي الدول المشاركة لدرجة أن الأمن منع الصحفيين من التواجد بالقرب من القاعات وأماكن مرور الوفود إلي التواليتات وقبل الجميع بذلك أملا في وجود تنسيق مسبق لمنع هذا الانشقاق والحفاظ علي التراكمات السابقة لسنوات المبادرة. ومساء يوم المباحثات اصطحب الوزير الوفود إلي رحلة سفاري وتمت المناقشات علي أنغام الموسيقي ودخان الشيشة واعتقد الجميع بأن الأمور تمشي في المسار الصحيح حتي استيقظ وزير الموارد المائية في صباح اليوم التالي علي إعلان بيان مشترك من تلك الدول بإنشاء مفوضية دول حوض النيل بدون مصر والسودان ليكون من حقها تلقي المبالغ المالية لإقامة المشروعات التي تخدم مصلحتها دون الرجوع إلي دولتي المصب وبذلك تكون هذه الدول أسقطت الحق المصري في الإخطار المسبق قبل إقامة المشروعات وأوقفت عمليات المراقبة بطول مجري النهر وكونت مع نفسها كيانا لإيجاد الموارد اللازمة لتنفيذ خططها بالاستيلاء علي حصة مصر من مياه النيل دون قيد أو شرط أو مراعاة للعلاقات وغيرها من المسميات التي أطلقتها الحكومة المصرية بعد هذا الفشل الذريع. دول حوض النيل رفضت عقد هذا الاجتماع قبل شهرين في شرم الشيخ وأمام رجاءات ونداءات مسئولي الحكومة الحالية انعقد الاجتماع الأسبوع الماضي وكان الهدف الأساسي منه أن تنقل الكاميرات النجاح المصري في الحفاظ علي وسيلة للالتقاء والتشاور دون الخوض في تفاصيل وهو ما نتجت عنه إهانة الدبلوماسية المصرية داخل مصر وبغير علمها ودون اكتراث لرد الفعل المصري إذا كان هناك رد فعل. ويتساءل الخبراء عن الدكتور محمود أبوزيد وزير الري السابق ومهندس مبادرة دول حوض النيل الذي نجح في الحفاظ عليها طيلة 12 عاما كاملة والذي كان يصرح في جلسات خاصة بأن الحفاظ علي المبادرة كوسيلة للالتقاء والنقاش وطرح الآراء يعتبر نجاحا ولماذا لم تتم دعوته لحضور الاجتماع بما لديه من علاقات طويلة مع مسئولي تلك الدول وأين زيارات الوفود البرلمانية والإعلامية بين مصر ودول حوض النيل؟! والفشل الحقيقي يكمن في عدم معرفة الأجهزة المصرية بما كان يدبر في الخفاء لإعلانه داخل مصر وبحضورها ودون التشاور معها رغم اعترافها بحقوق تلك الدول في إقامة المشروعات التنموية وتوفير مياه الشرب اللازمة لمواطنيها وغيرها من المشروعات التي يتم الاتفاق عليها.