تحقيق: نجوى ابراهيم- رضا النصيرى سيطرت حالة من الترقب والقلق على كثير من أولياء الأمور والطلاب بعد حملات وزارة التربية والتعليم لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية.. يتخوف الجميع من غلق هذه المراكز لعدم وجود بديل للطلاب وتعتبر مراكز الدروس الخصوصية المنفذ الوحيد لهم بعد غياب دور المدرسة.. وشهدت مراكز الدروس الخصوصية ازدهارا رغم أنف وزارة التعليم، ورغم محاولات وزير التعليم بما سماه تطوير التعليم من خلال قراراته النارية بسن قانون لتجريم الدروس الخصوصية والغاء الكتاب المدرسى وتوزيع التابلت على طلاب الصف الاول الثانوى بالاضافة الى حملات غلق السناتر..الا ان هذه القرارات جاءت بصورة عكسية، وانتاب الطلاب حالة من الذعر دفعتهم للتكالب على المراكز.. استغلت المراكز حاجة الطلاب الى مجموعات تقوية ورفعت اسعار الحصص والملازم التى يتم توزيعها فوصل سعر الحصة لطلاب الثانوية العامة الى 90 جنيها بخلاف سعر الملزمة التى كانت توزع مجانا فى السنوات السابقة وصل سعرها الى 10 أو 15 جنيها للحصة الواحدة، اما الصف الابتدائى "عربى انجليزى"يتراوح سعر الحصة بين 40 و45 جنيها والمرحلة الاعدادية فسعر الحصة يصل الى 50 جنيها، واللافت للنظر أن هناك تفاوتا فى اسعار الحصص بالمراكز فهى تبدأ من 25 و30 فى بعض المناطق الشعبية للمرحلة الابتدائية وتصل الى 50و60 جنيها فى المناطق الراقية للمرحلة الابتدائية لغات. تقسيم الحصص وتقوم بعض المراكز بتقسيم الحصص الى نوعين متميزة وعادية وفقا لعدد الطلاب فالحصة العادية تصل الى 40 جنيها للابتدائى والاعدادى ويصل عدد الطلاب بها الى 70و80 طالبا، اما سعر الحصة العادية لطلاب الثانوية العامة 90 جنيها، أما المتميزة لا يزيد العدد على 20 أو 30 طالبا وسعرها الضعف تقريبا. مشروع قانون اعلن دكتور "محمد عمر"، نائب وزير التربية والتعليم لشئون المعلمين، تقديم مشروع قانون تجريم الدروس الخصوصية إلى مجلس الوزراء خلال أسبوعين، مشيرًا إلى أن عقوبة المخالفين لقوانين الدولة فيما يتعلق بعدم الحصول على تراخيص لمزاولة المهنة تصل إلى الحبس، كما يعاقب المدرس الذى لم يحصل على تصريح للعمل داخل مراكز الدروس الخصوصية إلى الفصل، ومن أبرز ملامح مشروع تجريم نشاط الدروس الخصوصية اولا، يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من أعطى درسا خصوصيا فى مركز أو سنتر تعليمى أو فى مكان مفتوح للجمهور بصفة عامة، اما فى حالة العودة لتكرار ذات الجرم يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، كما يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 50 ألفا والحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، كل من ساهم أو اشترك بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة. إحصائية ووفق إحصائية رسمية لمركز معلومات مجلس الوزراء فان الدروس الخصوصية تلتهم قرابة 30 مليار جنيه (نحو 1.7 مليار دولار) من ميزانيات الأسر فى العام الدراسي الواحد، وقد اعلن فى وقت سابق، وزير التربية والتعليم دكتور" طارق شوقى" أن 70 % من أصحاب مراكز الدروس الخصوصية، ليسوا معلمين ولم يحصلوا على تراخيص لمزاولة المهنة، ما ينسف جهود الدولة لإقرار نظام تعليمي معاصر بمعلمين مدربين على أساليب تربوية حديثة، ومن جانبهم برر أولياء الأمور اللجوء إليها بتخاذل المعلمين فى المدارس عن الشرح، وارتفاع معدلات الكثافة فى الفصول، وانخفاض التحصيل الدراسي، بينما يبرر معلمون اللجوء إلى الدروس الخصوصية بضعف الرواتب وعدم القدرة على توفير الحد الأدنى لمتطلبات الحياة، فى ظل رفض الحكومة ضخ زيادات مالية لهم منذ عام 2014. اما بعض الخبراء فقد ارجعوا السبب فى زيادة الدروس الخصوصية إلى أولياء الأمور معتبرين إلغاءها قضية أمن قومي، الا انهم طالبوا فى حالة إلغائها بضرورة زيادة أجور المدرسين حتى يتمكن النظام التعليمي الحديث من القضاء عليها تمامًا. دور المدرسة ومن جانبها طالبت "عبير أحمد"- مؤسس صفحة اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم- على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وزارة التعليم بالعمل على إعادة دور المدرسة والتشديد على المعلمين بالشرح داخل الفصول، وتطوير المناهج حتي لا يلجأ ولي الأمر إلى الدروس الخصوصية. وأكدت عبير أن أولياء الأمور أرجعوا حرصهم على الدروس الخصوصية إلى غياب دور المدرسة، وعدم شرح المعلم داخل الفصل، مشددة على أن الدروس الخصوصية وحش يلتهم جيوب أولياء الأمور فى مختلف المراحل التعليمية. واقترح خالد صفوت، مؤسس صفحة "ثورة أمهات مصر على المناهج التعليمية المصرية" إخضاع الدروس الخصوصية تحت إشراف ورقابة وزارة التربية والتعليم، وفرض تسعيرة جبرية محددة عليها بشكل يشبه مجموعات التقوية لعدم تركها لاستغلال المعلمين. بدون رؤية ويؤكد د"كمال مغيث"الخبير التربوى أن ابرز ما يميز التعليم الحالى أنه بلا رؤية او فلسفة،مشيرا الى انه فى ظل تدهور حال المعلمين وزيادة كثافة الفصول يصبح من الطبيعى خروج الطلاب الى تلك المراكز الخاصة لانها اصبحت السوق الموازية للتعليم،واصبحت تؤدى ما فشلت فيه المدرسة،والعلاج من وجهة نظره يتطلب مجموعة من السياسات المتكاملة منها الاهتمام بالمعلم وزيادة مهاراته ورفع راتبه. نظام التنسيق ومن جانبه اكد د"ايهاب عبد العظيم"وكيل كلية التربية جامعة الزقازيق ان اتجاه اولياء الامور للدروس الخصوصية سببه اخفاق نظام التعليم فى مصر وخوف اولياء الامور على الابناء والرغبة فى تحصيل الدرجات، خاصة فى الثانوية العامة نظرا لان نظام القبول بالجامعات فى مصر نظام فاشل يعتمد على الدرجات، وبالتالى كل الطلاب يرغبون فى تحصيل اعلى الدرجات ويلجأون للدروس الخصوصية لان المتحكم فيهم هو نظام التنسيق،وللاسف الوزارة بدلا من أن تحل هذه المشكلات، وتعيد النظر فى هذا النظام تقوم بغلق المراكز دون توفيرالبديل. واضاف ان الطالب اعتاد على هذا النهج، ولن يستطيع تغييره بسهولة،فعندما يأتى الطالب للجامعة نجد أن لديه ثقافة الدرس وليس ثقافة المحاضرة، يريد معرفة الامتحان قبل الشرح، لا يفكر سوى فى الحفظ لتحصيل الدرجات، وهذا كله يتطلب اعادة النظر فلابد من اصلاح منظومة التعليم فى مصر اولا وليس تطوير التعليم كما يردد المسئولون بالوزارة، نحتاج اولا ان نرجع الطالب للمدرسة، ونعيد للمعلم دوره واعادة تأهيله وتطويره ثم بعد ذلك نتحدث عن تجريم الدروس الخصوصية. وأوضح أن الوزارة تحاول شغل الرأى العام بقضايا فرعية حتى يبتعدوا عن القضية الاساسية وهى أن الطالب يجب أن يتعلم تعليما جيدا يتواكب مع سوق العمل. وانتقدد"ايهاب فكرة تطوير التعليم وادخال التكنولوجيا بالصف الاول الثانونى،مشيرا الى انه بعد دخول الطالب الجامعة يتعامل بالطرق التقليدية مرة ثانية ويتساءل ما فائدة التابلت اذن؟والحديث عن تطوير منقوص؟ خصخصة التعليم ومن جانبه اوضح "حسن احمد"امين المهنيين بحزب التجمع ان الدروس الخصوصية ليست هى المشكلة الاساسية للتعليم فى مصر مشيرا الى أن الحديث عن المراكز وحملات غلقها وقانون تجريم الدروس الخصوصية هدفه الاساسى الهاء الناس عن فشل مشروع التطوير الذى كان يتحدث عنه وزير التربية والتعليم ليل نهار. وقال"حسن "قبل الغاء الدروس الخصوصية يجب النظر الى المدرس الذى يتقاضى مرتب 2000 جنيه ولا يتقاضى الا ربع أجر المجموعات الدراسية أن وجدت، فالمعلم هو اساس اصلاح العملية التعليمية، وايضا يجب اعادة النظر فى الكتاب المدرسى الذى لا يفهم منه الطالب شيئا ويضطر اللجوء للكتاب الخارجى أو الملزمة المبسطة والتى تبسط المنهج باسلوب سهل وبسيط غير معقد. واشار الى ان اول المدافعين عن مراكز الدروس الخصوصية هم اولياء الامور لان ابنائهم لايتعلمون شيئا فى المدارس، حتى نظام الثانوية الجديد لا اعتقد أن التابلت هو الحل للمشكلة فالوزير سيضع المنهج الموجود بالكتاب المدرسى على التابلت فما الفائدة من ذلك فالتلميذ يحتاج الى شرح مبسط وتدريبات على الامتحانات وهذا لا يتم الا فى الدروس الخصوصية، ففى المدرسة المعلم مرتبط بكتاب الوزارة وبالتوجيه وبالتالى لا يتمكن من توصيل المعلومة بطريقة مبسطة مثلما يحدث فى السنتر، موضحا أن السنتر احيانا يضم 200 تلميذ ولكن الجميع يخرج من الحصة فاهم الدرس بعكس المدرسة والسبب أن المدرس فى المركز يشرح باسلوب يناسب التلاميذ، اما فى المدرسة هو ملتزم بكتب الوزارة العقيمة، وطالب حسن بضرورة ان يصبح دور المعلم ميسرا على التلاميذ ويقوم التعليم على فكرة المشاركة والحوار بين المعلم والتلاميذ، وان يتم تغيير المناهج، وازالة الحشو منها فى اطار تطوير التعليم. واشار "حسن" ان الوزير د"طارق شوقى"يحاول الهاء الناس عن اتجاهه لخصخة التعليم فكل تصريحاته تشير الى أن القطاع الخاص هو الذى سوف يدير العملية التعليمية فى مصر، فهو مؤمن بأن مشكلة التعليم فى مصر هى المجانية وهذا اتجاهه منذ كان مستشار الرئيس للتعليم. ازمة ثقة اكد دكتور "رضا الخولى" استاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة الازهر، إن أولياء الأمور سبب فى زيادة الدروس الخصوصية، خاصة فى ظل عدم وجود ثقة فى هيئة التدريس بالمدارس مما جعلت إتجاههم الأكبر نحو الدروس، مشيرا الى ان قضية الدروس الخصوصية شائكة لأنها تمس فئة كبيرة من المجتمع يصل عددهم إلى أكثر من مليون و300 ألف معلم، مطالبا زيادة المرتبات فى ضوء ان احوال المعلم واوضاعه مازالت متدنية وتحتاج الى وقفة وعن البديل بعد إلغاء الدروس الخصوصية يرى" الخولى" ان هناك طرقا عديدة لتعليم الأبناء من ضمنها توفير المراجع التعليمية، والبحث عن المعلومات، وممارسة الأنشطة الطلابية، دون الاعتماد على الدروس الخصوصية، مشددا على أنه فى حالة تطبيق القانون ومخالفته من بعض المعلمين، يتم تطبيق العقوبات القانونية اللازمة عليه. التعليم الحديث ومن جانبه، يرى دكتور "سامح جمعه" الخبير التربوي واستاذ طرق التدريس بجامعة الازهر، إن نظام التعليم الحديث سيقضي على الدروس الخصوصية تمامًا، نتيجة اعتماده على فهم الطالب ومهاراته، بالإضافة إلى استخدامه التكنولوجيا، معتبرا ان هذا القانون يعد حلًا جزئيا لإنهاء الأزمة، وليس نهائيا فى ظل وجود العديد من طرق التحايل من قبل اولياء الامور والمدرسين،منها إعطاء الدرس الخصوصي داخل المنزل بدلا من المراك، وبالتالي فإن القضاء على التعليم الموازي أو غير الرسمي يتطلب التحرك الفوري لإعادة الاعتبار للمدرسة والمعلمين ومنحهم رواتب ترضيهم بدلا من اللجوء إلى الدروس الخصوصية، مؤكدا على ان تنفيذ القانون مرهون بتكاتف الحكومة وأولياء الأمور معا للقضاء على الظاهرة. واوضح" سامح" أن نجاح مثل هذا القانون يتطلب توعية أولياء الأمور بتوفير ميزانية الأسرة التى تنفقها على الدروس الخصوصية وتوجيهها إلى تعليم أبنائهم عن طريق توفير المراجع والأدوات والأجهزة اللازمة لتعلمهم فى المدرسة وإحداث تغيير جذري فى المناهج وطرق التدريس والتقويم.