أي مصر نصدق، التي نراها على شاشاتنا، أم التي نراها على الشاشات الاخري ؟ً وأي مصر نصدق.. التي نقرأ أخبارها على صفحات جرائدناالمصرية، أم التي نقرأ أخبارها على صفحات الشوسيال ميديا؟، الواضح أن هناك فروقا بين كل هذه الوسائل الاعلامية، وأن غياب الجهد المنظم لوسيلة إعلام رسمية، موثقة ودقيقة، وسريعة، على موقع واضح، يقدم أولاً بأول الحقائق ويطرد الاكاذيب المتزايدة كل يوم، بل كل دقيقة، والمحاولات واضحة لفرض مناخ نفسي قاتم، وأغراق الناس فى فيض من الأخبار السلبية ومد حبال من التشاؤم والغضب من منغصات الحياة على الأغلبية الآن، بل والإيحاء بأن الارض تخلو من الناس ( الطيبين) مثل المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت السابق، والذي تصدر خبر موته أحد المواقع مصحوبا بصورته، وغيره من الشخصيات التي أعلنت وسائل الميديا الإلكترونية وفاتها، لمجرد أحداث تأثير سريع، وردود أفعال عاطفية مليئة بالشجن حول حياتنا الآن، ولأننا نواجه حروبا متعددة، علنية مثل حروب الدواعش والفرق الإرهابية فى سيناء، وحروبا غير علنية، وليست سرية، هي الحروب الإعلامية التي يطلقها كل طامع فى مصر، سواء فى حكمها مثل الإخوان الذين طردهم الشعب بعد عام واحد، او أصدقاء، الفكرة نفسها.. الذين يعز عليهم وجود دولة مستقلة قوية فى هذا الجزء المهم من العالم، وهذه المنطقة الحساسة التي كانت ولا تزال مطمعًا للامبراطورية العثمانية زمان، ثم بريطانيا وفرنسا، والآن أمريكا، وتركيا وكل من يجد لديه منفذا لخلق أوضاع غير مستقرة لبلد فى حجم مصر تقف أمام كل محاولات اختراقها برغم مشاكلها، كل من لا تعجبه مصر الان يلعب إلكترونيا ضدها لخلق موجة شائعات مؤثرة على الكثير من مواطنيها الذين قد لا يعرفون القراءة والكتابة، ولكنهم يلجأون الي (أباء العريف ) من معارفهم للأستفهام عن ماسمعوه يتناقل عبر موبايلات الأصدقاء والمعارف، وكيف لا يحدث هذا والردود على أي خبر مهم او صادم تأتي سريعة، قوية وحاسمة لتزيد الاهتمام به، وتخلق دائرة من الجدل حوله، وتشكك فى الدولة وأجراءاتها، ولنأخذ قضية القبض على رئيس مصلحة الجمارك السابق كنموذج، ففور أعلان القبض عليه، انتشرت كتابات على موقع الفيسبوك لمن قيل أنهم العاملون معه من موظفين، ينعون فيها توقيف رجلا فاضلا هو نموذج للامانة، وان من فعلها هم حيتان التهريب والفاسدين الذين خافوا منه، وهو ما دفع الكثيرين الي التراجع، بل واتهام جهاز الرقابة الإدارية اتهامات كان هدفها تلطيخ سمعة جهاز أصبح نموذجًا لمحاربة الفاسدين بلا هوادة، وبالتالي، خلق حالة من فقدان الثقة فيه، واتهام الدولة بمحاباة الفاسدين، ولولا البيانات السريعة المتتالية التي أكدت القضية لأصبح الشك هو السائد فى الخطوات القادمةالتالية للقبض على الفاسدين، إنها مجرد حالة ونموذج من نماذج الحروب اليومية الإلكترونية علينا كمصريين، وكل منا يعرف الكثير غيرها والذي يرد عليه يوميا عبر أجهزة الموبايلات الذكية، والآي باد، وفِي حلقة الأحد اول اول أمس من برنامج (مصر النهاردة) على القناة المصرية الاولي، استضاف خيري رمضان ثلاثة من المختصين بهذا الشأن، أي الإعلام الإلكتروني وتأثيره، وكان من الواضح ان كلاً من الإعلامالورقي، والمسموع والمرئي قد خرجا من الصورة، وأقصد هنا التأثير، فالعدد الاكبر من الذين يتأثرون بالإعلام ليس قراء الصحف الآن، ولا مشاهدي القنوات التليفزيونية او مستمعي الراديو، ولكنهم جمهور السوشيال ميديا الذين يدخلون فى اي وقت لقراءة الجديد على موبايلاتهم، فى عز الحر وعز الزحام، ووسط اي مشاغل أخري، مهما كانت أهميتها، وكأن الحياة أصبحت مرهونة بما هو مكتوب بخطوط صغيرة على الموبايل الشخصي. وفى البرنامج أعلن النائب أحمد بدوي وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب عن أحصائية مفزعة هي عدد 53 ألف شائعة صدرت عبر الإنترنت ومواقعه فى ستة أشهر!!. من أجل تصدير حالات الاحباط للمصريين فى بيوتهم، بينما أكد خبير أمن المعلومات، وليد عبد المقصود أن خبراء الفيس وضعوا آليات للتعامل مع البشر المستخدمين له وفقا لاعمارهم، وركزوا على الأجيال الجديدة من الأطفال والمراهقين لربطها بالإعلام القادم عبر الأجهزة الشخصية فى إطار حرب اقتصادية غير معلنة، تستعين بالشائعات، اما خبير التنمية البشرية أسامة قناوي، فقد نظر للقضية من جانب آخر مطالبا كل المؤسسات فى الدولة المصرية بتعيين مسئول صحفى تكون وظيفته الاعلان عن أي خطوة جديدة، وأي قرار يصدر، حتي يعرف المجتمع الاعلامي ان أخبار المؤسسة متاحة، وعن طريقها، وموثقة، وايضا لا بد من ان يعرف الجميع أسم هذا المتحدث، ووظيفته وألا تنسب التصريحات الي مجهول فيسهل تحريفها، أخيرًا، فقد اتفق الجميع على مسئولية الدولة عن ما سمي توسيع المنصات المعلوماتية التي تتاح للاعلام بكل أنواعه، بحيث لا تتم قراءة القرارات الجديدة وكأنها فرمانات عثمانلية، بسرعة وبدون تعقيب، وإنما يجب توضيح أي قرار جديد وعلي أية أسس أو أسباب تم اتخاذه، أما السؤال الذي كان يجب على الجميع ان يسألوه فى هذه الحلقة المهمة ولَم يحدث فهو عن قانون المعلومات الذي نتحدث عنه جميعا، حكامًا ومحكومين، ولَم يصدر، ولا أحد يعرف السبب!.