ايام قليلة ويستقبل المصريون سنة ميلادية جديدة (2018)، وينتظر المواطن مع بداية العام الجديد ان يشعر بتحسن فى مستوى معيشته من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وان يشعر بعائد المشروعات القومية الكبري التى تنفذها الدولة، حيث عاني المواطن خلال العام الحالي من امور عديدة تمثلت فى ارتفاع اسعار كل احتياجاته من السلع والخدمات وايضاً اسعار السكن والمواصلات وفى المقابل لم يشهد الدخل زيادة ملحوظة لتعويض هذا الفارق نتيجة ارتفاع الاسعار بعد تعويم الجنيه..الامر الذي يجعل المواطن فى حيرة دائمة لتدبير معيشته وتوفير احتياجات اسرته من مأكل ومشرب وملبس. ويتساءل المواطن عن مدي استفادته من المشروعات القومية التى تنفذها الدولة ومتى يشعر بعائد هذه المشروعات ؟! حيث تستهدف الدولة تنفيذ مايقرب من 10 مشروعات قومية كان اخرها مشروع الضبعة النووي الذى يستهدف توفير ما يقرب من 4800 ميجاوات من الكهرباء بحلول عام 2026 من خلال إنشاء 4 مفاعلات نووية بدعم روسي، وايضاً مشروع تنمية حقل ظهر بمنطقة شروق البحرية بالبحر المتوسط بمعدل انتاج مليار قدم مكعب غاز يوميا نهاية العام الحالي، واستكمال باقى مراحل المشروع ليصل الإنتاج إلى حوالى 2.7مليار قدم مكعب يوميا بنهاية عام 2019. وتنفذ الدولة ايضاً مشروع العاصمة الادارية الذي يستهدف تشييد مدينة إدارية واقتصادية جديدة فى إقليم القاهرة الكبرى، بالاعتماد على نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتمثل المساحة السكنية بها حوالى 67% من مساحة المشروع، متضمنة نحو 285 ألف وحدة سكنية لمحدودى الداخل و185 ألف وحدة لذوى الدخل المتوسط، و15 ألف وحدة للطبقات الأعلى دخلاً بحيث تستوعب 6.5 مليون نسمة، وذلك بعد اكتمال جميع مراحل المشروع، ومن المتوقع أن يوفر المشروع حوالى 2 مليون فرصة عمل.. ويعد مشروع قناه السويس ضمن المشروعات القومية التى اعلنت عنها الدولة وفق خطة التنمية المستدامة، والذي يستهدف خلاله ان ترتفع ايرادات القناة الى 5.6 مليار دولار، وان تزيد عدد السفن المارة الى 17.9 ألف سفينة بحمولة مستهدفة 1078 مليون طن.. مروراً بمشروع الاستزراع السمكى الذي يقع شرق قناة السويس فى محيط مدينة القنطرة، على مساحة 7500 فدان، وبه 4 الاف حوض لانواع مختلفة من الاسماك. ويقام على ثلاث مراحل، ويتم تنفيذ المرحلة الثالثه ومن المقرر ان تنتهي فى نهاية أغسطس 2018، على مساحه 2700 فدان ويستهدف إنشاء 1400 حوض استزراع سمكي.. وغيرها من المشروعات القومية الاخري التى تنفذها الدولة، مثل مشروع الشبكة القومية للطرق بتكلفة 100 مليار جنيه، ومشروع استصلاح الاراضي على مساحة مليون ونصف فدان، بالاضافة الى المشروع القومي للإسكان بتكلفة 185 مليار جنيه، حيث يستهدف بناء مليون وحده سكنية على مدار 5 أعوام فى كل أنحاء الجمهورية.. بالاضافة الى حزمة مشروعات لتوفيرالحماية والرعاية الاجتماعية للمواطن البسيط، منهم مشروع تكافل وكرامة لمحاصرة مشكلة الفقر فى مصر، وايضاً تحسين منظومة الخبز لتسهيل وصول رغيف الخبز المدعم للفقراء ومحدودي الدخل، وتطوير القرى الأكثر احتياجاً. تسير ببطء وفى ذات السياق يري د.رشاد عبده «رئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية والاقتصادية» ان المشروعات القومية التى تنفذها الدولة لم تنته بعد حتى يشعر المواطن بتحسن ورخاء فى مستوى المعيشة، وقد يستغرق ذلك عامين، حيث تشير المؤشرات ان عائد تلك المشروعات لم يتضح قبل النصف الثاني من عام 2019. واضاف ان مشروع حقل ظهر ضمن المشروعات المهمة التى من المتوقع ان تعود على مصر بعائد اقتصادي كبير من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز خلال عام 2018، ومن المتوقع ان نبدأ نصدر بداية من عام 2019 بما يوفر ما لايقل عن 7 او 8 مليارات جنيه يتم صرفها مقابل احتياجنا من الغاز والبترول. واوضح عبده، ان مشروع تنمية محور قناه السويس لم يستغل بالشكل الامثل، وتوجد عشوائيات حول القناة، الامر الذي يرجع الى عدم الاستعانة بالكفاءات فى المناصب الحيوية. لافتاً الى ان الحكومة تسير ببطء شديد فى تنفيذ المشروعات. واشار الى ان هناك جوانب سلبية واخري إيجابية لمشروع محطة الطاقة النووية، من ضمنها ضرورة تنوع مصادر الطاقة، ولكن كان بإمكاننا بذات التكلفة ان نبني العديد من محطات الطاقة الشمسية ونستغل الهبة التى تتميز بها مصر عن باقي الدول الاخري التى تستغل الطاقة الشمسية الضئيلة لديها. فرص عمل وتري د.عاليه المهدي « عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقاً» ان المشروعات التى تتبناها الدولة تتفاوت نتائجها ما بين طويلة الاجل ومتوسطة وقصيرة الاجل تبعاً لطبيعه المشروع، فمثلا مشروع الضبعة لم يؤت نتائجه قبل عشر سنوات على الاقل، كذلك المشروعات الاخري التى تستغرق سنوات للإنتهاء منها. واضافت ان مقومات نجاح المشروعات ليس من خلال خلق فرص عمل تنتهي بإنتهاء المشروع، إنما من خلال خلق فرص عمل مستدامة. مشددة على اهمية تنفيذ مشروعات إنتاجية سواء صناعية او خدمية تستهدف تشغيل العمالة ورفع مستوى معيشة الافراد، مثل بناء مصنع او إنشاء مزرعة. لافتة الى الاهمية الفعلية للمشروعات مثل الطرق تتمثل فى تعمير جانبي الطرق وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة. واشارت المهدي، الى ان معدل التضخم خلال العام الحالي وصل الى اعلى مستوي له وبلغ 29% بما يضر بالاقتصاد المصري، ومعالجة ذلك تستلزم إنتعاش الطاقة الانتاجية لدينا. انخفاض الدخل ويري د.سعيد صادق « استاذ علم الاجتماع السياسي « ان اكبر معاناة مر بها المواطن المصري خلال العام الحالي، كان قرار تعويم الجنيه الذى اثر بشكل سلبي على دخل المواطن وانخفضت مدخراته بنسبه 120%. واضاف ان المشروعات الكبري التى تنفذها الدولة يستفاد منها المواطن على المدي البعيد وتكون الاستفادة الكبرى للمستثمرين، حيث يستفيد المواطن من بعض المشروعات فقط مثل مشروعات الطرق. لافتاً الى اهمية دعم المشروعات الصغيرة التى تعطي فرصة للشباب ان يبدأ بمشروع استثماري فى ظل عدم وجود تعيينات فى الحكومة، بالاضافة الى تسهيل عملية القروض بفوائد محددة للحد من ارتفاع نسب البطالة. مشيراً الى ان الدولة يجب ان تعمل خلال العام المقبل على رفع مستوى معيشة الافراد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، خاصة مع اكتشافات حقول الغاز. وافاد صادق، اننا نستورد 70% من غذائنا فى ظل ارتفاع نسب المواليد بمعدل 2.6 مليون نسمة سنوية، وبالتالي يعد مشروع الاستزراع السمكي ضمن المشروعات المهمة التى تحقق الاكتفاء الذاتى وتفتح مجالا للتصدير والاستثمار، مؤكداً على اهمية تفعيل الرقابة والمتابعه لانجاز المشروعات وازالة المعوقات. ارتفاع الأسعار ويري د.وليد جاب الله « خبير التشريعات الاقتصادية» ان المواطن المصري عاني خلال الفتره الماضية نتيجه ارتفاع الاسعار مع مضي الحكومة فى إجراءات الاصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الصرف وتقليص الدعم، الامر الذى جعل الحكومة تحاول علاج ذلك من خلال برامج حماية اجتماعية وتبني مشروعات قومية تستهدف خلالها تشغيل 3 ملايين مواطن، فضلا عن رفع مستوى النمو واثر ذلك على إنخفاض معدل التضخم السنوي لأول مرة خلال نوفمبر الماضي ليسجل 26،9% مقابل نحو31،8% خلال شهر أكتوبر. واضاف ان شعور المواطن بتحسن مستوى المعيشة ليس بإنخفاض الاسعار وحدها، إنما بالتوازن بين الأسعار والدخول، لتتحقق قدرة المواطن على الحصول على السلع والخدمات المناسبة بصورة تناسب دخله، من خلال رفع معدلات النمو وخفض نسبة البطالة. لافتاً الى ان هناك إجراءات اتخذتها الدولة ادت بذاتها الى خفض سعر الدولار الجمركي الذي يتم على أساسه تحديد قيمة الرسوم الجمركية المستحقة على البضائع ومستلزمات الإنتاج المستوردة ليصل إلى 16 جنيها، وثباته عند هذا المستوى مما يدعو إلى استقرار الأسواق وظهور العروض الترويجية المُخفضة. مطالباً بتفعيل الرقابة على الأسواق، ومحاربة سياسه الاحتكار السائده بين التجار لصالح المواطن، بالاضافة الى التوسع فى خلق بدائل تجارية تنافس التجار، مثل الجمعيات الاستهلاكية، والمعارض المجمعة، بالاضافة الى تفعيل قانون الاستثمار الجديد وما يرتبط به من تشريعات تحفز المستثمرين المصريين والأجانب، وزيادة الانتاج المحلي.