الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو غير معنى على الاطلاق بما يسمى بالتسوية مع الفلسطينيين أو ما يتردد عن " صفقة القرن " .. فالرجل تأكد وتحقق بنفسه من أنه على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبها ومايزال ضد الفلسطينيين وإنكاره لأي حق من حقوقهم بل لإنسانيتهم وإصراره على الاحتلال والتهويد والاستيطان وحملات الاعتقال والقتل .. إلا أن هناك دولا عربية مهمة ترتبط الآن مع إسرائيل ب " علاقات غير مسبوقة " وتجمعها مع تل أبيب " مصالح مشتركة " و" تتطابق رؤاها مع رؤيتنا وتعتبر اسرائيل شريكا أساسياً " ! . وبالتالي .. فأن الرجل لا يشعر بأي قلق من ناحية العرب . أما من ناحية الراعي الأمريكي لاسرائيل ، فإن نتنياهو أكثر اطمئناناً إزاء الدعم المطلق من جانب واشنطن لمسعاه المحموم لتصفية القضية الفلسطينية ، بل والحصول على المزيد من الدعم على كل المستويات العسكرية والتكنولوجية والسياسية والاقتصادية والمالية والدبلوماسية . وهذا هو السبب وراء إعلان نتنياهو خلال " احتفال " أقيم في الكنيست ، بمناسبة مرور خمسين عاما على حرب يونيو 1967 ، أنه سيحرص على توسيع الاستيطان ، لأن هذا الاستيطان يعني عودة اليهود " إلى البيت والأرض التي استقر فيها الآباء قبل آلاف السنين "! كذلك ، فإن نتنياهو يشعر باطمئنان شديد لأن غالبية سكان اسرائيل الآن متطرفون ويشجعون على المزيد من التطرف ، كما أن الساحة الاسرائيلية تتجه ، بشكل واضح ، نحو المزيد من العنصرية والفاشية والعنف الدموي ضد الفلسطينيين . ويتحول الاطمئنان إلى ثقة مفرطة لدى العصبة الحاكمة في اسرائيل بسبب العنصر الديموجرافي ، ففي الوقت الذي يبذل فيه الحكام الاسرائيليون كل ما في وسعهم لجعل الحياة وكسب الرزق من المستحيلات في الأراضي الفلسطينية .. ، وفي الوقت الذي تعمل فيه اسرائيل على تهجير الفلسطينيين إلى خارج فلسطين .. يتضاعف عدد سكان اسرائيل عشرة أضعاف منذ تأسيسها ، فقد ارتفع من 870 ألف نسمة عام 1948 إلى عدد يقارب التسعة ملايين نسمة الآن تم استيرادهم من الخارج . وفي اجتماع عقد مؤخراً مع رؤساء " مجلس يهودا والسامرة " الضفة الغربية قال نتنياهو أنه التقى لمدة 4 ساعات مع جيسون جرينبلات ، مبعوث الرئيس الأمريكي ، وديفيد فريدمان ، سفير الولاياتالمتحدة في اسرائيل ، وبحث معهما " مخططات البناء في المستوطنات " ، وكشف بعدها عن مشروع لبناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في هذه المستوطنات . ولسنا في حاجة إلى التذكير بأن الموقف الأمريكي داعم للاحتلال والاستيطان ولا يؤيد حل الدولتين ، فالوفود الأمريكية الزائرة لاسرائيل لم تشر بكلمة واحدة إلى حل الدولتين أو حدود 4 يونيو أو الاىستيطان . وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اقترح ، قبل انتخابه للرئاسة ، منح كوستاريكاللفلسطينيين (!) متجاهلاً أن شعب تلك الدولة لن يقبل بذلك ، كما أن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن وطنه وأرضه . وقد أصبح السفير الأمريكي في اسرائيل ديفيد فريدمان المتحدث باسم نتنياهو . أنه يقول أن لاسرائيل حقوقاً يجب الحفاظ عليها وأن حدود اسرائيل قبل حرب الايام الستة لم تكن آمنة " ، وأن اسرائيل " ستحتفظ بجزء كبير من الضفة الغربية في نهاية المطاف " ، وأن المستوطنات مهمة لاسرائيل من الناحية القومية والتاريخية والدينية " ، ويعتبر السفير أن حل الدولتين " لم يعد مفهوماً ومفيدًا " وأن اليهود الأمريكيين الذين يطالبون بالسلام مع الفلسطينيين يشبهون المتعاونين مع الحكم النازي الهتلري أي خونة أيام الحرب العالمية الثانية !! . والمعروف أن جاريد كوشنر ، مستشار وصهر ترامب ومبعوثه إلى اسرائيل أيضا ، ينحدر من عائلة ترتبط بصلات وثيقة مع مستوطني الضفة الغربية ، وقد اعترض كل من كوشنر وجيمس جرينبلات على قيام السلطة الفلسطينية بدفع إعانات لعائلات الشهداء الفلسطينيين . وها هي السيدة " هيلي نيكلي " التي عينها ترامب مندوبة لبلاده في الأممالمتحدة تستنكر القرار رقم 2334 الذي أصدره مجلس الأمن بإدانة الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ، بل أن هذه السيدة تجاهر بالعداء للشعب الفلسطيني . هل يمكن بعد ذلك أن نتوقع تغيراً في الموقفين الاسرائيلى والأمريكي يفتح المجال لتسوية شاملة وعادلة لقضية فلسطين ؟