ها هي أيام الحج قد انقضت ومضت بما حملته لنا من قيم سامية ومعان نبيلة.. قيم العبادة والطاعة والامتثال أسوة بنبي الله ابراهيم عليه السلام الذي أمر وما كان من الابن إلا أن أطاع صابراً محتسباً فكان جزاءه فداء عظيماً.. وهذا أعظم اختبار للطاعة لله.. وعندما ترك سيدنا ابراهيم زوج وابنه بواد غير ذي ذرع عند البيت الحرام. وتقبلت الزوجة صابرة محتسبة فكان جزاؤها نبع زمزم الذي يتدفق ماؤه الي أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وكلها دروس من الحج لا حصر لها في الطاعة والامتثال. والي جانب هذه القيم العليا للطاعة والامتثال حملت لنا أيام الحج مزيداً من القيم النبيلة. قيم المساواة والأخوة والوحدة بين المسلمين عندما يجتمعون بلا تفرقة في مكان واحد لهدف واحد يجمعهم لباس واحد لا تمييز بين حاكم ومحكوم ولا غني وفقير ولا أسود وأبيض ولا بين قوي وضعيف إلا بالتقوي وحسن العبادة الخالصة.. وقيمة التكافل عندما توزع لحوم الأضاحي والهدي والفدية بين الأهل والأقارب أسوة واقتداءً بسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. الحديث يطول حول القيم العظمي والمبادئ والمثل العليا في الحج.. لكن الأهم هو ان نتدبر هذه المعاني ولا نحسبها في أيام معدودات هي أيام النسك وأن نتمثلها في حياتنا في أيام الحج وغير أيام الحج وان يلتزم بها من حجوا الي بيت الله الحرام ومن لم يكتب لهم هذا الشرف.. الأهم هو ألا يكون انتباهنا لهذه القيم والمبادئ والتزامنا بها لحظياً يرتبط بهذه الأيام المحدودة وسرعان ما يعود حالنا الي ما كان عليه من فرقة وتمزق ومشاحنة وأنانية وحصر العبادة في أضيق صورها وأدني درجاتها.. فالاسلام دين عمل وحياة.. دين علاقات ومعاملات داخل المجتمع الواحد وبين المجتمعات بعضها مع بعض. *** وختاماً: قال تعالي: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم". صدق الله العظيم البقرة "256".