* يسأل عماد إبراهيم من المنيا: ونحن نحتفل بميلاد سيدنا عيسي عليه السلام. فهل هناك قاسم مشترك من القيم والاخلاق بما جاء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وسيدنا عيسي عليه السلام؟ ** يجيب الشيخ رسمي عجلان عضو الرابطة العالمية لخريجي الازهر: إن ولادة المسيح عيسي بن مريم "عليه السلام" لعجيبة حقاً بقياس البشر. لكن أي عجب لو تقاس بخلق آدم أبو البشر. هذا الميلاد آية من آيات الرحمن. وصورة من قدرة الكبير المتعال قال تعالي: "إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" "ال عمران: 59" وقد نزلت هذه الآية بسبب وفد نصاري نجران حين أنكروا علي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" قوله: "ان عيسي عبدالله وكلمته" فقالوا: أرنا عبداً خلق من غير أب؟ فقال "صلي الله عليه وسلم": "ادم من كان أبوه؟ اعجبتم من عيسي ليس له أب. فآدم ليس له أب ولا أم". ثم خلق حواء من أب بلا أم. وخلق عيسي من أم بلا أب. ووجه الشبه بينه وبين آدم أن كل منهما خلق من غير أب. وإن كان آدم تميز أنه خلق بيد الله تعالي كما جاء في الحديث النبوي: "أول ما خلق الله تعالي بيديه أربعة القلم والعرش وجنة عدن وآدم أبو البشر". وخلق الله باقي الخلق من أب وأم. وهذه هي الاشكال الاربعة لخلق البشر. فمولد المسيح عيسي "عليه السلام" معجزة إلهية قال تعالي: "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وأويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين" "المؤمنون:50". وقد نص العهد الجديد علي صفة ميلاد السيد المسيح "عليه السلام" فجاء في متي إصحاح "1/18-25": "أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل ان يجتمعا. وجدت حبلي من روح القدس. فيوسف رجلها إذا كان باراً ولم يشأ أن يشهرها- أي أن يفضحها- وأراد تخليتها سراً- أي الانفصال عنها- ولكن فيما هو يتفكر. إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: يا يوسف لاتخف أن تأخذ مريم امرأتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي- هو أشعياء- القائل: هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً. ويدعون اسمه عمانونيل الذي تفسيره "الله معنا". فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب. ولم يعرفها- أي لم يعاشرها معاشرة الازواج- حتي ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع". وجاء ميلاد السيد المسيح "عليه السلام" في القرآن الكريم بنص في أعلي درجات التكريم له ولأمه عليهما السلام: فيبدأ القرآن بذكر ميلاد المسيح "عليه السلام" بعد أن بين حقيقة أمه مريم صاحبة الطهر والعفاف كما قال عنها "صلي الله عليه وسلم" "واكتمل من النساء أربعة. منهن مريم بنت عمران" قال تعالي: "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك وإصطفاك علي نساء العالمين" "ال عمران: 42" ثم ان أثبت المولي عز وجل عفت وطهارة مريم قال تعالي: "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين "45" ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين "46" قالت رب اني يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون "47" "ال عمران:45-47" ثم وصف القرآن حمل السيدة مريم بهذا المولود المبارك ثم دعاها إلي تأمين جسدها بأكل الرطب الجني بعد أن آمنها علي عدم فضيحتها فخرجت علي قومها تحمله فكانت المفاجأة داعية إلي اتهامها. فقالت: إن ميلاده بأمر من الله تعالي. فطلبوها بالدليل. فلم تأت بالشهود بل اشارت إليه ليخبرهم بنفسه. قال تعالي: "فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً "29" قال إني عبدالله أتاني الكتاب وجعلني نبيا "30" وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً "31" وبرا بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا "32" والسلام علي يوم ولدت ويوم أبعث حياً "33" ذلك عيسي ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون" "مريم 29-34". فكان من أعظم معجزات المسيح بعد ولادته من أم بلا زوج انه كلم الناس في المهد- أي وهو طفل وليد- وإن لم تذكر هذه المعجزة في الكتاب المقدس- فقال لهم إني عبدالله ونبيه فلا يفتتن بي أحد. فأنا آية من آيات الله الكبري وسأكون باراً بأمي ولن أكون جباراً ولا شقياً. ثم اختتن المسيح في اليوم الثامن لولادته حسب شريعة موسي كما جاء في إنجيل لوقا "2/21": "ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي وسمي يسوع كما تسمي من الملاك قبل أن تحبل به في البطن" وعندما بلغ أشدة كان حريصاً علي إقامة شعائر شريعة موسي "عليه السلام" أي التوحيد الخالص من الشرك- ولم يمارس النبوة حتي بلغ ثلاثين عاماً من عمره ومدة الرسالة كانت عامين فقط. فقال "عليه السلام" لشعبه: "لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس أو الانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل" متي "5/17" .