ألقي الزميل شريف بنيه كلمة الأنبا إرميا الأسقف العام. رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي مشيراً إلي أنه انتشرت الموجات الإرهابية في العالم الآن وأصبح الكثير من البشر يئن تحت وطأة هذه الظاهرة. وإن كانت تتعدد جوانب مواجهة الإرهاب من جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية. وأمنية. إلا أن المواجهة الفكرية تعد أحد أهم الوسائل التي ينبغي الاهتمام بها وأن نوليها أهمية كبيرة إذ أنها إحدي طرق حماية المجتمع وبصفة خاصة الشباب من الانجراف في هذا التيار المدمر لهم وللمجتمعات والأوطان. فالمواجهة الفكرية دورها: أولاً: تصحيحي: فهي تتصدي للتلاعب الفكري الإرهابي ويؤدي إلي الانصياع خلف ما يحمله الفكر الإرهابي من هدم وتدمير. ثانيا: تعليمي: في أنها تغربل الأفكار الموجودة وتغرس القيم الصحيحة التي تعلمها الأديان التي أتت من أجل رفعة شأن الإنسان. أما عن استيراتيجية المواجهة الفكرية للإرهاب كما يؤكد الأنبا إرميا فهي في اتجاهين: الأول: التحصين والثاني المواجهة. فالتحصين يعادل الوقاية من تأثير الأفكار التي تدعو إلي الإرهاب. واستخدام العنف مع الآخر ويختص بالشباب الذي لم يقع بعد تحت تأثير فكر الجماعات الإرهابية ولكنه يعد هدفاً لهم. وأما المواجهة فهي توضيح الأفكار المغلوطة التي تمثل تطرفاً في الفكر وتبعد عن الوسطية والاعتدال. وهكذا تحمل المواجهة الفكرية للإرهاب في طياتها خططاً قريبة. ومتوسطة وبعيدة المدي. والمواجهة الفكرية تحتاج إلي تكاتف بين المؤسسات الدينية. والإعلام. والوزارات المعنية مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب مع مؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلي تأثير قادة الفكر في مصر. تكامل المؤسسات وطالب الأنبا إرميا أن يتكامل العمل بين جميع هذه المؤسسات في إطار خطة واضحة لتصحيح المفاهيم المغلوطة لدي الكثيرين سواء من داخل الجماعات والتيارات الإرهابية أو خارجها. أما عن دور المؤسسات الدينية فيمكن وضع بعض النقاط في عجالة سريعة: أولاً: التأكيد علي المفاهيم الدينية السامية وتغيير لغة الخطاب الديني التي تؤثر بشكل كبير علي الأسرة كنواة للمجتمع ومنها أن: ** الدين لله والوطن للجميع وأنه لا إكراه في الدين. ** مفهوم العدل. والرحمة والاعتدال. والسلام. وأهميتها في بناء المجتمع وتقدمه ورخاءه مع تقديم الشخصيات الدينية التي صارت نموذجاً يحتذي به. ومن أشهرها الخليفة العادل "عمر بن الخطاب" الذي صار نموذجاً للعدل عبر الأجيال. فقد جاء إلي الخليفة ذات يوم رجل مصري يشتكي لديه والي مصر عمرو بن العاص وابنه. فلما مثل أمامه قال إن ابن الوالي اعتدي عليه دون مبرر. وبدلاً من أن ينصفه الوالي وضعه في السجن لئلا تصل شكواه إلي مسامع الخليفة. وأنه قد استطاع الهرب والحضور اليه لاجئا ولائذاً بعدله. فما كان من الخليفة إلا أن كتب يستدعي الوالي وابنه قائلاً: إذا أتاك كتابي هذا فلتحضر إلي ومعك ابنك. ولما جاءاه. وتحقق من رواية الرجل المصري أعطاه عصاه وأمره الخليفة أن يضرب الوالي. لأنه لولا نفوذه ما استطاع ابنه أن يتجاسر بالاعتداء علي الآخرين ثم وجه الخليفة كلمته الشهيرة إلي الوالي وابنه: "متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!". ولذا أيضا نجد أنه لما أرسل "كسري" ملك الفرس رسولاً إلي الخليفة وجده نائماً في الشمس علي الأرض فوق الرمل واضعاً رأسه علي عصاه التي كانت كوسادة له. فوقف عند رأسه وقال: رجل يهابه جميع الملوك وتكون هذه حاله! ولكنك عدلت فأمنت غمكن يا عمر. تصحيح الأفكار المغلوطة يستطرد الأنبا إرميا قائلا: ثانياً: تصحيح الأفكار المغلوطة عن الآخر من خلال التأكيد علي القيم المشتركة بين الأديان: وفتح مجالات للتعارف والمشاركة معاً من أجل البناء والأمن والسلام. وقد قدم "بيت العائلة المصرية" تجربة رائدة من خلال لجانه التي تعمل معاً. وما قدموه من أنشطة لعدد كبير من الشباب في مؤتمرات تنقلت بين محافظات مصر لتلتقي بعدد كبير من الشباب في إطار ندوات ومحاضرات ومناقشات لزيادة الوعي لدي الشباب المصري. وأيضاً المؤتمرات التي تم عقدها عن الخطاب الديني والتعايش بين أفراد المجتمع المصري من خلال لقاءات عدد كبير من الشيوخ والقساوسة. قاموا بحضور المؤتمرات واللقاءات والندوات وورش العمل في تعايش كامل معاً حتي يمكنهم القيام بنقل خبراتهم الحياتية هذه إلي كافة أفراد المجتمع. ويختم الأنبا إرميا بتأكيده علي أن المواجهة الفكرية. للإرهاب هي سعي نحو السلام الذي ينشده العالم بأسره. ولذا فهو يستحق تكبد كل معاناة وجهد فنحن لدينا دور هام نحو تحقيق السلام الحقيقي. وهو بالفعل يحتاج إلي تفهم وعمل جاد حتي يمكن إقراره. كما أنه يتطلب: حواراً وفهماً عميقاً للآخرين ومحبة قوية لهم كما قيل: "عندما تتغلب قوة الحب علي حب القوة. سيشهد العالم السلام.