أصبحت أسعار قاعات الأفراح الملحقة بمركز الشباب ببورسعيد حديث الأسر والعائلات . ليس فقط لأسعارها المبالغ فيها والتي تتجاوز مبلغ الثلاثين ألف جنية . ولكن للإسراف والتبذير الذي تتعمد بعض العائلات إظهاره بهدف التباهي والتفاخر . بشكل يؤذي مشاعر الفقراء والشباب غير القادرين علي مجرد دخول هذه القاعات .. دون أي وازع من دين أو عرف. حول هذه الظاهرة التي أصبحت تجتاح بورسعيد رغم سوء الأوضاع الاقتصادية وحالة الكساد التي تشهدها المدينة وعدم قدرة الآلاف من الشباب علي توفير تكاليف الزواج .. التقت عقيدتي بعدد من الأئمة والدعاة لتتعرف منهم علي آرائهم حول هذا الموضوع. يقول الشيخ إبراهيم لطفي- المشرف العام لقطاع دمياط ومدن القناة للدعوة والإعلام-: للأسف الشديد المبالغ التي تصرف في الاحتفال بالزواج ببعض القاعات ببورسعيد اليوم يمكن أن تزوج عشرات الشباب. في الوقت الذي يتعمد البعض المغالاة والإسراف والتبذير وعلي حساب آلاف من الفقراء والمساكين الذين يحتاجون لهذه الأموال. ونؤكد أن الله تعالي لا يبارك في زواج أقيم علي هذا الأساس .. لذلك فنحن نطالب اللواء سماح قنديل محافظ بورسعيد بتخصيص مسجد جامع في كل حي لاستقبال عقود القران وفتح القاعات الموجودة بمراكز الشباب والنوادي لحفلات الزواج بأسعار في متناول الشباب. وينتقد الشيخ محمد قوطة - مدير الدعوة - ما يحدث ببعض الأفراح ببورسعيد واصفا إياه بأنه يعد نوعا من أنواع التبذير التي نهي عنها الشرع الحنيف واصفا المبذرين بأنهم إخوان الشياطين . ونحن نطالب هؤلاء بأن يفرحوا وفي نفس الوقت يساعدوا مريضا علي العلاج أو تجهيز فتاة لا تستطيع الزواج بسبب ارتفاع أسعار الجهاز .. ولابد وأن تعود الأسرة البورسعيدية مرة أخري إلي التقاليد القديمة عندما كانت الأسر تبحث عن أخلاقيات العريس وليس علي المستوي المادي والإمكانيات الأخري. لأن طرق الاختيار الجديدة للعريس والعروس أدت لأن تحتل بورسعيد المرتبة الأولي علي مستوي الجمهورية في نسب الطلاق والخُلع . وهذا يؤكد أن هناك خطأ في الأسس والاختيارات التي تقوم عليها عملية الزواج. قلَّة التدين وألمح الشيخ محمود مرعي- إمام المسجد العباسي- إلي أن الإسراف لم يقم بيتا سعيدا ولم يتح الإنجاب لامرأة عاقر . ولعل ما نراه الآن في الأفراح ببورسعيد دليل عملي علي قلة التدين الذي أدي إلي فقد الثقة . والتدين هنا ليس التدين الشكلي ولكن الإيمان فيما عند الله وقد أدي ذلك إلي عدم الثقة في الغد وفي الغير . وأصبحت كل أسرة تسعي لان تقيد العريس بالكثير من القيود والمتطلبات .. وغفل الناس الإيمان بقدر الله وقول احد الصالحين ¢ اقلهن مهرا أكثرهن بركة ¢ ونحن نرفض الإسراف والمبالغة في إنفاق عشرات الآلاف من الجنيهات في قاعات الأفراح . لان هذه المبالغ كفيلة بان تزوج العديد من الشباب إذا تم استغلالها الاستغلال الأمثل. وأشار الشيخ محمد مصطفي- إمام مسجد المجمع الاسلامي- إلي أن الاحتفال بإشهار الزواج أمر شرعي وهو من شروط صحة الزواج وقد علمنا الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أن خير الأمور الوسط ونهانا عن الإسراف في تكاليف الزواج . وأمر أن نشهر الزواج بالدفوف دليلا علي الإشهار .. ولكن ما نراه اليوم من ارتفاع أسعار قاعات الأفراح يرجع لأمر غير محمود ويرجع لتباهي بين العائلات بتكاليف الزواج. وأصبحت هذه الأفراح تعتمد علي التبذير والإسراف في الزواج. وهذا يخلق حالة من الحقد والحسد بين الشباب. أضاف: بورسعيد تحتل المركز الأول علي مستوي الجمهورية في حالات الطلاق واكتظت محكمة الأسرة بآلاف القضايا لأن الكثير من الناس لا يراعي الله لا في الزواج ولا الطلاق. ولا يحسن اختيار الزوج.. ونادرا ما تجد أسرة تطبق حديث النبي ¢إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه¢. الضوابط الشرعية وشدد الشيخ عبد الحليم محمد- إمام مسجد ¢ ذو الجلال والإكرام¢- علي أن دعوة الإسلام صريحة في مدح التوسط والاعتدال. وذم الغلو والإفراط في أمور العادات والعبادات . حيث قال الله تعالي مادحا عباد الرحمن في سورة الفرقان ¢ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ¢ ولمّا سئلت السيدة عائشة عن سير حياة النبي صلي الله عليه وسلم قالت : ¢ ما خُيّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ¢ .. ولعل إشهار النكاح وإقامة الأفراح من الزينة المباحة . وقال تعالي مستنكرا ¢ قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ¢ . إلا أن هذه الزينة يجب أن تنضبط بضابط الشريعة الذي يقوم علي الوسطية في كل شئ . ولهذا نستنكر فعل البعض من أولئك الذين يقومون بتأجير قاعات الأفراح ودور المناسبات بأغلي الأسعار. لأن هذا تبذير منهي عنه بنص قول الله : ¢ ولا تبذر تبذيرا ¢ ونقول لهؤلاء إن الله يحرم التبذير في الإنفاق حتي وإن كنت من أصحاب الأموال . خاصة وان اغلب الشباب الذي يتزوج اليوم مدين للجميع من عمال وصناع وأصدقاء . وهنا لا تجوز الاستدانة إلا في الضروريات لا الكماليات . وتأجير القاعات الفخمة هذه من الكماليات والرفاهية . ونقول لأصحاب القاعات لا تستغلوا حاجة الناس برفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني فظروف الحياة اليوم تُوجِب التعاون لا الاستغلال.