عانينا كما عاني غيرنا في دول المنطقة وفي الكثير من دول العالم أشد المعاناة من موجات التشدد باسم الدين. واقتحام غير المتخصصين لساحات الدعوة والفتوي. وتوظيف الدين لأغراض سياسية. مما جعلنا نقرر وبقوة النأي بالدعوة والفتوي معاً عن أي توظيف سياسي أو صراعات حزبية أو مذهبية. قد تتاجر باسم الدين أو تستغل عاطفة التدين لتحقيق مصالح خاصة حتي لو كان ذلك علي حساب أمننا القومي. والذي لا شك فيه أن أي موجات للتشدد أو العنف أو الإرهاب أو الإسراع في التكفير إنما تنعكس سلباً علي قضايا الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا من جهة. وعلي علاقاته الدولية من جهة أخري. حيث يصبح الخوف من انتقال عدوي التشدد هاجساً كبيراً لدي الأوطان والدول الآمنة المستقرة. في وقت صار العالم فيه قرية واحدة ما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه. وما يكون في شرقه تجد صداه في غربه. بل إن تأثير الجهات الأربع يتداخل ويتوازي ويتقاطع بشدة في ظل معطيات التواصل العصري عبر شبكات التواصل المتعددة التي لم يعد بوسع أحد تفادي أصدائها وتأثيراتها. وقد حذر العلماء من خطورة إطلاق التكفير دون دليل قاطع. فقال الإمام الشوكاني "رحمه الله": إن الحكم علي الرجل المسلم بخروجه من دينه ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار. وفي التأكيد علي خطورة التكفير والتحذير من إطلاقه بدون حق يقول نبينا صلي الله عليه وسلم : "أيما امرئ قال لأخيه يا كافر. فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه". أخرجه البخاري ومسلم. والذي لا شك فيه أيضاً أن روح التسامح والوعي بمقتضيات فقه التعايش من خلال المشتركات الإنسانية والتواصل الحضاري في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب من جهة. وبين الطوائف المتعددة في المجتمع الواحد من جهة أخري. إنما تنعكس إيجاباً علي المصالح العليا للوطن من حيث الأمن والاستقرار. والتقدم والرخاء. بما يؤدي إلي مستقبل أفضل. والرقي إلي مصاف الأمم المتقدمة . غير أن اقتحام غير المتخصصين لعالم الدعوة. وتصدرهم بغير حقرءوساً لمجال الفتوي أدي إلي كثير من الضلال والإضلال والانحراف. وصدق نبينا صلي الله عليه وسلم إذ يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد. ولكن بقبض العلماء. حتي إذا لم يجد الناس عالماً اتخذوا رءوساء جهالاً فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" صحيح البخاري.