قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية". رواه الترمذي وقال النبي - صلي الله عليه وسلم-: "ما أهل مهل قط ولا كبر مكبر قط إلا بُشِّرَ. قيل يا رسول الله: بالجنة؟ قال: نعم". رواه الطبراني لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك". ما أجملها من كلمات وما أروعها من استجابات لرب الأرض والسموات القائل في الآيات البينات " ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " والقائل للخليل إبراهيم "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله.. "ويؤذن إبراهيم عليه السلام بالحج بدون كاميرات تصوير ولا فضائيات تنقل كلامه عبر الأثير. بل وسط صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولا خلائق تسمع النداء. ومع ذلك وصلت الكلمات للأبناء وهم في أصلاب الآباء بقدرة رب الأرض والسماء وترجمت الأيام هذه الحقيقة وأتي الخلائق منذ ذلك الحين ملبين ممتثلين هنا في عرفات رب العالمين. عرفات الله. يوم الحج الأكبر. كما أخبر حفيد إبراهيم: سيد المرسلين عليهما من الله السلام. ونادي ومن معه : لبيك اللهم لبيك فلا نلبي إلا نداءك ولا نستجيب إلا لأمرك لبيك لا شريك لك لبيك. علي عرفات يكرر هذا النداء كل عام وإلي آخر عام.. نعم في هذا المكان وقف سيد الأنام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان بعد أن لبي نداء الرحمن وجمع الجموع من كل مكان خطب وأعلن للعالم كله: حقوق الإنسان الذي كرمه الرحمن وقال للجميع "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" نعم في هذا المكان ختمت الرسالات برسالة الإسلام ونزل أمين وحي السماء علي أمين الأرض بقول الحق جل جلاله: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". نعم في هذا المكان يتنسم أهل الإيمان عبق الإيمان ويشتاقون إلي جنة الرحمن ويطلبون العفو والغفران وحسن الختام نعم في هذا المكان تلتقي الأرض بالسماء ويلتقي الصفا والصفاء وتعلو الآهات وترتفع الدعوات وتتنزل الرحمات ويباهي رب الأرض والسموات ملائكته بضيوفه الأوفياء. ويبكي الشيطان ومن معه من الأولياء ويفوز بالرحمة بحق وصدق من لبي النداء وأفرغ الدمع من عينيه بالبكاء علي ما اقترف من خطايا وبلاء وتاب هنا وأناب وطلب المغفرة من الغفور الوهاب فلا يمكن أن يخرجه الكريم من هناك بدون مغفرة لأنه كريم عظيم وقريب مجيب أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف فقد ورد في صحيح مسلم عن عائشة عن النبي قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة. وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة" فيقول: ما أراد هؤلاء- قال ابنُ عبدُ البر: وهذا يدلُ علي أنهم مغفورى لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران.. والله أعلم.. نسأل الله عز وجل أن يتقبل في هذا اليوم دعواتنا ويغفر لنا ذنوبنا ويكون حجا مبرورا للجميع.. اللهم آمين.