* يسأل محمد إبراهيم الشرقاوي من أبو كبير شرقية؟ ما حكم الشرع في الأموال الناتجة من التجارة في المواد المخدرة وما حكم الشرع في التصدق من هذه الأموال؟ ** يجيب الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق: من الأصول الشرعية في تحريم الأموال قوله تعالي : "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" أي لا يحل لأحدكم أخذ وتناول مال غيره بوجه باطل. كما لا يحل كسب المال عن طريق باطل أي محرم. وأخذ المال أو كسبه بالباطل علي وجهين: الأول: أخذه علي غير مشروع كالسرقة والغصب والخيانة. والآخر أخذه وكسبه بطرق حظرها الشرع مثل القمار والعقود المحرمة. وبيع ما حرم الله للانتفاع به كالميتة والدم والخمر والمخدرات فهذا كله حرام. وترتيباً علي هذا يكون الربح والكسب من أي عمل محرم حرام. وبهذا جاءت الأحاديث الكثيرة عن الرسول صلي الله عليه وسلم . منها قوله: "إن الله حرَّم الخمر وثمنها وحرم الميتة وثمنها وحرم الخنزير وثمنه". هذا أيضاً قال العلامة ابن القيم: "قال جمهور الفقهاء: إذا بيع العنب لمن يعصره خمراً حرم أكل ثمنه. بخلاف ما إذا بيع لمن يأكله. وكذلك السلاح إذا بيع لمن يقاتل به مسلماً حرم أكل ثمنه. وإذا بيع لمن يغزو في سبيل الله فثمنه من الطيبات". وإذا كانت الأعيان التي يحل الانتفاع بها إذا بيعت لمن يستعملها في معصية الله. رأي الفقهاء وهو الحق تحريم ثمنها. بدلالة ما ذكرنا من الأدلة وغيرها. وعليه كان ثمن العين التي لا حل الانتفاع بها كالمخدرات حراماً من باب أولي. ولهذه النصوص نقطع بأن الاتجار في المخدرات محرم وبيعها محرم وثمنها حرام وربحها حرام لا يحل للمسلم تناوله. يدل لذلك قطعاً أن الرسول صلي الله عليه وسلم عندما نزلت آية تحريم الخمر "إنما الخمر والميسر" المائدة الآية: 90. أمر أصحابه بإراقة ما عندهم من خمور ومنعهم من بيعها حتي لغير المسلمين بل إن أحد أصحابه قال: إن عندي خمراً لأيتام فقال له صلي الله عليه وسلم أهرقها" فلو جاز بيعها أو حل الانتفاع بثمنها لأجاز لهذا الصحابي بيع الخمر يملكها الأيتام لإنفاق ثمنها عليهم. وبالنسبة للتصدق من أموال المخدرات في الحديث الشريف الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلي الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالي طيب لا يقبل إلا طيباً. إن الله تعالي أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً" المؤمنون.. الآية: 51. وقال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون" البقرة.. الآية: 172. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلي السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب له وفي الحيدث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه. ولا يتصدق فيقبل منه. ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده في النار. إن الله لا يمحو السييء بالسييء". ولكن يمحو السييء بالحَسَن إن الخبيث لا يمحو الخبيث". وفي الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من كسب مالاً حراماً فتصدق به لم يكن له أجره. وكان أجره "يعني إثمه وعقوبته" عليه.." وفي حديث آخر أنه قال: "من أصاب مالاً من مأثم فوصل به رحمه أو تصدق به أو أنفقه في سبيل الله جمع ذلك جمعاً ثم قذف به في نار جهنم" والحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إذا خرج الحاج حاجاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز "ركاب من جلد" فنادي لبيك اللهم لبيك نادي مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور. وإذا خرج بالنفقة الخبيثة "أي المال الحرام" فوضع رجله في الغرز. فنادي لبيك. ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك. زادك حرام وحجك مأزور غير مبرور". فهذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة قاطعة في أنه لقبول الأعمال الصالحة عند الله من صدقة وحج وعمرة وبناء المساجد وغير هذا من أنواع القربات لابد وأن يكون ما ينفق فيها حلالاً خالصاً لا شبهة فيه.