الإنسان يميل بطبعه إلي التحزب والالتفاف حول من يرضي في نفسه هذه النزعة.. وهذان الأمران متعارضان. فكيف يمكن التقريب بين هذين الأمرين.. وللإجابة عن هذا السؤال أقول إنه يجب أن تكون هناك أسس عامة يلتقي عليها العاملون للإسلام وهذه الأسس تتمثل في أن الوحدة بين المسلمين من الفرائض التي دعا إليها الإسلام وحث أتباعه علي إقامتها بمختلف الوسائل والأساليب وأن خرق هذه الوحدة هدم لهذا الركن من الإسلام يبوء بأثمه من شارك في هدمه وأن من الثوابت في هذا الدين أن يطاع أولو الأمر من الأئمة والعلماء والدعاة والمفكرين والقادة وأن الخروج علي هؤلاء يضر بمصالح الأمة. وأن جميع المسلمين متفقون علي الأصول العامة وهي ما يجعل التنسيق بين العاملين للإسلام أمراً ميسوراً. إن الإسلام نعمة كبري فلا يعقل أن يكون من آثار هذه النعمة الفرقة والتنازع بين المسلمين. وأن الأخطاء التي وقع فيها المسلمون وفي مقدمتها التنازع والاختلاف لم يستفد منها غير أعداء الإسلام وأن الإسلام دعوة عالمية فلا يمكن النهوض بها من خلال الآراء الخاصة والأفكار المحدودة وأن النهضة الكبري إنما تقوم بها الشعوب وأن الآراء الفردية لا يمكن أن تكون أساساً لهذه النهضة وأن المصالح الكبري لخدمة الإسلام والنهوض بشعوبه لابد أن تتقدم علي الأهواء والمصالح الشخصية. وأن الأعمال العامة التي يراد بها النفع العام يباركها الله ويؤيد القائمين عليها بنصره وأن أعداء الحق لن يفوتوا فرصة واحدة يستطيعون من خلالها النيل من الإسلام وشعوبه. هذه الأمور جهلها أو تناساها المسلمون فانقسموا علي أنفسهم وراحوا يتقاتلون رغم أن دعواهم واحدة برغم أن الله حذرهم من ذلك فقال: "ولا تكونوا من المشركين" "من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون" فحققوا بذلك لأعدائهم ما عجز هؤلاء الأعداء عن تحقيقه بقواهم العسكرية علي مدي عدة قرون وهذا القصور في فهم الإسلام من أشد ما ابتلي به المسلمون في تاريخهم الطويل.