* يسأل محمد متولي من الفشن: ما حكم الشرع في صيام يوم عرفة للحاج وغيره؟ ** يقول الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق: رغب الإسلام في الصوم مطلقاً. وأشاد بفضله وثوابه الجزيل في أحاديث كثيرة منها: قال الله عز وجل : "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". والصيام جنة أي: وقاية فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب. فإن سابه أحد. أو قاتله. فليقل: إني صائم. إني صائم. الذي نفس محمد بيده خلوف أي تغير رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.. "للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره. وإذا لقي ربه فرح بصومه". وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة باباً يُقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة. لا يدخل منه أحد غيرهم. فإذا دخلوا أغلق. فلم يدخل منه أحد". كما أوضحت السُنَّة النبوية أن من الصيام ما هو فرض. وما هو مندوب. وما هو مكروه وأن من الصيام المندوب: صوم يوم عرفة لغير الحاج. أي: من لم يكن يعرفه يومها. ومن الأحاديث التي وردت في شأن صوم يوم عرفة وما جاء في فضله ما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم عرفة فقال: "يُكَفِّر السنة الماضية والباقية". وفي رواية الترمذي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "صيام عرفة: إني أحتسب علي الله أن يكِّفر السنة التي بعده والسنة التي قبله". كما نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة لمن كان موجوداً بعرفة. أي: للحاج. فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي عن صومي يوم عرفة بعرفة. قال الحافظ تعليقاً علي هذا الحديث: اختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة فقال ابن عمر: لم يصمه النبي صلي الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان. وأنا لا أصومه. وكان مالك والنووي يختاران الفطر. وكان ابن الزبير وعائشة: يقومان يوم عرفة. وروي ذلك عن عثمان بن أبي العاص. وكان إسحاق يميل إلي الصوم. وكان عطاء يقول: أصوم في الشتاء. ولا أصوم في الصيف. وقال قتادة: لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء. وقال الشافعي: يستحب صوم يوم عرفة لغير الحاج. فأما الحاج فأحب إليَّ أن يفطر لتقويته علي الدعاء. وقال أحمد بن حنبل: إن قدر علي أن يصوم صام. وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلي القوة. أما فقهاء المذاهب الأربعة المشهورة: فيرون أن صوم يوم عرفة لغير الحاج مندوب. أما صوم الحاج فقد اختلفت فيه كلمة الفقهاء: فيري الحنابلة: أنه يندب أن يصوم الحاج يوم عرفة إذا وقف بها ليلاً. ولم يقف بها نهاراً. أما إذا وقف بها نهاراً فيكره له صومه. كما يري فقهاء الحنفية أنه يكره صوم يوم عرفة للحاج إن أضعفه. أما فقهاء الشافعية فيقولون: إن كان الحاج مقيماً بمكة. ثم ذهب إلي عرفة نهاراً فصومه يوم عرفة خلاف الأولي. وإن ذهب إلي عرفة ليلاً فيجوز له الصوم. أما إن كان الحاج مسفراً فيسن له الفطر مطلقاً. ويستفاد من النصوص السابقة. ومن أقوال الفقهاء أن صوم يوم عرفة غير الحاج مندوب رغبت فيه السُنَّة النبوية. أما صومه لحاج فجمهور الفقهاء علي أنه مكروه حتي لا يضعف الحاج من الوقوف بعرفة نهاراً.