في العمل العلمي السليم. بأدواته المعتمدة المعتبرة. يجب إلزاماً فهم المصطلح فهماً محكماً منضبطاً. ولوحظ في غياب فقه المصطلح اعتداء مشين من متعامي أو متغابي أو من جاهل أو متحامل بعدما اختلط الحابل بالنابل. وصارت الأمور عشوائية ضبابية متداخلة دون حدود ولا حواجز. مصطلح "الدين": يطلق لفظ "الدين" لغة علي معان شتي. فهو من قبيل الألفاظ المشتركة واصطلاحاً - عند الإطلاق -: ما شرعه الله - سبحانه - لعباده من أحكام. سواء ما يتصل منها بالعقيدة أو الأحكام العملية أو الأخلاق. قال الله - عز وجل -: "شرع من الدين ما وصي به نوحاً والذي أوحينا إليك" "13: الشوري". مصطلح "الشريعة: لغة: المورد. واصطلاحاً: تطلق علي ما يطلق عليه اسم الشرع. قال الله - جل شأنه: "ثم جعلناك علي شريعة من الأمر فاتبعها" "18: الجاثية". هذا في الفقه التراثي الموروث. ثم أطلقت حالياً علي "الأحكام العملية" - أي ليست علي العقيدة والأخلاق. مصطلح "التشريع": لغة: شرع: أي وضع قانوناً وقواعد. اصطلاحاً: خطاب الله - تعالي - المتعلق بالعباد طلباً أو تخييراً أو وضعاً. قال الله - تقدست صفاته -: "إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين" "57: الأنعام". مصطلح الفقه: لغة الفهم. قال الله - سبحانه وتعالي -: "قالوا ياشعب ما نفقه كثيراً مما تقول" "91: هود". واصطلاحا: 1- لدي علماء الأصول: العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من الأدلة التفصيلية. ويترتب عليه: أن الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بأفعال الحواس والجوارح الظاهرة. والباطنة كالقلب والعقل تدخل في هذا المفهوم. 2- عند الفقهاء: أ" حفظ طائفة من الأحكام الشرعية العملية الواردة في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة. أو وقع الإجماع عليها. أو استنبطت بطريق القياس المعتبر شرعاً. أو بأي دليل آخر يرجع إلي هذه الأدلة. سواء أحفظت هذه الأحكام بأدلتها أم بدونها. ب" مجموعة الأحكام والمسائل الشرعية العملية. مصطلح "اجتهاد": لغة مأخوذ من "الجهد" وهو المشقة أو الوسع أو الطاقة. اصطلاحا: بُدل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ظني. إذا علم هذا: فإن فرقاً يجب الانتباه إليه بين "الشريعة" و"الفقه" فالشريعة لأحكام الشرعية الرئيسية "التكليفية بأنواعها والوضعية - أي ما وضعه الشارع بأقسامها" ويعني ذلك النص الشرعي ابتداء. أما الفقه فهو فهم "النص الشرعي". فالشريعة "نص" و"الفقه" فهم هذا النص. وعليه فالشريعة ثابتة لأنها دليل شرعي. والفقه اجتهاد في فهم هذا الدليل. ويجب التفرقة بين القطعي والظني في الورود والدلالة. فالقطعي في الورود: القرآن الكريم. والسنة المتواترة فقط. والظني في الورود: السنة المشهورة. والآحاد. والقطعي في الدلالة: أصول الدين الحق في الإيمان. والإسلام بمعناه الخاص "الشريعة" والإحسان. الظني في الدلالة: فروع ما سلف في الإيمان "وعلم ذلك العقيدة فهي فهم واجتهاد" وفي الشريعة "وعلم ذلك الفقه" وفي الإحسان "وعلمه الأخلاق". وأهلية الاجتهاد: اشترط أئمة العلم في المجتهد أن يكون مسلماً صحيح الفهم عالماً بمصادر الأحكام من قرآن كريم وسنة نبوية صحيحة. وإجماع وقياس. وبالناسخ منها والمنسوخ. عالماً باللغة العربية وآدابها. عالماً بأصول الفقه. وهذه الشروط للمجتهد المطلق المتصدي للاجتهاد في جميع مسائل الفقه. وبالاستقراء في المجتهدين من جهة طبقاتهم فهم إجمالاً: المجتهدون الكبار: ممن لهم مناهج خاصة في الاجتهاد تأصيلاً وتفريعاً. مثل آئمة المذاهب الفقهية المشهورة المتبوعة: السنية "سادتنا: أبوحنيفة. ومالك. والشافعي. وأحمد. وابن حزم" والشيعية "الإمامية الاثنا عشرية الجعفرية - والزيدية" والإباضية. وآئمة اندثرت مذاهبهم مثل: الأوزاعي بالشام. والليث بن سعد بمصر. والثوري بالعراق. مجتهدون منتسبون: هم كبار تلاميذ هؤلاء الأئمة ويتفقون معهم في الأصول والقواعد. وقد يختلفون في فروع. مجتهدون المذاهب: وهم لا يختلفون مع أئمتهم في أصول ولا فروع. ولكن يخرجون مسائل لم يرد عن الإمام وأصحابه رأي. مجتهدون مرجحون: وهؤلاء يقومون بترجيح بعض روايات الأئمة وفق قواعد كل إمام. طبقة مستدلين: هؤلاء لا يستنبطون ولا يرجحون ولكن يستدلون للأقوال ويوازنون بين الأدلة من غير ترجيح للحكم. وأخيراً: المقلدون: وهؤلاء ليس لهم اجتهاد. وانما عملهم في مجرد النقل وهم علي نوعين: أ" طبقة حفاظ: يعرفون أكثر روايات وأحكام المذهب فقط. ب" متبعون: هؤلاء يتبعون غيرهم في كل ما يتعلق بالمذهب. فلا يستطيعون الترجيح ولا الاستدلال. ولا يميزون - كما قال ابن عابدين بين الغث والسمين. بل يجمعون ما يجدون كحاطب ليل..! وهؤلاء هم "أهل هذا الزمان" يعكفون علي عبارات الكتب. يلتقطون منها. ويكتفون بها وإن لم يكن له دليل قوي!.. ومن أثر هذا التقليد لطبقة "المتبعين" تقديس أقوال السابقين واعتبار أقوالهم حجة سائغة. من غير نظر إلي قوة دليل. ولا صلاحية القول للتطبيق. ومقدار الصلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية. فشاع الأخذ بالرجوع وترك الراجح.