أثارت قرارات الدكتور محمد مختار جمعة . وزير الأوقاف. الخاصة بوضع ضوابط شرعية ودعوية للمساجد ومنح تصاريح الخطابة للأئمة والدعاة. وبعدم الاعتراف بمعاهد إعداد الدعاة التي لا تخضع للإشراف الكامل للوزارة من حيث اختيار العمداء والأساتذة والمناهج والكتب الدراسية حالة من الجدل الشديد. فقد اعتبرها أنها محاولة لتصحيح الخطاب الديني لأن هدفها منع استغلال المساجد والزوايا في الصراع السياسي. وتنقية الدعوة من الدعاة المتطرفين الذين يروجون لخطاب القتل والتحريض علي الحرب والعنف. واسترداد المساجد لدورها في المجتمع من نشر صحيح الإسلام والمنهج الوسطي الأزهري عن طريق دعاة أزهريين متخصصين في الدعوة بينما اعتبرها البعض الآخر محاولة لتصفية الحسابات مع الأئمة التابعين لتيارات الإسلام السياسي وطالت غيرهم من الأئمة الذين يعملون بالدعوة. وهدفها إزاحة المعارضين للسلطة من اعتلاء المنابر. في البداية أكد الدكتور أحمد محمود كريمة. أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر. أن الخطاب الدعوي تعرض لهجمة شرسة استهدفت استغلاله في المصالح السياسية وبث الفتن والصراعات بين أفراد المجتمع. مبينا أن القرار يتفق مع الشرع وسليم من الناحية الشرعية ويعيد للأزهر دوره الدعوي. وقال الدكتور كريمة : إن توظيف المساجد والزوايا لصالح التيارات السياسية ليس في صالح الوطن. لأن الدعوة عانت الكثير بسبب دخول غير المؤهلين مجالها وانتسابهم لمنبر الرسول صلي الله عليه وسلم مما سمح بدخول الخطاب التحريضي والمتطرف والعنيف والمسيس وترويجه بين الناس. واعتبر الدكتور كريمة. أن تدخل الدولة بوضع ضوابط للائمة لاعتلاء منابر المساجد وللزوايا في صلاة الجمعة أمر مطلوب لمنع التطرف ومقاومة استغلال الزوايا في التحريض علي العنف. مشددا علي ضرورة بذل الجهود للارتقاء بالأئمة وتأهيلهم علميا ودعمهم ماديا. ويضيف الدكتور كريمة : يمكن لوزارة الأوقاف الاستعانة بمدرسي المواد الشرعية واللغة العربية بمدارس ومعاهد الأزهر كخطباء في المساجد وتكليف دفعة السنة النهائية من الكليات الشرعية شريعة وقانون وأصول دين والدعوة الإسلامية والدراسات الإسلامية واللغة العربية كخطباء في المساجد والزوايا. مشيرا الي أن الأزهر الشريف لديه 2300 واعظ يمكن لوزارة الأوقاف أن تستعين بهم في المساجد بما يمنع غلق أي مسجد في الجمع. سيطرة الأمن يعارض المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة. عضو هيئة كبار العلماء . أن قرارات وزير الأوقاف هي استنساخ لما كان سائدا في مصر قبل الثورة. موضحا أن موقف الوزارة هو إعادة لتجربة الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي التي استهدفت تجفيف منابع التدين وتحجيم تيار الإسلام السياسي. وقال الدكتور عمارة : إن العقود التي سبقت الثورة شهدت محاولات محمومة لاستيلاء الدولة والأجهزة الأمنية علي المساجد وسيطرة تامة علي الخطاب الديني. مشيرا الي أن القرارات كلها سياسية ولا تستهدف تطوير الخطاب الديني لأن تطوير الخطاب له مجالاته وأدواته المعروفة والتي لا يمكن لأحد أن يجادل فيها بل هو مطلب حيوي يجب علي الدولة أن تبذل فيه جهودا حقيقية. وأضاف الدكتور عمارة : إن القرارات يترتب عليها إلغاء نصف منابر مصر بمنع غير الأزهريين من الخطابة. لافتا الي أن الخطاب الدعوي زاد من تدخل الأجهزة الأمنية قبل الثورة وعمليات تطويره كانت كلها شكلية وتدور في الإطار الأمني فقط والتشدد مع من يقولون بجواز الخروج علي الحاكم. مما أدي إلي تغييب الخطاب الوسطي. حماية للمساجد طالب الدكتور منتصر مجاهد. أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس. بضرورة إبعاد المساجد عن الاختلافات السياسية والصراعات الحزبية. مؤكدا أن البعض يستغل تحت ستار أن الإسلام دين ودولة الخطاب الدعوي والمساجد لترويج مقولات متطرفة وبعيدة تماما عن روح الإسلام وسماحته. وقال الدكتور منتصر : إن الحرية ومنح الدعاة والأئمة القدرة علي توجيه خطابهم للناس وتعليمهم أصول دينهم وتثقيفهم دينيا واجتماعيا يجب أن يقابلها تأهيل جاد وعلمي لهم حتي يتمكنوا من تقديم خطاب دعوي سليم لا يروج لفتن ولا يشيع تطرفاً ومفاسد. موضحا أن الدولة مطالبة بتجديد وتحديث المناهج والمقررات الدراسية للأزهريين بما يتماشي مع مستجدات العصر ومتغيراته. وأيضا تغيير أساليب وأسس التدريس. وأضاف أن إعادة التأهيل الفكري والثقافي للدعاة والأئمة وطلاب الدعوة يحتاج لخطة جادة تعيد للأزهر دوره وريادته. مضيفا أن الأساليب القديمة القائمة علي الحفظ والتلقين لا تؤهل لتخريج دعاة يتمكنون من مخاطبة الناس بلغة يفهمونها ويجعلهم خارج الزمن الذي يموج بمتغيرات كثيرة معقدة. البعد عن التحريض يوضح الدكتور محمد عثمان. أستاذ الدعوة بجامعة الأزهر. أن بعض التيارات تستغل الزوايا في ترويج خطاب تحريضي عنيف وتبث الفتن بين الناس وتساهم في نشر أفكار متطرفة لا تتفق مع سماحة الإسلام ووسطيته. ويقول: إن الفقهاء اتفقوا علي أن صلاة الجمعة تكون في مسجد جامع أو عتيق. مبينا أن فقهاء الشافعية يشترطون لصحة صلاة الجمعة ألا يكون العدد أقل من أربعين فردا. ولذلك فمن الأولي أن تصلي الجمعة في المسجد الجامع. وأضاف: يجوز أن تقام الصلاة في مكان به مجموعة من الزوايا. بحيث يتم اختيار أكبر الزوايا وتقام بها الصلاة بدلا من الزوايا الصغيرة. وقال إنه يجوز التخفيف عن المرضي وكبار السن وأصحاب الحاجات والصلاة في الزوايا الصغيرة إذا كان المسجد الجامع بعيدا عنهم ويسبب مشقة لهم. تجاهل الواقع اعتبر الدكتور ياسر برهامي. نائب رئيس الدعوة السلفية. أن قرارات وزير الأوقاف تستهدف توجيه الخطاب الدعوي في اتجاهات محددة. مؤكدا أن القرارات تتجاهل حقيقة أن المساجد الكبيرة لا تتسع للمصلين في الجمعة مما يضطرهم للصلاة خارج المسجد. وقال الدكتور برهامي : إن عامة أهل العلم أجازوا صلاة الجمعة في المساجد الصغيرة. ولا يوجد أي دليل شرعي علي تحديد مساحة معينة للمسجد. مرفوضة ورفض شريف طه. المتحدث الإعلامي باسم حزب النور. قرارات وزير الأوقاف. واعتبر أن حصر أهلية الدعوة في الأزهريين فقط يتجاهل حقائق كثيرة علي أرض الواقع منها وجود عدد كبير من الدعاة الذين يمارسون الدعوة يمتلكون العلم الشرعي الصحيح ومؤهلون تماما للخطابة ولديهم رصيد شعبي وقبول جماهيري يستند الي التزامهم بالمنهج الوسطي للدين الحنيف. وقال: إن الحرص علي تطوير الخطاب الدعوي يكون بوضع اختبارات كاشفة عن الكفاءة العلمية والأهلية بمعايير علمية ودعوية وليس بمعايير أمنية أو الولاء للسلطة. مضيفا أن المصلين في اغلب مساجد الجمهورية يفترشون الطرقات في صلاة الجمعة واغلاق الكثير من المساجد الفرعية سيزيد من الأزمة ومعاناة الناس. القرار خاطئ ويري الكاتب والإعلامي عادل صبري. رئيس تحرير بوابة الوفد السابق. أن القرار خاطيء ولا يحقق أي تطوير للخطاب الدعوي والديني. مبينا أن الجماهير في أمس الحاجة لمساجد تحقق دورها الدعوي والديني والاجتماعي وتقدم مساهمات حقيقية لتطوير المجتمع والهداية بين الناس. وقال : إن الخلط بين الأمور السياسية وإدخال المساجد والأئمة طرفا في معادلة تصفية الحسابات السياسية ليس في صالح المجتمع. مؤكدا أن كثيراً من المساجد تكتفي بوضع برامج دعوية وفاعليات اجتماعية علي الورق كنوع من ترتيب الملفات في حالة المراجعة من قبل الوزارة ولكن علي أرض الواقع لا تفعل أي شيء وتغلق أبوابها بعد الصلاة مما يدفع الناس الي البحث عن مساجد أخري لديها حرص علي تعليم وتثقيف الناس وتعليمهم بأمور دينهم وتقديم خدمات اجتماعية حقيقية تساهم في تخفيف الأعباء المادية. وحذر عادل صبري . من عودة سيطرة الأجهزة الأمنية علي المساجد والخطاب الديني. مشيرا الي أن البعض تغلب علي شرط المساحة المطلوبة في المساجد بشراء عدة أمتار قليلة وضمها للزاوية وتحول حسب قرار الوزارة لمسجد. ووجود المحاذير الادارية والأمنية لن يحول دون عودة الخطاب المتطرف الذي يمكن مواجهته بالعلم وتطوير الدولة للخطاب الديني وتأهيل الدعاة واجراءات اختبارات حقيقية لهم ومن الممكن استلزام الحصول علي دورات علمية كل فترة وغيرها من المتطلبات. ولكن سيدفع الناس الي عدم الإنفاق والتبرع للمساجد.