لو علم أهل الغرب أن مفاتح عصور الحضارة البشرية قد أشار إليها القرآن ما دعاهم غرورهم أن يصفوا الإسلام جهلا منهم بأنه دين الرجعية والتخلف. فالإسلام حقا هو دين الحضارة. أن البشرية حينما بدأت تعيش عصر الطاقة باكتشاف الفحم الحجري في باطن الأرض وجدت القرآن أمامها يشير إلي ذلك العصر. إن الله قد أنعم علي البشرية بالنار التي تأتي من الشجر ويتضح ذلك من قوله تعالي: - الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُون - "يس:80". إن استخدام الفعل جعل في الآية يشير إلي حدوث عمليات في الشجر الأخضر يتحول بمقتضاها إلي مصادر للطاقة من فحم حجري وغاز طبيعي وبترول. وهذا هو ما توصل إليه علم الجيولوجيا. بل إن القرآن أشار إلي شجرة الطاقة العامة في قوله تعالي: "أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَالَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ " الواقعة: 71- 73 ". وحينما بدأت البشرية تتطلع إلي السفر في السماء. وتوصلت إلي اختراع البالون والطائرات بأنواعها والمكوك الفضائي ومحطات الفضاء. وجدت القرآن قد أشار في إلي ذلك في قوله تعالي: - فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقي - "الانشقاق: 16 -19 ". وحينما توصل العلماء في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلي تفتيت الذرة إلي مكونات دون الذرة كان ذلك إيذانا بعصر جديد اسمه عصر الذرة صاحبه استخدام تفتت الذرة في المجالات السلمية التي تنفع البشر وفي نفس الوقت تستخدم في صناعة أسلحة الدمار الشامل. هنا أيضا نجد القرآن يقدم مفتاح ذلك العصر مخبرا عن وجود ما هو أصغر من الذرة في وقت لم يعرف الناس حقيقة كلمة الذرة. نجد ذلك في قوله تعالي: - وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةي فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابي مُّبِيني - "يونس: 61". وفي غيرها من الآيات. والعالم يحقق الآن ثورة في علم الجينات بعد اكتشاف ما يعرف بالجينوم البشري أو ¢شفرة الحياة¢ والتي لم يعلن عنه إلا في 26 يوليو سنة 2000. وهنا نجد القرآن كاشفا النقاب عن تلك الحقيقة في قوله تعال: - مِن نُّطْفَةي خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ - [عبس: 19]. بل إن القرآن يحذر من العبث بشفرات خلق الله. ويعتبر ذلك عملا شيطانيا. نجد ذل في قوله تعالي وهو يلعن الشيطان علي صنيعه القبيح: - وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً - [النساء: 119]. بل إن القرآن يشير إلي ملامح عصر قادم فيه يصبح الإنسان مغرورا بما قد يحققه من تقانة يشعر معه بأنه ممسك بزمام الأشياء. نجد ذلك في قوله تعالي:- إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّيَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمي يَتَفَكَّرُونَ - "يونس: 24".