حديث الاسلام عن الجنة وما فيها من متع من أكثر القضايا التي يتخذها بعض المغرضين سواء من أنصار التيار العلماني داخل مجتمعاتنا أو في الغرب وسيلة للهجوم علي الاسلام وإثارة الشبهات حوله واتهامه بالاستغراق في الماديات وترسيخ هذه المفاهيم في عقول أتباعه. ورفض الدكتور عبدالحي الفرماوي هذه الشبهة واعتبر ان ترديدها فيه قصور كبير وعدم فهم لحقائق الدين الحنيف وقال ان نعيم الجنة ليس نعيما حسيا جسديا فقط بل هو كذلك نعيم قلبي بالطمأنينة والرضي به سبحانه وتعالي وبجواره. بل ان أعظم نعيم في الجنة علي الاطلاق هر رؤية الرب سبحانه وتعالي. مؤكدا ان أهل الجنة إذا رأوا وجهه الكريم نسوا كل ما كانوا فيه من ألوان النعيم. يقول الله سبحانه وتعالي "للذين أحسنوا الحسنة وزيادة" يونس. فالحسني الجنة والزيادة النظر إلي وجه الله الكريم ويقول الله سبحانه وتعالي "وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة" القيامة. وفي الحديث الصحيح فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب اليهم من النظر إلي ربهم عز وجل. ويوضح ان ما ذكروه من ان دخول الجنة يتحقق بترك محرمات معينة ليفوز الانسان بها في الآخرة هو أيضا خطأ كبير بهذا الاطلاق إذ ان الاسلام دين يأمر بالعمل لا بالترك فقط فلا تحقق النجاة إلا بفعل لمأمورات وليس بترك المنهيات فقط فهو قيام بالواجبات وانتهاء عن المحرمات. مضيفا انه ليس كل نعيم الجنة مما كان محرما في الدنيا علي سبيل المكافأة بل كم في الجنة من النعيم الذي كان مباحا في الدنيا فالزواج مباح هنا وهو نعيم هناك والفواكه الطيبة من الرمان والتين وغيرها مباح هنا وهو من النعيم هناك والأشربة من اللبن والعسل مباح هنا وهو نعيم هناك وهكذا. أضاف ان المفسدة التي تشتمل عليها المحرمات في الدنيا تنتزع منها في الآخرة اذا كانت من نعيم الجنة كالخمر مثلا قال الله سبحانه وتعالي عن خمر الجنة "لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون" فلا تذهب العقل ولا تسبب صداعا ولا مغصا فطبيعتها مختلفة عما هي عليه في الدنيا والمقصود ان نعيم الجنة ليس مقصورا علي اباحة المحرمات الدنيوية ويؤكد ان هناك من المحرمات التي لا يجازي علي تركها في الدنيا بإعطاء نظيرها في الآخرة سواء من ذلك المطعومات أو المشروبات أو الأفعال والأقوال فالسم مثلا لا يكون نعيما في الآخرة مع حرمته في الدنيا وكذا اللواط ونكاح المحارم وغير ذلك لا تباح في الآخرة مع حظرها في الدنيا. مشيرا إلي ان كل ما في الجنة من سررها وفرشها وأكوابها مخالف لما في الدنيا من صنعة العباد وانما دلنا الله بما أراناه من هذا الحاضر علي ما عنده من الغائب وليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يبولون ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس". وذكر ان طعام وشراب أهل الجنة ليس لحاجة البقاء وانما كنوع من المتعة واللذة مكافأة لمن دخلها من الصالحين. موضحا ان انسان الجنة كامل الخلق والتكوين ولكن تركيبته الكيميائية والفيزيائية مختلفة فليس له حاجة بتاتا للجهاز الهضمي بما فيه من أجهزة لمعالجة الطعام والشراب ثم التخلص من الفضلات. يضيف ان معني قوله سبحانه وتعالي "ولهم فيها أزواج مطهرة" البقرة: 21 أي لا يبلن ولا يتغوطن ولا يلدن ولا يحضن ولا يمنين ولا يبصقن وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالي "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر فاقرأوا ان شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين". أكد علي ان هناك نصوصا قاطعة من كتب النصاري علي ان الجنة حسية لديهم مبينا انه ورد علي لسان المسيح عليه السلام بشرب الخمر في ملكوت الله أي الجنة "الحق أقول لكم اني لا اشرب بعد من نتاج الكرمة إلي ذلك اليوم حينما اشربه جديدا في ملكوت الله" "مرقس 14 : 25" فالمسيح وعد تلاميذه بأنه سيشرب الخمر معهم في ملكوت الله الجديد وهذا الملكوت الجديد حسب ما يعتقده المسيحيون سيتحقق بعد أن يدين الله العالم ويحاسبهم في يوم القيامة وهذا النص كاف لبيان حسية الجنة واقامة الحجة علي النصاري. وقال انه ورد في الانجيل علي اشتمال الجنة علي الأكل مثلما جاء في انجيل لوقا "22 : 30" قول المسيح لتلاميذه وأنا جعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتا لتأكلوا وتشربوا علي مائدتي في ملكوتي وتجلسوا علي كراسي تدينون أسباط اسرائيل الاثني عشر.