شيخ الأزهر من مجلس النواب الإندونيسي: تهميش المرأة نتج عن خلط التقاليد بالدين    لتعزيز التعاون.. وفد الجامعة الصينية يتفقد مركز البحوث الزراعية بمصر    رئيس «تجارية الإسكندرية»: مصر أرض الفرص الواعدة يتجاوز سوقها 100 مليون مستهلك تنامى ل3 مليارات مستهلك (صور)    عقوبات أمريكية على إسرائيليين لتورطهم في أعمال عنف ضد المدنيين بالضفة الغربية    استشهاد طفل فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة ميثلون بجنين    مران الأهلي - محاضرة فنية من كولر تحضيرا لمواجهة بيراميدز    عاجل- موعد تحسن الأحوال الجوية في جميع محافظات مصر (التفاصيل)    «الحَمَل» يحقق «التارجت».. 4 أبراج محظوظة في العمل خلال الفترة المقبلة    بحوزته 100 فرش.. تفاصيل سقوط عاطل لحيازته مخدر الحشيش في العجوزة    المراجعة النهائية فى الأحياء وأهم الأسئلة المتوقعة لطلاب الثانوية العامة.. لايف    البرازيلي رافائيل كلاوس حكماً لموقعة الأرجنتين وكولومبيا بنهائي كوبا أمريكا    بعد قليل.. انطلاق مهرجان العلمين بحفل مدحت صالح مع منى الشاذلي    رئيس هيئة قصور الثقافة يكشف خطة المشاركة بمهرجان العلمين    الاحتلال: فشلنا في الدفاع عن مواطنينا يوم 7 أكتوبر ونتائج التحقيقات بعد أشهر    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الإعلام المصرى يقوم بدور كبير فى تغطية أحداث غزة    برنامج الحكومة 2024/2027.. تحسين خصائص السكان يقلل زيادة المواليد..إنفوجراف    الشعب الجمهورى: الحكومة عازمة على تنفيذ سياسات إصلاحية شاملة    سيد البدوي يُعلق على واقعة أثار حزب الوفد - (تفاصيل)    انعقاد لجنة اختيار عميد كلية الآداب بجامعة القناة    تعرف على نتيجة تنسيق الشهادات العربية والأجنبية للالتحاق بجامعة الإسماعيلية الأهلية    "مات وهو بيفطر".. حكاية لاعب غير حياة شوبير وسبب وجوده في الأهلي (صور وفيديو)    كمال حسنين: الدولة المصرية تولي اهتماما خاصا بملف الصناعة    منع فيلم كيفن كوستنر من العرض بعد إخفاق جزئه الأول بالسينمات.. تعرف على التفاصيل    أفضل أدعية يوم الجمعة التي تفتح أبواب الأزراق.. اللّهم صُبّ علينا الخير صبًّا صبًّا    دار الافتاء تجيب.. هل ورد في نصوص إسلامية ما ينهى عن تنظيم النسل؟    عويضة عثمان لقناة الناس: الساحر يكفر بالله ليسخر الشيطان    عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: كلنا محتاجين شعار "إن الله معنا" فى كل أمورنا    محافظ أسيوط: القيادة السياسية كلفتني برعاية وتقديم الخدمات والتسهيلات للمواطنين    إصدار 188 ألف قرار علاج على نفقة الدولة خلال 6 أشهر بالدقهلية    في 5 محاور... تعرف على ملف الخدمات الصحية المقدمة للمرأة والطفل ببرنامج الحكومة    محافظ الطائف يلتقي رئيس نادي العنقاء الرياضي    وزير البترول فى حقل ظهر| بدوى: استدامة الإنتاج وزيادته والتغلب على التحديات    خالد الجندى: الشركة المتحدة فعلت أمرًا له أجر عظيم عند الله (فيديو)    يجب مراعاتها.. 5 أسباب محتملة للشعور بالبرد في فصل الصيف    «حفاظًا على مصلحة موكلتي».. محامي شيرين يرفض التعليق على أزمتها الأخيرة    اغلبيه بالعيال.. أمثلة شعبية خاطئة ساعدت على زيادة السكان    محافظ الدقهلية يتفقد الأسواق والحدائق العامة بجولة مفاجئة بالمنصورة    الأهلي يتعاقد مع الدنماركي ستيفان مادسن لتدريب «رجال اليد»    مجموعة السبع تندد بقرار إسرائيل إضفاء الشرعية على 5 مواقع استيطانية بالضفة    شيخ الأزهر لنائب رئيس إندونيسيا: عالمنا الإسلامي يفتقد إلى تنسيق الجهود    محكمة النقض تنظم ورشة عمل حول قانون العمل الجديد    خاص| نائب ليبي بالبرلمان العربي: نحاول أن تكون هناك قوانين عربية موحدة في دولنا    التضامن تدشن مبادرة «أحسن صاحب» لدمج ذوي الإعاقة    "اللي هقوله هيسببلي مشكلة".. ماذا قال شوبير في ظهوره الأخير قبل الرحيل عن أون سبورت؟ (فيديو)    قطاع الحماية المجتمعية ينظم احتفالية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    الأحد القادم.. جامعة بنها تدشن مبادرة «اتعلم أكتر» بمراكز شباب القليوبية    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسى يدعو لحجب الثقة عن أى حكومة تقودها الجبهة الشعبية    ضبط 400 كجم لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنوفية    العثور على جثة شخص داخل مول تحت الإنشاء ب الدقهلية    بالفيديو|مراسل القاهرة الإخبارية: روسيا ستتخذ إجراءات عسكرية ردًا على تصرفات الناتو    تامر عبد الحميد: وفاة أحمد رفعت رسالة لنا جميعا لنتعظ ونبتعد عن الصراعات    حقيقة العرض القطري لضم أحمد قندوسي وموقف الأهلي ورد اللاعب    جولة منتصف الليل.. محافظ القليوبية يفاجئ مستشفى قها التخصصي    سقوط عنصر إجرامي بحوزته 76 كيلو حشيش وشابو بالقاهرة    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    شقيق أحمد رفعت: ننتظر محاسبة من تسبب في موت شقيقي    وزيرا الثقافة والاتصالات يبحثان تعزيز التعاون المشترك    جنة عليوة: شهد كانت تقصد إيذائي بنسبة 100%.. ولم أعود لممارسة اللعبة حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد عثمان الخشت - أستاذ الأديان والمذاهب ل "عقيدتي ":
مفارقة .. العلمانيون احتكروا الحديث باسم الاستنارة .. ويتهمون الإسلاميين بالظلامية
نشر في عقيدتي يوم 07 - 05 - 2013

يعد الدكتور محمد عثمان الخشت. أستاذ فلسفة الأديان والمذاهب الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب ومدير مركز اللغات الأجنبية والترجمة بجامعة القاهرة. أحد ابرز المفكرين والمحققين المعاصرين. قدم للمكتبة العربية أكثر من خمسين مؤلفا ودراسة محققة في مجالات فلسفة الأديان والفلسفة الحديثة والدراسات المقارنة والسياسية. أبرزها ¢ تطور الأديان ¢. و¢ العقائد الكبري ¢. و¢ المشترك بين الأديان وفلسفات الأخلاق ¢. و¢ حركة الحشاشين ¢. و¢ المجتمع المدني والدولة ¢. و¢ جدلية الدولة العالمية والدولة القومية ¢. و¢ الخطاب الديني وموقفه من قيم وقضايا المجتمع المدني ¢. وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية وحصل علي شهادات تقدير ودروع من جامعات ومؤسسات عالمية. التقيناه وكان هذا الحوار.
* ما هي التحديات التي تواجه الجمهورية الثانية والرئيس مرسي؟
** الجمهورية الثانية في عهد الرئيس مرسي تواجهه مهام وهموم كبري وعقبات مسئول عنها حكامها المعاصرون. وهناك سبعة تحديات أهمها الديمقراطية المزيفة وتغول السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية علي بعضها البعض والفساد في كل القطاعات وانتشار الفقر بمعدلات غير مسبوقة وضعف المجتمع المدني وثقافة التواكل والمركزية البيروقراطية. ويمكن التغلب علي هذه التحديات بآليات محددة بعيدا عن الشعارات الرنانة والاقوال الحماسية التي تتغدد احلام الجماهير بلا افعال علي أرض الواقع فحل مشاكل ممارسة الديمقراطية لا يكون إلا بمزيد من الديمقراطية وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. والمساواة بين المواطنيين. والقضاء علي التمييز ومراكز القوي. وتدعيم سلطة القضاء المستقلة واتخاذ كافة التدابير المضادة للفساد والرشوة والمحسوبية والسمسرة الادارية والتهرب الضريبي وإهدار أموال الدولة لان الخروج من الازمة الاقتصادية يتوقف علي الشفافية وتوفر الادارة الرشيدة للشركات والتطبيق الصارم للقانون لمواجهة الفساد في كل القطاعات. وقيام الحكومة بانتهاج سياسات عملية لمواجهة الفقر مع ضرورة أن يتجه الاصلاح الدستوري نحو مزيد من تأكيد حقوق المواطن ومزيد من الشفافية والقيام باجراءات عملية ضد البيروقراطية والروتين.
حالة الاستقطاب
* ما تفسيرك لحالة الاستقطاب الحادة التي تتصدر المشهد السياسي؟
** الثورة حققت الوحدة والتضامن بين المصريين واوجدت نوعا من التماسك المجتمعي ضد خطر الديكتاتورية والظلم وغياب العدالة وسياسات الافقار التي تعرض لها الشعب. لكن بعد التنحي يوم 11 فبراير. حدث تحول غريب أدي الي خروج المصريين علي إجماعهم وكل تيار أو حزب بدأ يفكر في مصالحه الشخصية فتفرقت الهموم بين ابناء الوطن واصبح هناك حالة من الانفلات الاجتماعي والأمني واستقطاب بين التيارات. وسيادة ثقافة الاخوة الأعداء علي الساحتين السياسية والشعبية. وهي ثقافة الغضب والعصبية والروح القبلية والاستئثار وتغليب المصالح الشخصية والحزبية والفئوية. فضلا عن سياسة الغلبة والتمكين وكلها ممارسات تشكل خطر علي مستقبل الثورة المصرية فاستمرار حالة الانقسام الموجودة بين القوي السياسية والصراعات علي الهموم والمصالح الفردية لن يؤدي لتحقق الثورة أغراضها. فالثورة نجحت لأن الناس التقوا علي هدف واحد. ولن تحقق باقي أهدافها إلا إذا اجتمعوا أيضا علي هدف واحد. وهنا علي الجميع أن يلتزم في تفكيره وتصرفاته وافعاله بفقه الموازنات وفقه الأولويات والتركيز علي الأولويات فعلا. وهي خطوات بمثابة إعادة بناء نظام سياسي جديد للدولة. لتنفيذ تطلعات الناس وآمالهم في الحرية والعدالة والكرامة.
الأزمة الفكرية
* في رأيك ما هي طبيعة الازمة الفكرية التي تتجذر في مجتمعاتنا؟
** مجتمعاتنا تواجه اشكالية خاصة بالفكر المعاصر الذي يعاني من خطر الاستقطاب من طرفين متنازعين. يتمثلان في رؤيتين للغلو أصبح لهما الصوت الأعلي في الجدل الجاري علي مختلف الساحات. وفي العديد من الثقافات. وهما تيار التطرف العلماني وتيار التطرف الديني. إذ يتحدث التيار الأول وكأن الله غير موجود. بينما يتحدث التيار الثاني وكأن الإنسان غير موجود. بمعني أنه ينزع من الإنسان كل فاعلياته ومسئولياته ومواهبه. التيار الأول جعل مرجعيته المادة وقيم القوة وطموحات الفردية. والتيار الثاني يفهم تعاليم الله علي أنها تعاليم شكلية حرفية تتعلق بالظواهر أكثر مما تتعلق بالبواطن. ومن ثم حولها من تعاليم للروح والجسد معا إلي تعاليم طقوسية. وقتل فلسفتها التقدمية من ناحية العدل والروحية من ناحية الاحسان. وكلا التيارين رغم تعارضهما بل وتشاحنهما علي الساحتين الثقافية والسياسية يشتركان في مجموعة من السمات التي تجعل الصراع بينهما صراعا عقيما. هي توهم الاستئثار بالحقيقة. ونفي الآخر. وقصور البصر والبصيرة. وثقافة التسلط. والانغلاق علي نظام قيم معين بصورة نصية. وعدم الرغبة في فتح قنوات للحوار. وازدراء الرؤي المخالفة وتخوينها. وعدم السعي للبحث عن أرضية مشتركة. وهذه كلها ببساطة هي سمات الدوجماطيقية. وهي ليست مذهبا فلسفيا أو دينيا. وإنما هي سمة وطريقة تفكير تتسم بها أي فرقة أو مذهب أو فلسفة تزعم امتلاك الحقيقة المطلقة بشكل شامل. ولا تقر بأنها قد تحتمل شيئا من الخطأ أو النقص. وتقطع بأن ما تحوزه من معارف ومعتقدات لا يقبل النقاش ولا التغيير. حتي وإن تغيرت الظروف التاريخية. أو السياقات المكانية والاجتماعية. فهي إذن مقدسة ومنزهة عن أي نقد.
* وهل معني هذا أنها ازمة تطرف؟
** صحيح ويكمن منشأ التطرف في طبيعة منهج التفكير. فالعقل المتطرف عقل مغلق علي نفسه. عقل ذو بعد واحد. ومن ثم يستحيل عليه أن يري غير أفكاره هو. ويعتبرها ثابتة لا تقبل المناقشة. ومؤكدة بشكل نهائي. وأي تطرف يصاحبه جمود في الفكر أو السياسة أو الدين أو حتي الفن هو ¢دوجماطيقية¢ بلغة الفلسفة.
* وهل الفكر المتطرف قاصر علي مجتمعاتنا فقط أم له وجود في دول العالم بما فيها المتقدم؟
** العقلية ¢المتطرفة¢ الدوجماطيقية الدينية والسياسية والفكرية لا تزال ولا شك موجودة نظريا وعمليا وسياسيا في كل بلدان العالم. بل يمكن القول بأنها تشهد صعودا علي ساحة السياسة الدولية. بفضل النزعة الدوجماطيقية للحزب الجمهوري الأمريكي. وأكبر علامة علي ذلك سيطرة لغة الحرب والاغتيال في حل الصراعات. وحلول لغة البندقية مكان لغة الحوار والتفاوض. وغلبة الرؤية المذهبية للصهيونية المسيحية ذات البعد المقترن بنهاية العالم المحتومة وفق تصورهم وسيناريو هذه النهاية الذي يضع سقفا للتفكير ويفرض حدودا علي العقل. لأن التاريخ إذن يسير وفق اتجاه تلك الحتمية. فلا مجال ابدا للنقاش أو تغيير نظم التفكير.
* نفهم من ذلك ان التطرف ظاهرة ممتدة في كل مظاهر الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية؟
** الدوجماطيقية ليست سمة تلحق بالتطرف الديني وحده. بل هي سمة التطرف العلماني أيضا. وسمة التطرف الحضاري. ولذا نجد الدوجماطيقية كسمة تظهر بوضوح في بعض المواقف الغربية التي تتخذ موقفا معاديا من الحضارات الأخري. وتزعم أن نموذجها الحضاري هو النموذج الأمثل بشكل مطلق. وهي لذلك تعمل جاهدة علي تعميم هذا النموذج من خلال العولمة وترسيخ مفهوم صراع الحضارات الذي تنظر فيه إلي حضارتها كممثلة للمدنية. أما الحضارات الأخري فهي إما بدائية أو بربرية ومن ثم تقف منها موقف التحفظ والتعالي. إن لم يكن العداء والاحتشاد من أجل سحقها وإبادتها.
تيارات التطرف
* وما هي السمات المشتركة بين كل تيارات التطرف سواء في الشرق أو الغرب؟
** تتنوع أصول ومبادئ التطرف بتنوع صوره وأشكاله. وهي أشبه ما تكون بقواعد فخارية لقصر من الرمال. ويمكن أن نطلق عليها مسمي الأساطير المؤسسة للتطرف وتتمثل في اليقين المطلق دون براهين كافية. فالأصل الأول لكل تطرف هو اليقين المطلق الذي تتسم به بعض المعتقدات اعتمادا علي التسليم دون الاستناد إلي براهين يقينية. ودون تمحيص أو تمهيد نقدي للأسس التي تقوم عليها أو حتي إحاطة بعمقها وفلسفتها ومقاصدها كي يتسني الدوران معها مع تغير الظروف. وأيضا التراوح بين قدرة العقل المطلقة وسلطة النص المصمتة. حيث نجد أن من أشكال التطرف الاتجاه الذي يعتمد علي الإيمان المطلق بقدرة العقل علي المعرفة وإمكان الوصول إلي اليقين. وإذا كان مذهب الشك يوصي بالامتناع عن إثبات الحقائق أو نفيها. فإن الدوجماطيقية تري أن العلم الإنساني لا يقف عند حد. وتؤكد قدرة العقل علي المعرفة والتوصل إلي اليقين. ولذا نجد التطرف كسمة تظهر بوضوح في بعض المواقف الغربية التي تتخذ موقفا معاديا من الحضارات الأخري. وتزعم أن نموذجها الحضاري هو النموذج الأمثل بشكل مطلق. وفي المقابل نجد لدي كل التيارات الدوجماطيقية هيمنة للنص المرجعي دون محاولة للتفاعل معه أو تفعيله. ومن سماتها أيضا افتقاد الروح النقدية والسلطة المطلقة للآباء أو الأجداد أو المفكرين والعلماء ويتجلي هذا الأصل في طريقة البعض في تأكيد معتقداته عن طريق دعمها بسلطة الآباء أو الأجداد أو المفكرين أو العلماء أو غيرهم من أصحاب النفوذ المرجعي. وهذه هي طريقة الذين يقولون إن الحق يعرف بالرجال. وبهذا المعني تكون الدوجماطيقية نظرية تقرها السلطة المعرفية - دينية كانت أم علمانية- ويلتزم بها الأعضاء الواقعون تحت هذا السلطة. دون تمحيص أو برهان كاف. وهذا الشكل ذكره القرآن الكريم. وانتقده عندما ذكر حجة الكافرين والمشركين في الدفاع عن عقائدهم الباطلة.
* وماذا عن الرؤية الإسلامية لفكر التطرف؟
** الفكر المغلق المتطرف يرفضه كثير من علماء أصول الفقه الإسلامي الذين يراعون في تفكيرهم المصالح المرسلة. والضرورات. والاستحسان. وظروف العصر. ومن أكبر النماذج الفقهية البارزة لمناهضة ورفض الافكار المنغلقة الإمام الشافعي الذي اختلف مذهبه الفقهي في مصر عن مذهبه القديم في العراق. ومن بين أسباب هذا الاختلاف مراعاة ظروف الزمان والمكان. لكن من جهة أخري يتسم بعض الفقهاء بهذه السمة المغلقة حين يرفضون مراعاة ظروف المكان والزمان. ولا يأخذون بالمصالح المرسلة والاستحسان وغيرهما. وهو ما يحدث حين يغلب التقليد في الفقه علي الاجتهاد. كما نجد الفكر المغلق والمتطرف عند بعض التيارات المتعصبة في علم الكلام وأصول الدين. حيث يعولون علي قدرة العقل التي يزعمون مطلقيتها. ويعطونها الحق في تناول الصفات الإلهية أو لدي الذين يفهمون آيات الصفات فهما تشبيهيا أو تجسيميا استنادا للفهم الظاهري لبعض النصوص. ومن ناحية أخري. فإن من فساد منطق أي فكر الزعم بأن أي تعاليم بشرية هي مبادئ وقواعد مطلقة تصلح لكل زمان ومكان.
وقد اجمع الفقهاء والمفكرين الاسلاميين علي ضرورة نبذ الجمود الأيديولوجي النظري الذي تتسم به الدوجماطيقية التي تعارض التنوع والحوار والتجديد والارتقاء وسنن التغير.
* ولكن البعض خاصة في الغرب يتهم الاسلام بانه ضد التفكير العقلاني ويدعو الي التعصب ورفض الاخر؟
** الإسلام لا يرفض العقلانية بكل أنواعها ومستوياتها. إنه فقط يرفض العقلانية الجذرية أو العقلانية الأصولية إذا جاز التعبير. والتي ترفض أي مصدر للمعرفة غير العقل. لكنه يدعو إلي التعقل المبني علي برهنة محكمة كمرحلة من مراحل التفكير من أجل الوصول إلي الحقيقة. ويتجلي هذا بوضوح في دعوة القرآن الكريم للتفكر. ومخاطبته لأهل العقول. والقرآن نفسه قد سلك طريقة البرهنة المباشرة.
العلمانية والاستنارة
* بالرغم من كل هذا يقدم التيار العلماني نفسه باعتباره حامل لواء الاستنارة في مواجهة قوي الظلام من التيارات الاسلامية؟
** يجب عدم الخلط بين الإسلام كدين في حد ذاته والتيارات الإسلامية. وفي إطار الجدل الديني-العلماني المتصاعد في المشهد الفكري والسياسي نجد أن الطرف العلماني يحتكر الحديث باسم العقلانية والاستنارة والحوار وقبول الاخر. في حين يبدو وكأن الطرف الذي يدافع عن الدور الفعال للدين في المجال العام بدوائره المختلفة يقف موقف التحفظ من العقلانية إن لم يكن العداء لها. وفي حين يرفع الفريق العلماني شعارات الاستنارة ويتهم خصومه بالرجعية والظلامية والدوجماطيقية بل والتمسك بالخرافة. يتهم الفريق المنافح عن الدين معارضيه بالاستهانة بالغيب والوحي وتقديم العقل علي النص. هذا الجدل يحتاج لكسر حلقته المفرغة. ومفهوم العقلانية المختطف من فريق والمضطهد من فريق آخر يحتاج لاستنقاذ.
* كيف يمكن ايقاف هذا الجدل والتطاحن الفكري بين العلمانيين والاسلاميين؟
** البداية تكون بتحليل فلسفي عميق لتاريخ مفهوم العقلانية وتحريره من العلمانية. وبيان أنها ليست ملكا خالصا لها دون سائر الفرق. فالعقلانية ليست مذهب مغلقا يضم فريقا من الأنصار. مثلما الحال مع الماركسية أو الوجودية أو الليبرالية مثلا. بل هي نزعة ومنهج في التفكير تنحو إليه طوائف من المفكرين والفلاسفة. بل وطائفة من الأصوليين والفقهاء والمفسرين. داخل منظوماتهم ومذاهبهم الفكرية أو الفلسفية أو الشرعية. مولين العقل مكانة محورية سواء في نظرية المعرفة أو في فهم العالم. أو في حالة الفلسفة والفقه الإسلامي في تحكيم العقل في فهم الشرع والوحي وتنزيله وتطبيق السنة. وتأصيل بعدهما الإنساني والاجتماعي لتحقيق مصالح الناس. وتحويلهما من وراء سياقهما التاريخي إلي قلب الواقع المتغير. والإسلام يرفض العقلانية المتعصبة للملحدين وغيرهم من الذين جعلوا العقل معصوما لا يخطئ. ومن الذين أنكروا مصادر معرفية أخري. كما يرفض موقف الذين يتسرعون برفض العقائد الدينية استنادا إلي عقل ظني. أو الذين يتسرعون بتأويل العقيدة لتوافق آراء غير يقينية. أو الذين يعتبرون العقل هو الوسيلة الوحيد لمعرفة الحقيقة المطلقة. وفي الوقت نفسه يرفض موقف الذين لا يستخدمون عقولهم ويشبههم بالبهائم. فالتياران الإسلامي والعلماني علي حد سواء يقعان في اشكالية الاستئثار بالحقيقة أو زعم امتلاك الحقيقة. وهذا أخطر ما يكون علي مستقبل مصر. فالتيار الإسلامي ينظر إلي أنصار التيار العلماني علي اعتبار أنهم ¢كفار¢. والتيار العلماني ينظر إلي أنصار التيار الإسلامي علي اعتبار أنهم ¢متطرفون¢ . ومن ثم فقد آن الأوان لتحرير العقلانية من التيارات التي تحتكرها. فليست هي بأي حال مقترنة اقترانا ضروريا بها وجودا وعدما. بل هي سمة للموقف العقلاني سواء انطلق من الواقع أو آمن بالدين.
المرجعيات الدينية
* البعض يري أن الدولة الحديثة لا تعرف المرجعيات الدينية بما فيها المرجعية الاسلامية؟
** نحن نريد دولة مدنية حديثة تقوم علي مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات. والتي تقوم علي الشرعية الديمقراطية التشاركية وفيها الشعب هو مصدر السلطات ولا ينبغي أن نعيد اختراع العجلة. ولدينا نموذج يمكن أن نتامله ونرصد تجربته بدقه وهو النموذج التركي. فهو نموذج رائع للدولة المدنية التي تتحرك من خلفية إسلامية وفيه نوع من الوعي الشديد جدا. فقد استطاع تقديم أفضل وأنجح معادلة حتي الآن للحكم المدني الديمقراطي الذي يتحرك من خلفية إسلامية.
وهل تري في الصراع بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية تهديد لاركان الدولة؟
الصراع المحتدم الان بين السلطتين التنفيذية والقضائية يعرض الوطن كله لخطر كبير ومن الضروري تكريس استقلال القضاء واصلاح المنظومة القضائية بما يقضي علي العدالة البطيئة وابتعاد رجال القضاء عن العمل السياسي.
* وما الدور الذي يمكن للمجتمع المدني أن يلعبه؟
** يجب ان يكون هناك شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع المدني وتبادل الرقابة والنقد والدعم والحماية فالمركزية والبيروقراطية من أكبر معوقات التنمية في مصر. فمؤسسات المجتمع المدني عليها مسئوليات كبيرة تنبع من دورها المحوري في الواقع الذي تعيشه مصر بعد الثورة خاصة في دعم التحول الديمقراطي وحشد الطاقات وزيادة التواصل والوعي ونشر ثقافة المشاركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.