تعقيبا علي ما نشرته عقيدتي في عددها السابق انتقد خبراء الشئون الإسرائيلية الصمت الإسلامي حيال المخطط الصهيوني الساعي لتشويه معاني القرآن مؤكدين ضرورة تضافر الجهود بين المؤسسات الإسلامية وأقسام اللغات العبرية بالجامعات لمواجهة ذلك المخطط الصهيوني الشرس . يقول الدكتور عامر الزناتي الأستاذ في قسم الدراسات الإسرائيلية في جامعة عين شمس. والذي اعد العديد من الدراسات القيمة حول تشويه الدولة العبرية لكل ما هو مسلم. بدءا بالقرآن ومرورا بالسيرة النبوية وحتي الأدب والشعر الإسلاميين.: من خلال الدراسات التي قمت بها حول الترجمات الإسرائيلية للإسلام اكتشفت أن هناك أسلوبا عاما تعتمد عليه الأكاديميات الإسرائيلية لتشويه الإسلام. ولو أخذنا مسألة ترجمة القرآن الكريم إلي العبرية كمثال. فسوف نجد أن اليهود أعدوا خلال تاريخهم كله وحتي القرن العشرين ترجمة عبرية وحيدة للقرآن الكريم بالعبرية. في حين شهد القرن العشرون صدور ثلاث ترجمات. وما زالت هناك نوايا لظهور ترجمات أخري بكل تأكيد. وبقراءة سريعة لما تحتويه هذه الترجمات فسوف نجد أن المترجم اليهودي لم يكن أمينا علي الإطلاق عندما تصدي للترجمة. فأول مترجم يهودي للقرآن إلي العبرية ويدعي ريكندوف حرص علي بتر أي جزء يتعلق بعقاب الله الذي انزله باليهود بعد ارتدادهم عن العهد. وليس هذا فحسب. بل إن ريكندوف حرص في هوامش ترجمته هذه علي المقارنة بشكل فج بين البلاغة اللغوية في التوراة وبين ما زعمه من ضعف في البناء اللغوي للقرآن الكريم. بالإضافة إلي وصفه لما جاء في القرآن علي لسان الرسول صلي الله عليه وسلم بأنه أباطيل مزعومة !! وجهة نظر عدوانية يضيف الدكتور عامر الزناتي: إننا سنكون ساذجين للغاية لو تخيلنا أن المترجم اليهودي الإسرائيلي حتي لو افترضنا انه محايدپ سوف يقوم بإخراج ترجمة صحيحة مائة في المائة. لأن وجهة نظره ورؤيته المسبقة حول الإسلام ستتحكم في عمله شاء هذا أم أبي. ومن أمثلة ذلك أن المترجم اليهودي يوسف ريفلين . الذي تخيل الكثيرون انه محايد لم يستطع عندما أصدر ترجمته التخلي عن وجهة نظره كصهيوني. فحرص علي أن يسبق الترجمة بمقدمة قال فيها إن كل ما جاء في القرآن منقول وبالحرف الواحد من التوراةپ الكتاب المقدس لدي اليهودپ وان رسول الإسلام محمد قام بانتحال القرآن من الكتب السماوية الأخري بالإضافة إلي انتحاله جزءا كبيرا من العصر الجاهلي. وما حدث في الترجمتين الأولي والثانية حدث مع الترجمات العبرية التاليةپ يضيف الزناتيپحيث أوضحت تلك الترجمات وجهة النظر العدوانية لدي اليهود تجاه القرآن الكريم والإسلام بوجه عام. وهناك ترجمة يهودية للقرآن صدرت عام 1933 زعم المترجم الذي صاغها أن القرآن هو التوراة في صورتها العربية. وأن محمدا قام بصياغتها وترجمتها إلي العربية وتقديمها للعرب الأميين علي أنها كتاب مقدس جديد. وفي الترجمة الأخيرة التي أصدرتها جامعة تل أبيب قال المترجم أوري روبين في مقدمة الترجمة: إن العالم يجب أن يدرك معلومة مهمة. وهي أن كل ما نعرفه عن محمد مؤسس الإسلام إنما هي أمور فرضية يحاول المسلمون الإقرار بعكسها علي أساس أنها أمور حقيقية. وينهي الزناتي كلامه قائلا إن النص القرآني نص ثري. لهذا فمن الخطأ كل الخطأ أن نترك اليهود يعبثون به . تصريحات متضاربة ويلتقط الدكتور احمد حماد. رئيس قسم اللغة العبرية في جامعة عين شمس. طرف الحوار قائلا إن عدم حرص الأجهزة المعنية علي مواجهة المحاولات الصهيونية للنيل من الإسلام والمسلمين يعد قصورا ذاتيا من المؤسسات الدعوية الإسلامية في مصر وغيرها من الدول الإسلامية. والمثير للدهشة أن بعض الشخصيات الإسلامية الرسمية يطلقون التصريحات هنا وهناك زاعمين أن سبب عدم التصدي للمخططات الصهيونية يعود إلي عدم استعداد علماء اللغة المسلمين لإنجاز مثل هذا العمل الضخم. والحقيقة غير ذلك تماما. فالمشكلة في المؤسسات الإسلامية ذاتها. والدليل علي ذلك أن مجمع الملك فهد بن عبد العزيز عندما نوي تقديم تفسير للقرآن بالعبرية وجد تعاونا بناء من كل علماء اللغة العبرية في العالمين العربي والإسلامي. والعمل في طريقه إلي الظهور الآن حيث أعكف ومجموعة من زملائي علي مراجعته حاليا. الدكتورة ليلي أبو المجد رئيس قسم الدراسات العبرية بجامعة عين شمسپتؤكد من جانبها أن المسلمين للأسف الشديد تركوا الفرصة لإسرائيل للعبث بنصوص القرآن وتفسيرهاپحسب رؤيتها ومنظورها. وهو ما أدي إلي العديد من الأمور السلبية أهمها وضع اليهود لرؤاهم المشوهة للعديد من المعاني القرآنية وعدم عكسهم لبلاغة القرآن وغزارته الفكرية وعدم تقديمهم ما يعبر حقا عن التعبيرات الدينية التي وردت في القرآن الكريم ووصل الحال إلي تقديم هذا التفسير المشوه للقرآن ومحاولة نشر المفاهيم المغلوطة بين المسلمين أنفسهم بموقع أقرب ما يكون للتبشير باليهودية. ويجب أن نعرف جميعا أن تفسير القرآن بهذه الصورة الإسرائيلية المشوهة لابد أن تواجهه ترجمة أمين باللغة العبرية لمعاني القرآن الكريم بحيث نواجههم بنفس أسلوبهمپمن أصعب الأعمال علي المترجم. فمن الصعوبة بمكان أن تضع النص القرآني ضمن نمط معين حتي يدرك الباحث الإسرائيلي أن القرآن نص مركب ومن المحال اعتباره نصا أدبيا. أما عن ترجمة معاني القرآن إلي العبرية فيقول الدكتور عبدالمقصود باشا الأستاذ بكلية اللغة العربية : إن هناك صعوبة كبيرة في إصدار مثل هذه الترجمة. فالعبرية لغة لها مفرداتها واللغة العربية تمتلك خصائص وإمكانات وصور بلاغية لا تتوافر في اللغات الأخري. بالإضافة إلي أن الدول الإسلامية مشغولة بشؤونها الداخلية ولا وقت لديها للتصدي لهذه المغالطات التي وصلت إلي قمتها عندما أخرجت أمريكا الفرقان الحق وهو مناقض تماما للقرآن الكريم. وزد علي كل هذا عدم توافر مترجمي اللغة العبرية القادرين علي التصدي لهذا الأمر من بلد واحد. ولنا نحن المسلمين عزاء واحد وهو أن الله خير حافظ لكتابه الكريم.