* في رسالة من القارئة سماء.م.ع طالبة بالفرقة الرابعة بكلية التربية جامعة عين شمس تقول فيها: من التقاليد المعروفة أن يتقدم الشاب لخطبة الفتاة التي يطمئن إلي دينها وخلقها ويثق بها.. وقد تتوسم الفتاة خيراً في شاب وتجد أنه مناسب لها فماذا لو بادرت هي بخطبته؟ علماً بأن هذه المبادرة من قبل الفتاة أو أسرتها سلوك جديد علي العادة فما رأي الدين في ذلك؟ * يؤكد الشيخ أحمد رجب الششتاوي إمام وخطيب بأوقاف العبور: أن الزواج لقاء صادق بين الرجل والمرأة من أجل تكوين علاقة شريفة تقوم علي الطهر والعفاف.. وقد جري العرف علي أن يبدأ الرجل بهذه الخطوة التي تعني الإفصاح عن الرغبة في تكوين هذه العلاقة وذلك علي أساس أنه هو الذي يتحمل مسئوليات الزواج ولا يعني هذا إهدار حق من حقوق المرأة وإنما المحافظة علي كرامتها وحياتها الذي هو ثروتها. وقد أعطي الإسلام المرأة الحق في اختيار الزوج الصالح وضرورة الموافقة علي العقد.. ويمكن القول إن الإسلام قد جمع بين الحسنيين. يعطي لها حق اختيار الزوج مع الحفاظ علي كرامتها. ويجوز شرعاً أن يبدي ولي أمر الموكل بأمر الفتاة رغبته في زواج ابنته أو أخته.. من شاب تتوافر فيه سمات الزوج الصالح وهذا ما نستنبطه من قوله تعالي : "وانكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم". فالإسلام يعطي للفتاة حق اختيار شريك حياتها اختياراً مبنياً علي الدين كما ورد في النصوص المقدسة إلا أنه لا يليق للفتاة أن تطلب الارتباط بشخص صراحة وتكلمه هي في هذا الموضوع لأن الحياء يمنعها أن تكون هي الطالبة إذ هي بطبيعتها المطلوبة والمرغوب فيها والرجل هو الذي يطلب دلالة منه علي أنه راغب وأنه مستعد للقيام بمسئولياته في تكوين الأسرة. أما إذا توسمت الفتاة خيراً في فتي معين لدينه وخلقه فعليها أن تدعو الله تعالي أن يوجهه إليها ليطلب يدها أو أن تلفت نظره إليها بطريق غير مباشر بأن تحدث أخته أو أمه حتي يتجه إليها وذلك حفاظاً علي كرامتها. وهذا ما نلتمسه من قصة زواج الرسول صلي الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها فهي التي خطبته لما توسمت فيه من صدق وأمانة إلا أنها أفصحت عن رغبتها في الزواج منه عن طريق غير مباشر حتي لا تخدش حياءها. فلجأت إلي الوسيط الذي ينبهه إليها ويلفته إلي رغبتها في الزواج منه. من القرآن بينما يري الشيخ علي أبوصالح بأوقاف القليوبية: أنه لا مانع من أن تطلب الفتاة الفتي وتخطبه لنفسها فإن رأت الفتاة أن أمامها شاباً أو رجلاً تتوافر فيه صفات الخير ويتحلي بالأخلاق الحميدة فلا مانع من أن تبدي رغبتها فيه إما بمشافهته شخصياً في إطار من الصيانة والعفة والأدب. وإما بواسطة أبيها أو ولي أمرها وهذا أمر لا يمانعه الشرع بدليل أن القرآن الكريم قد ذكر مشهداً نستنبط منه ذلك.. ألا وهو دعوة ابنة شعيب لأبيها أن يستأجر سيدنا موسي عليه الصلاة والسلام لما توسمته فيه من شجاعة وحكمة. فاستنبط الأب من كلام ابنته رغبتها في الزواج منه وعلي هذا طلبه زوجاً لابنته. ويقول الحق تعالي: "قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدي ابنتي هاتين" ثم يضاف إلي ذلك ما ذكره البخاري في صحيحه عن المرأة التي عرضت نفسها علي الرسول صلي الله عليه وسلم وأبدت رغبتها في الزواج منه. إلا أنه لم يرغب في زواجها.. فزوجها لأحد صحابته وكذلك ما روي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما خطب أبا بكر لابنته السيدة حفصة. وخطب وخطب سيدنا عثمان. ولكن الله أراد أن يتزوجها الرسول صلي الله عليه وسلم فعلي هذا يجوز للفتاة الصالحة الراغبة في الزواج من رجل صالح أن تخطبه إلي نفسها أو يخطبه إليها وليها دون حرج.. ولكن يجب علي الفتاة حين تمارس هذا الحق الشرعي أن تحافظ علي عفافها وأن تلتزم بالأدب الإسلامي في علاقتها بالرجل فلا يجوز أن تحدثه عن رغبتها هذه وهي متبرجة أو في خضوع بالقول وتكون في خلوة معه.. كما يجب أن يكون اختيارها اختياراً صائباً ولابد من اكتسابها ما يؤهلها لممارسة هذا الحق الشرعي من نضوج عقلي وإيمان بأن الزواج يقوم علي أساس من القيم والأخلاق والدين.