لقد قال الله تعالي في كتابه الكريم "وان هذه أمتكم أمة واحدة" وهذه الوحدة في الأمة تتمثل أوضح ما تتمثل في وقفة عرفات. حيث تتجمع للأمة وحدتها الشاملة في الزمان والمكان والعمل. فأما الزمان فهو التاسع من ذي الحجة. وأما المكان فهو أرض عرفات. وأما العمل فهو التلبية بالصيغة المعروفة وهي: "لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك" وهو قول يردده المسلمون في كل مكان مع الحجاج في أرض عرفات. ولبيك كلمة مثناه مفردها لبي ومعناها: أجاب وبذلك يكون معني لبيك اجابة بعد اجابة. وهذا من مميزات هذا القول الكريم الذي يعني اجابة الله سبحانه وتعالي أمره القادرين علي أداء مناسك الحج. والحج يجمع المسلمين علي هذا النداء العظيم مرددين اياه في وقت واحد مع حجاج بيت الله الحرام. وقد خدم العلم الاعلامي هذا المنسك حين جمع المسلمين في كل مكان علي التلبية مع حجاج بيت الله الحرام حيث لا تري مسلما في هذا اليوم الا ملبيا مع الحجاج مع انه بعيد عنهم في المكان. ولكنه متحد معهم في الزمان الذي يتمثل في يوم التاسع من ذي الحجة ويتحد معهم في الاجابة حيث يلبي المسلمون في كل مكان مع حجاج بيت الله الحرام. فيقول الجميع بصوت واحد هذه التلبية المباركة التي ينشر الله بها مغفرته علي الحجاج حيث ورد في الحديث القدسي الشريف ان الله يطلع علي عباده في عرفات ويقول لملائكته: "يا ملائكتي انظروا عبادي أتوني شعثاً غبرا أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم" وهذا دليل أكيد علي ان أرض عرفات هي ساحة المغفرة وميدان الرحمة ومجال للعطاء الالهي لعباد الله المؤمنين. فيوم عرفات يوم مبارك أعظم البركة. ويوم العطاء أجزل العطاء لأنه عطاء من الله تعالي مشمول ببركته عز وجل. فعلي المسلمين ان يغتنموا هذا اليوم في تكثيف العبادة والدعاء والطمع في رحمة الله وهو طمع ليس مباحا فقط وانما هو طمع مأمور به لأنه يعني تلبية الدعاء الرباني إلي حج بيت الله الحرام والمشهد الأعظم فيه هو وقفة عرفات التي تجمع الأمة في وحدة شاملة. وندعو الله تعالي ان يتقبل من هؤلاء الواقفين في عرفات. وان يجيب كل الداعين ربهم إلي هذه الوقفة الكريمة بعطاء الله سبحانه وتعالي.