إن درس الصيام يمتد علي طول الزمان بعد انتهاء الشكر الكريم. فالصيام ليس فريضة مرهونة بوقتها وإنما يمتد أثرها كلما امتدت الحياة للإنسان. والدليل علي ذلك الآية الكريمة التي افتتح الله تعالي بها آيات الصيام في سورة البقرة حيث قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون" ونلاحظ في هذا القول الكريم أن الخطاب موجه للذين آمنوا وأن هدف هذه الفريضة هو تحصيل التقوي والتقوي تعني الوقاية. والوقاية لا تكون إلا مما يضر وبهذا يكون الصيام منعاً للإنسان من أن يقترف الإثم. حيث إن الوقاية بالصيام لا تتحصل إلا بكثرة العبادة فيه. وأن تكون هذه العبادة خالصة لله تعالي الذي جعل التقوي هدف الصيام. وإذا كانت التقوي هي هدف الصيام فإنها تكون ممتدة في عمل الإنسان طوال العام حيث يأتي رمضان في عمل الإنسان طوال العام حتي يأتي رمضان جديد تتاح فيه فرصة تأكيد التقوي في الزمن الذي مضي. وإذا كانت التقوي هي الخوف من الله تعالي في كل عمل يقوم به الإنسان والإحساس بأن الله تعالي يري الإنسان في كل تحركاته وسكناته فهي الحصن المنيع الذي يحمي الإنسان العابد من الآثام والذنوب والدليل علي ذلك من السنة النبوية الشريفة ما يروي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من قوله: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب وإن امرؤ سابه أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم". والصيام له بذلك هدف عظيم في الحياة وهو التخلق دائماً بأخلاق الصيام التي لا يكتفي فيها المؤمن برد السيئة بالحسنة وإنما يباشر الحسنة في أعماله كلها وهذا هو المعني المراد من كلمة التقوي في افتتاح آيات الصيام الواردة في سورة البقرة. فالواجب علي المؤمن أن يتخلق بأخلاق الصيام في عامه المقبل حتي يحل به رمضان جديد واثر الصيام للحياة كلها لأن الهدف هو التقوي وتقوي المؤمن ليست خاصة بزمن معين وإنما هي ممتدة معه علي طول الزمان وهي بعد موته تنير قبره وتكون شاهداً له علي الإيمان يوم البعث فعلينا أن نتجمل بآداب الصيام بحيث يمتد اثره ليكون هدفاً لنا في حياتنا كلها والله من وراء القصد هو حسبنا ونعم الوكيل.