الحملات الشرسة ضد التيار الاسلامي لاتنتهي والقاسم المشترك فيها غياب الموضوعية وعدم الانصاف وتسخير وسائل الاعلام بصورة غير مسبوقة لترسيخ فكرة الفزاعة في الاذهان لبث الرعب في المجتمع من فصائل هذا التيار وأطيافه. فالهجوم في عمومه لايحتكم إلي ابعاد فكرية أو ايديولوجية. كما لايدور حول اختلافات في تقديرات سياسية متباينة ومواقف متعارضة. ولكن يغلب عليه الرغبة في التشويه والاقصاء واستئصال كل الروافد الاسلامية النشيطة والفاعلة من الواقع السياسي والاجتماعي في مصر والذي يزكي هذا القول استدامة حملات الاستعداء والاستنفار والتحشيد ضد التيارات الاسلامية ورفض وجودها من الاساس ومحاولة تسفيه رموزها وتحميلها المسئولية عن الفشل الذي حدث طوال الفترة الماضية وادي إلي تعثر الثورة المصرية وتراجعها عن تحقيق أهدافها. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو هل الهجوم علي التيار الاسلامي يستند إلي اسباب جدية تبرره؟ يري الدكتور عبدالفتاح ماضي. أستاذ العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية. أن التيار الاسلامي واجه خلال الفترة الماضية هجوما كاسحا وحالة من الاستقطاب الحاد من أطراف مختلفة. مؤكدا أن تحركات بعض الاسلاميين في مصر شابها الكثير من أوجه القصور والخطأ قبل وبعد ثورة 25 يناير لعل أهمها استمرار الخطاب الملتبس لبعض قادة هذا التيار. وانزلق البعض الآخر إلي التحدث عن قضايا كبري أو خلافية بين الحين والآخر بالرغم ان مصر تعاني من مشكلات الفقر والبطالة وتدهور الصحة والتعليم وارتفاع الدين الداخلي والخارجي وانهيار الاخلاق. ناهيك عن استهداف قوي إقليمية ودولية. انارة الخلافات قال ان الحكمة والسياسة وأولويات المرحلة واحتياجات الناس تقتضي جميعها أن يتوقف الخطاب السياسي للإسلاميين عن اثارة أي قضايا خلافية الآن. والتفرغ نهائيا لمعالجة تلك المشكلات. مضيفا انه كان ينبغي علي التيار الاسلامي ان يبذل مزيدا من الجهود في اتجاه تحديد مواقفه بشكل واضح لصالح الدولة الديمقراطية بمبادئها المتعارف عليها التي لامكان فيها للإقصاء ولا للانفراد بعملية صنع القوانين. واشار إلي ان اشكالية وضع الدستور وما تردد عن انفراد الاسلاميين بوضعه وفرض مواد دستورية بدون التوافق مع الآخرين في البرلمان كانت أحد المعارك التي لم ينجح التيار الاسلامي فيها. معتبراً انه كان يجب التأكيد علي ان الدستور لايوضع بالاغلبية في البرلمان. وانما بالتوافق بين جميع القوي السياسية والمجتمعية. والتأكيد أيضا علي التوافق مع بقية القوي السياسية علي معايير عامة لاختيار أعضاء لجنة وضع الدستور. بما يحقق التمثيل المنصف ويطمئن كافة القوي السياسية بلا استثناء. وقال ان البرامج السياسية لابد من أن تبدأ من مطالب الثورة ومشكلات المجتمع وتنتهي عندها. مبينا انه علي الاحزاب الاسلامية طرح برامج سياسية تشتبك مع الواقع المعاش. وعليهم اختبار مقولاتهم النقدية في الواقع المعاش والكف عن الحديث عن الخير والشر. لفت إلي ان التيار الاسلامي وفي المقدمة منه جماعة الاخوان المسلمين حصل لأول مرة في تاريخه علي شرعية شعبية كأكبر فصيل بالبرلمان. مؤكدا انه لم يستثمر هذا بالشكل الذي يسير به في المسار الامثل. وفقد جزءا من رصيده بعد ان اختار النضال في البرلمان تاركا الميدان لفترة طويلة ليكتشف بعد ذلك ان البرلمان منقوص الصلاحيات طبقا للإعلان الدستوري. وبرغم عودته للميدان مؤخرا. فإن نجاح عملية الانتقال الديمقراطي يتطلب أكثر من هذا. حذر من غياب التوافق الوطني العام بين قوي الثورة. والوقوع في الفخاخ التي تقوم بها جهات داخلية وخارجية وإعلامية بغرض زرع استقطاب سياسي وإيديولوجي بين القوي السياسية الاسلامية والليبرالية واليسارية لإجهاض الثورة بالتدريج. مشيرا إلي ضرورة أن تعاود القوي الاسلامية الالتحام بقوي الثورة. والتوافق معهم علي مطالب موحدة ومسار واحد. وأخذ زمام المبادرة والتقرب من الآخر والعمل علي خلق مظلة وطنية جامعة لكافة القوي الوطنية. وتخلي الجميع عن خطاب الاستقطاب والتوقف نهائيا عن التذكير بالمواقف السابقة والتركيز بشكل مطلق علي المستقبل والمصلحة الوطنية الجامعة. بل وتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة في السنوات الخمس القادمة. ممارسات الانتقالية انتقد الدكتور محمد حبيب. القيادي الاخواني السابق. مواقف التيار الاسلامي بكافة فصائله وانتماءاته من الممارسات التي شابت الفترة الانتقالية وتقع مسئوليتها علي المجلس العسكري باعتباره المسئول عن إدارة شئون البلاد. وقال ان الاسلاميين لم يتعاملوا بجدية كافية مع العديد من القضايا المهمة والتي تعد من أهداف الثورة مثل الصمت أمام استمرار المحاكمات العسكرية والمذابح التي حدثت خلال الشهور الماضية وتسببت في وقوع ضحايا بالعشرات والالف الجرحي فضلا عن التهاون في محاكمات رموز الفساد والنظام السابق. وأضاف ان هذه المواقف تسببت في انفصال التيار الاسلامي عن باقي القوي الوطنية وتراجع شعبيته علي مستوي النخبة من حيث الثقة والمناصرة والتأييد. مشيرا إلي بعض القوي الاسلامية تعاني من الارتباك وفقدان الرؤية الاستراتيجية لطبيعة المرحلة. ويبين ان الهجوم علي الاخوان المسلمين باعتبارهم أكبر فصيل اسلامي سببه تناقض مواقفهم في العديد من المناسبات السياسية خاصة موقفهم من الترشح للرئاسة واعلانهم عدم التقدم بمرشح ثم التحول إلي الترشيح من داخل التنظيم الامر الذي افقد الجماعة المصداقية امام الرأي العام وبالتالي تراجع الشعبية والتقدير والتعاطف معهم. حملة تفزيع استنكر الدكتور هشام كمال. عضو المكتب الاعلامي للجبهة السلفية الهجوم الاعلامي الشرس ضد التيارات الاسلامية. مؤكدا وجود حملة تفزيع متجددة ضد الفكرة والمشروع الاسلامي كله وخاصة التيار الاسلامي الثوري. وقال ان هناك تحالفاً مهولاً يضم حركات واحزاباً واتجاهات سياسية وقوي غير ثورية واصحاب مصالح. مدعوم بتوجه إعلامي ضخم وممنهج للعمل علي تشويه التيار الاسلامي وتنفير الشارع من وجوده. مضيفا ان الشهور الماضية شهدت حملات هجوم حاداً والصاق التهم بالتيارات الاسلامية بحجة الخوف علي مدنية الدولة وسيطرة الاسلاميين علي المشهد السياسي وانفرادهم بالبرلمان ووضع الدستور وغيرها من الاتهامات غير المنصفة والجائرة التي لاتستند إلي أي اساس سوي الرغبة في أقصاء الاسلاميين ومنعهم من التواصل مع الشارع. ورفض سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع الاسلاميين. مشيرا إلي ان الحكم علي الآراء والمواقف والاحوال يجب ان يكون بمعيار وحيد يبتعد عن الاهواء ولغة المصالح. ولكن المؤسف ان التعامل مع التيار الاسلامي لايكون وفق هذا المعيار ودائما ما تقوم الدنيا ولاتقعد عند كل قضية أو موقف يكون الاسلاميين طرفا فيها. وأشار إلي ان نظرة مجردة إلي الاحداث الاخيرة تؤكد غياب الحيدة والازدواجية وعدم معقولية الهجوم علي الاسلاميين. مضيفا انه عندما وقف انصار حازم أبوإسماعيل أمام مجلس الدولة في انتظار قضية الفصل في موضوع الجنسية. اتهموا الاسلاميين بارهاب القضاء. بينما وصفوا وقفة انصار حل الجمعية التأسيسية للدستور الذين وقفوا في نفس اليوم وفي نفس المكان بانها وقفة احتجاجية سلمية. قال ان الحملات المحرضة ضد التيارات الاسلامية اقامت ما تم في مصر عندما فاز الاسلاميون بأغلبية مقاعد البرلمان بحجج عديدة منها الخوف علي الاقتصاد والسياحة لان الاسلاميين علي غير الحقيقة سيحرمون كل شئ. علي حين غضت وسائل الاعلام الطرف عن دعوات حركات وائتلافات ورموز للعصيان المدني رغم خطورة نتائجه علي البلد. وذكر أن التحيز ضد الاسلاميين بلغ اشده عندما صدر حكم مجلس الدولة لصالح حازم صلاح أبوإسماعيل ضد وزارة الداخلية ووزارة الخارجية واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. حيث تم تجاهله وكأنه لم يكن بالمخالفة الصارخة لكافة الاعراف القانونية والدستورية. وفي ذات الوقت نجدهم يقولون عن الحكم بتحويل قرار اللجنة التأسيسية للدستور إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير عنه بأنه حكم تاريخي وانتصار للديمقراطية. وسارعوا للضغط من أجل تكوين لجنة أخري تقصي التيار الاسلامي. وتعجب من حالة الازدواجية التي وصلت إلي حد انكار حق الاسلاميين في استخدام حقهم المشروع في رفض التزوير الفاضح ضد المرشحين الاسلاميين في الانتخابات الرئاسية وقبول طعن بعض الشخصيات المحسوبة علي النظام البائد وتحوم حولها شبهات الفساد. لافتنا إلي ان تحركات الاسلاميين ازاء هذا العدوان علي سيادة القانون والإرادة الشعبية وصفتها الحملات الاعلامية المغرضة بانها خروج علي احكام القانون. والانكي ان هذه الحملات احتفت بالوقفات التي نظمها من يصفونهم بالمبدعين والفنانين عند دار القضاء العالي للاحتجاج علي حكم ضد عادل إمام واعتبرتها دفاع عن الفن وحرية الابداع. وشدد علي أهمية تجرد الاتجاهات الموجودة علي الساحة من ذاتها وأن تتوجه بالعمل في تجاه مصلحة الوطن. وقال ان التيارات الاسلامية اتخذت قرارات سياسية وفق تقديرات معينة وربما يكون هناك بعض الاخطاء التي حدثت بسبب هذه القرارات. ولكن لايجب ان يستغل البعض هذه المواقف للطعن في التيارات الاسلامية وتعمد تشويهها بالزور والبهتان. والتحديات التي تواجهنا جميعا تفرض ان نقف جميعا في خندق واحد. وأن نكون يدا واحدة ضد من يتربص بمصلحة وطننا. لا ان نكون متفرقين كما يخطط لنا.