انتباني غيظ كبير من صورة رجل أمريكي السحنة والجنسية. وهو يحمل بندقيته علي كتفه وقد وضع يده علي "الزناد" وكان هدفه الذي "ينشن عليه" من قريب هو مصحف كريم وضعه مفتوحا علي آياته الكريمة. ثم أطلق النار علي المصحف فتبعثرت ورقاته بعد أن مزقها الرصاص إربا. وانطلقت ضحكات هستيرية صاخبة من ذلك الرجل المعتوه. فرحاً بإصابته هدفه" غير النبيل" مثل أخلاقة غير النبيلة. يومها كتمت غيظي وأشحت بوجهي عن المنظر ولم أشا أن أرسله لمعارفي الغيورين أو أنشره أو أعلق عليه. وقلت في نفسي حالة فردية السكوت عنها أولي من إذاعتها ونشرها. والمصلحة تقتضي وأد تلك الحالة الجنونية النشاز. واستحضرت في عقلي نماذج فردية لا تعبر إلا عن نفسها وتبين عن عنصرية بغيضة لكل ما هو إسلامي. يعرفها الطفل في بطن أمه.. غير أني لم أستطع أن أتخذ الموقف نفسه قبل سنة من الآن وأنا أري معتوها أمريكاً أخر يحرق كتاب الله الكريم وقرآنه المجيد في عنصرية تفوح بالحقد الدفين للإسلام والمسلمين. وعدم سكوتي هذه المرة. كان سببه أن الحاقد الآخر هذا ليس من رعاع الناس بل كان قسا كبيراً ومسئولاً عن كنيسة في "شيكاغو" الامريكية وهو القس "تيري جونز" الذي قام بحرق نسخة من المصحف خلال "محاكمة صورية للإسلام" في شهر مارس من عام 2011. وتدخلت الحكومة الأمريكية بمنع ذلك. حفاظا علي مشاعر الغضب التي يمكن أن تنتاب مسلمي العالم وتؤججها ضد امريكا. وبالفعل كان ذلك مدعاة للهجوم علي مقر الأممالمتحدة في افغانستان. يومها انتابتي حالة من الغليان و"فشيت خلقي" كما يقولون ليس في مقالة مثل هذه تفوح. بل في قصيدة شعرية عنوانها "قس قذر" تقول كلماتها: قس قذر .. شئ نكر عفن غدر.. أفك أشر رام المصاحف تستعر وكتاب ربي ينتحر حرقت يداك في سقر غيظ بدا.. وجه عجر فحش رنا.. بلسان هر سهم نبا.. يبغي القمر ظلمأ رمي.. جرح البدر تعست سهامك ياعثر شلت يمينك يا غدر جف لسانك. بل بتر الخلد باق مع الدهر لكتاب ربي ذي الذكر ثم نسينا كما ننسي كل شئ يمر علينا ويعكر علينا مزاجنا بعد أن يلمزنا ويهمزنا في ثوابت ديننا الحنيف. حتي قام الأفاك الأشر هذا القس نفسه "جونز" بتكرار فعلته مرة ثانية بحرق المصاحف. وحجته هذه المرة احتجاجاً علي اعتقال رجل الدين المسيحي "يوسف نادرخاني" في إيران. القس "اللعين" تدخل فيما لا يعنيه فاعتقال رجل في إيران أيا كان مسلما أو مسيحياً أو يهوديا ليس مبررا بالمرة لحرق كتاب الله في هوس جنوني من رجل دين. يفترض فيه السماحة والهدوء واللين والتعامل مع الناس بالتي هي أحسن. غير أن الرجل لا يمت للدين بصلة بعد أن أحرقه التعصب وأكل كبده. وملأ عليه فؤاده وجعله يتصرف تصرفات الغوغائيين والهمج وسفهاء الناس. الغريب أن الحكومة الامريكية هذه المرة لم تحرك ساكنا كما فعلت في المره الأولي اللهم إلا تحذيرا بث علي استحياء من المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية "البنتاجون" وليام سبيكس الذي قال: "إن القس جونز" يخطط لحرق نسخ من المصحف الشريف. ولم تقدم الحكومة بتحذيره ولا منعه. وقد يكون تخوف أوباما من اثارة الموضوع مرة أخري حتي لا يتعرض للوم الشديد والنقد الأشد من بعض بني جلدته كما فعلها من قبل المرشح للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات "ميت رومني" الذي شن هجوماً عنيفا علي الرئيس باراك أوباما لاعتذاره عن حرق المصاحف في قاعدة أمريكية في افغانستان. وقال: "من غير اللائق أن يقدم رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية اعتذارات". كنت أتابع خبرا علي "ببسي" وسمعتها تشير إلي أن عملية حرق القس للمصحف. لم تحصل علي تغطية إعلامية تذكر في الولاياتالمتحدة. وأعتقد أن هذا الذي خيب ظن القس الذي كان يأمل في تغطية إعلامية موسعة لفعلته المستنكرة. فاستعاض عن ذلك بالنشر عبر "الانترنت".. موضه حرق المصاحف لم تقتصر علي الأراضي الأمريكية فقط. بل شهدت أراض أخري يشرف عليها أمريكيون هذا الحادث الأليم فمثلاً في معتقل "جوانتانامو" من إهانة المصحف الشريف. وقد أكد حدوث ذلك معتقلون بريطانيون وكويتيون وأفغان منذ مدة. ولكن لم ينتشر ويكون له صدي إلا بعد أن نشرت نيوزويك الأمريكية تقريراً حول هذا الموضوع. و بعد الردود الشعبية العنيفة خاصة في أفغانستان والذي خافت الإدارة الأمريكية من أن يكون له أثر سييء علي وجودها هناك. وتكررت الحالة أيضا في قاعة برهام في أفغانستان عندما قام جنود أمريكيون بحرق المصاحف في صورة استفزازية لمشاعر كل مسلم ومسلمة. أما خارج امريكا فكانت الدنمارك التي اشتعلت غيظا علي المقاطعة الإسلامية لمنتجاتها بعد أن أهان رسامها رسول الله صلي الله عليه وسلم فشنت حملة بواسطة رسائل الجوال والإيميل للمجئ إلي الساحة الكبري في العاصمة كوبنهاجن للمشاركة في حرق المصف الشريف. بعد كل هذه الإهانات لكتاب الله أتساءل بحسرة وأعلم أن تساؤلاتي ستذروها الرياح وأقول: من ياتري من مؤسساتنا الإسلامية العريقة والقديمة وما أكثرها في عالمنا الإسلامي ستقوم بخطوة عملية واقعية جريئة غير الاستنكار والشجب الذي تعودنا عليه لمنع هذه " المهاترات" مرة اخري علي أرض أمريكا أو أرض أوروبا. أو علي أي أرض في كون الله؟؟؟. ** آخر الكلام * "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلي الرسول تري أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين * فأثابهم الله بما جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم".. هذه الآيات الكريمات من سورة المائدة. من منكم يقرأها ثم يترجم معانيها علي مسامع القس المتعصب "لعله يتذكر أو يخشي"؟